بعض المحطات الأمريكية تمتنع عن بث برنامج جيمي كيميل رغم عودته إلى إيه بي سي

عودة «جيمي كيميل لايف!» إلى الهواء بعد رفع ديزني التعليق المؤقت، لكن نيكسـتار وسينكلير لا يعيدان البث

أعلنت شركة ديزني، مالكة شبكة ABC التي تبث برنامج «جيمي كيميل لايف!»، مساء الاثنين رفع التعليق الذي كان مفروضاً على البرنامج بعد محادثات بين فريق كيميل وممثلي الشبكة. ومع ذلك، رفض كل من مجموعتي المحطات التابعتين نيكسـتار (Nexstar) وسينكلير (Sinclair) إعادة بث البرنامج الطويل الأمد على محطاتهما المحلية.

تأثير الامتناع عن البث على مدى الوصول

إبقاء البرنامج خارج محطات هذين المالكَين الكبيرَين يقطع شريحة كبيرة من جمهور كيميل. تملك نيكسـتار وسينكلير معاً حوالى 70 من أصل 250 محطة تابعة لشبكة ABC في أنحاء الولايات المتحدة، ما يقلّص انتشار البرنامج ويضعهما في مواجهة مباشرة مع الشبكة.

مصلحة نيكسـتار

أوقفت ABC عرض البرنامج بعد تصريحات لكيميل عن مقتل الناشط المحافظ تشارلي كيرك، وجاء قرار التعليق بعد ساعات من تحذير رئيس لجنة الاتصالات الفدرالية بريندان كار من أن المحطات التي تبث البرنامج قد تتعرّض لغرامات أو حتى لفقدان تراخيصها، داعياً إياها إلى «التحلّي بالمسؤولية». أثارت تصريحات كار ردود فعل متباينة عبر الطيف السياسي، بما في ذلك من حلفاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب؛ فقد وصف السناتور تيد كروز أقوال كار بأنها «خطيرة للغاية»، وأعلن زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ ميتش مكونيل أن كروز «كان مصيباً».

تملك نيكسـتار 23 محطة تابعة لشبكة ABC وتسعى حالياً لإتمام اندماج بقيمة 6.2 مليار دولار مع منافستها تيغنا (Tegna)، صفقة تتطلّب موافقة لجنة الاتصالات الفدرالية. لو تمّت الصفقة، فإن الكيان الموّحد سيصل إلى نحو 80% من الأسر الأمريكية، أي أعلى بكثير من حدّ الملكية الحالي البالغ حوالي 39%، الأمر الذي يستدعي تغيير سياسات؛ ومن المعروف أن كار يدعم رفع هذا الحد.

يقرأ  بيدرو ألمودوبار يدعو رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز إلى قطع كل العلاقات الدبلوماسية والتجارية مع إسرائيل

رأى سيث ستيرن، مدير المناصرة في مؤسسة حرية الصحافة، أن تخلي نيكسـتار عن عرض كيميل من أجل كسب موافقة الاندماج يثبت سبب عدم السماح بمثل هذا الاندماج، إذ إن التكتلات الكبرى تملك نفوذاً هائلاً يمكن أن يُستغل لتقييد حرية التعبير، سواء عبر رقابة ذاتية أو عبر ضغطها على الشبكات.

مدير لجنة الاتصالات أشاد في وقت سابق بقرار نيكسـتار إقصاء البرنامج عن محطات في أسواق مثل سولت ليك سيتي وناشفيل ونيو أورلينز.

حذّر بعض الباحثين من أن ضغط اللجنة على كيميل يرقى إلى سابقة مقلقة. مارغو سوسكا، أستاذة الصحافة والمساءلة والديمقراطية في الجامعة الأمريكية بواشنطن، قالت إن ما يحدث مع كيميل اليوم قد يمتد إلى برامج أخرى مثل «ميت ذا برس» العام المقبل إذا احتاج مالك وسطيّ كبير لإبرام صفقة ما وأعربت الادارة أو مسؤول مثل كار عن عدم رضاهم عن حلقة إخبارية؛ مضيفة أن هذه أيام مظلمة لمحتوى التلفزيون البثي.

قوة أصحاب المحطات التابعة

يشير خبراء الإعلام إلى أن جذور المشكلة تكمن في النفوذ الذي يمارسه أصحاب المحطات التابعة. فالمشغّلون المحليون يرخصون برامج الشبكات ويدفعون رسوماً لقاء النقل، وللانضمام يكون عادة جمهور أكبر وبالتالي إيرادات إعلانية أعلى تُتقاسم بين الشبكات والمحطات. وبإمكان المحطات أن تستبدل برامج الشبكة ببرامج محلية — خاصة أثناء الطوارئ أو المناظرات السياسية.

يقول توم ليتيزيا، مستشار إعلامي ورئيس وكالة الاتصالات السياسية Letizia Agency، إن المحطات يمكنها ببساطة أن تتوقف عن عرض برامج الشبكة لأنها لم تعد تعتمد عليها كما في السابق، مع تزايد توجّه المشاهدين إلى وسائل التواصل والمنصات المرئية حسب الطلب. ويضيف أن المسألة في جوهرها مسألة ربح؛ فالتصنيفات هي شريان حياة المحطة، ومن دونها يصعب فرض أسعار عالية على المعلنين.

يقرأ  عودة بطيئة للاجئين من ألمانيا إلى سوريا — المخاوف لا تزال قائمة

في الأسواق الصغيرة يشكل الإنفاق الإعلاني لأحزاب محلية جزءاً كبيراً من المداخيل، وإذا لم تتوافق المواقف السياسية فقد تُقلص تلك الأموال الإعلانية.

دافعت نيكسـتار عن قرارها بوقف بث كيميل إلى أجل غير مسمى وقالت إنها ستراقب البرنامج عند عودته إلى ABC، ونفت أن يكون القرار نتيجة لضغوط سياسية أو تدخل من إدارة ترامب. وصرّح متحدث باسم الشركة أن قرار الإقصاء اتُخذ بشكل أحادي من قِبل فريقهم التنفيذي ولم يسبق له أي تواصل مع لجنة الاتصالات أو أي جهة حكومية قبل اتخاذه.

موقف سينكلير

قالت شركة سينكلير للبث يوم الاثنين إنها لا تنوي استئناف بث برنامج كيميل على 38 محطة تابعة لشبكة ABC لديها، مفضّلةً بدلاً من ذلك البرامج الإخبارية المحلية. وطالبت الشركة كيميل بالاعتذار و«تقديم تبرّع شخصي مهم لعائلة كيرك ولمؤسسة Turning Point USA» المرتبطة بالمتحدّث المحافظ.

تعرّضت سينكلير منذ زمن لانتقادات لتوجّهاتها المحافظة. أقدَم ديفيد سميث، رئيسها التنفيذي، على التبرّع بمبلغ 250 ألف دولار في 2024 لمؤسسة Turning Point USA عبر مؤسسة عائلية عنوانها هو ذاته عنوان مقر سينكلير، وهو ما أثار تساؤلات حول نزاهة التغطية التحريرية. في 2018، طالبت سينكلير مذيعيها المحليين بقراءة نص ينتقد ما سمّته «التغطية الإعلامية أحادية الجانب»، وهو النص الذي أشاد به ترامب حينها، وجاء ذلك في سياق سعي الشركة لاندماج بقيمة 3.9 مليار دولار مع مجموعة Tribune انتهى بانهياره بعد انسحاب Tribune.

تصف سوسكا سينكلير بأنها منظمة ذات ميل يميني واضح، وعند شرائها محطات محلية تميل التغطية إلى اليمين وتركّز على السياسة الوطنية. وأظهرت دراسة نُشرت في 2019 في مجلة American Political Science Review أن محطات سينكلير تميل إلى الخط التحفظي أكثر من منافساتها في الأسواق نفسها.

يقرأ  هل يمكن للفندق أن يصبح متحفاً للفن المعاصر؟حوار مع القيّمة في ٢١ سي أليس غراي ستايتس

وقالت سينكلير إن «المباحثات مع ABC مستمرة ونحن نقوّم احتمال عودة البرنامج»، لكنها لم ترد على طلب الجزيرة لمزيد من التعليق.

قرار ديزني وإعادة البث

جاء قرار ديزني بإعادة كيميل في ظل ضغط شعبي واسع؛ فقد دعت شخصيات عامة ومسؤولون منتخبون إلى مقاطعة منصات تملكها ديزني مثل Disney+ وESPN وHulu بعد تعليق البرنامج، وأظهرت بيانات غوغل ترندز ارتفاعاً غير مسبوق في عمليات البحث عن إلغاء الاشتراكات بتلك الخدمات مباشرة بعد التعليق.

يجدر بالذكر أن ABC تملك مباشرةً ثماني محطات فقط، منها محطتان في نيويورك وهيوستن، بينما تعتمد بقية المحطات على اتفاقيات الانتساب المحلية. تعرضت محطة WABC في نيويورك لردود فعل سياسية بعدما انسحب المرشح الأوفر حظاً لبلدية المدينة، زهران ممدانى، من مناظرة كانت المحطة ستستضيفها، مُبرِّراً قراره بتعليق شبكة ABC لعرض كيميل.

وقال سوسكا: “الإعلام المرئي تجارة. لا يَخْفى أن إزاحة كيميل عن الشاشة كانت قراراً تجارياً، وإعادته أيضاً قرار تجاري.”

تراجع سهم ديزني بنحو ٢.٧٨ في المئه خلال الأيام الخمسة الماضية.

وقالت لورا كرومبتون، خبيرة الإعلام ورئيسة مكتب وكالة الاتصال العالمية Hopscotch في لوس أنجلوس، إن عرض الثلاثاء قد يمنح البرنامج دفعة في نسب المشاهدة.

وأضافت كرومبتون لـ«الجزيرة»: “حتى الآن بدا أنهم اختاروا تصحيح المسار وإظهار أنهم لن يَرْضخوا للابتزاز أو للتهديدات. لكن لدي إحساس أن القصة لم تُغلق بعد. وإذا أردنا أن نبحث عن جانب إيجابي، فأظن أن عودة كيميل الليلة ستحقق أرقام جمهور قياسية، حتى مع استبعاد نحو 25% من المشاهدين المتضررين من الجمود الإقليمي المستمر. وبصراحة، أعتقد أننا جميعاً مرتاحون لأننا لسنا مضطرين لأخذ الطريق الأخلاقي الأعلى والتخلي الآن عن مسلسلاتنا المفضلة على Disney+.”

ولم ترد ديزني على طلب الجزيرة للتعليق.

أضف تعليق