نيويورك والأمواج الدبلوماسية كيف تستقبل المدينة تدفق قادة العالم في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة

تخيل الأرصفة المكتظة وازدحام السير في شوارع مدينة نيويورك. المارة يتدافعون بجانب بائعي الشوارع وهم يسارعون إلى وجهاتهم، وصراخ صفارات الإنذار يختلط بصرخات أبواق السيارات المفاجئة.

أضف إلى هذا المشهد تدفق قادة العالم والدبلوماسيين، يرافقهم أسراب من الصحفيين والنشطاء وفرق الأمن.

قصص موصى بها

في كل سبتمبر تتحول الجهة الشرقية الصاخبة من ميدتاون مانهاتن إلى أكثر ازدحامًا مع استضافة الجمعية العامة للامم المتحدة. تتحول نيويورك لفترة وجيزة إلى مركز السياسة الدولية حين يحضر الرؤساء ورؤساء الحكومات والأمراء إلى مقر الأمم للتكلم في افتتاح الجلسة العامة.

يأتي هذا العام في ظل مخاوف أمنية مشددة في الولايات المتحدة بعد اغتيال المعلق اليميني تشارلي كيرك، وفي وقت تتزايد فيه الغضب العالمي من فظائع تُرتكب في غزة. تم إغلاق حركة المرور في ثمانية مربعات سكنية تحيط بمجمع الأمم، ما أنشأ منطقة مقيدة لا يسمح بدخولها إلا للمخولين.

تحيط بالمكان مئات—ورُبما آلاف—من عناصر إنفاذ القانون المحليين والفدراليين المسلحين، لضمان ألا يقترب أحد من القمة دون موافقة مسبقة. (صورة: شرطة مسلحة عند نقطة تفتيش قرب مقر الأمم في نيويورك، 23 سبتمبر 2025 — علي حرب/الجزيرة)

بسبب القيود، قال كثير من السكان المحليين للجزيرة إنهم يشعرون بمزيج من اللامبالاة والانزعاج تجاه التجمع السنوي الذي أطلق عليه بشكل غير رسمي «كأس العالم للسياسة». قال أوجور ديكيجي، الذي يدير بائع فواكه مقابل مقر الأمم، إنه قد يبدو أمراً رائعاً أن يزور زعماء العالم حيّك: «لكن عندما تبقى عالقاً في الزحام لساعتين، فهذا ليس ممتعًا»، وأضاف أن الحدث يؤثر سلبًا على تجارته لأن السياح والوفود لا يشترون الخضار والفاكهة بنفس انتظام السكان المحليين الذين قد يمتنعون عن الخروج بسبب الفوضى. ومع ذلك، يرى أن وجود نيويورك كمنصة عالمية يستحق ذلك: «يمكنك التحمل لثلاثة أو أربعة أيام في السنة. لاابأس.»

يقرأ  عباس عراقجي يحذر أوروبا من نهج «متهور» تجاه الاتفاق النووي

«المثل الدولية»

دخول مقر الامم المتحدة أثناء المناظرة العامة يتطلب المرور عبر متاهة من نقاط التفتيش. تُميَّز الوفود والزوار والموظفون والصحفيون ببطاقات وصول مختلفة تسمح لهم بالولوج إلى مناطق محددة—وليس إلى مناطق أخرى. وحتى داخل المجمع، تخضع بعض المباني والطوابق لعمليات تفتيش على غرار المطارات لطبقات متعددة من الأمن.

نهر إيست، الذي يحد المباني الرئيسية الأربع للأمم، لم يسلم من ذلك أيضًا: لا تُرى على الماء سوى زوارق الشرطة وخفر السواحل الأمريكية، نحو اثنتي عشرة زورقًا في أي وقت، فيما تُمنع العبارات والسفن السياحية والتجارية. أعلنت السلطات هذا الممر المائي منطقة أُمنية مغلقة أمام معظم السفن طيلة فترة القمة.

رغم تعقيد الترتيبات الأمنية، تميل الفعالية إلى الانعقاد بسلاسة كل عام. إلا أن هفوات عرضية تحصل؛ فعلى سبيل المثال أوقف موكب الرئيس الأمريكي مسار نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون بينما كان يحاول الوصول إلى سفارة بلاده، وصوّر فيديو قادة فرنسا وهو يتفاوض بلطف مع ضابط شرطة للسماح له ولأعضاء وفده بالمرور. «خمن ماذا؟ أنا أقف في الشارع لأن كل شيء متجمّد من أجلك»، قال ماكرون لاحقًا لترامب في مكالمة هاتفية.

تستضيف نيويورك هذه القمة في نفس المكان منذ أكثر من سبعين عامًا، ويأخذ قادة المدينة فخرًا كبيرًا بذلك. قال عمدة نيويورك إريك آدامز الأسبوع الماضي: «المقر الأيقوني للأمم قرب نهر إيست يبقى رمزًا ليس للسلام فحسب، بل رمزًا للأمل»، وأضاف: «وأنا فخور بكوني عمدة هذه المدينة التي تحتضن هذا الحوار المهم».

غير أن خطاب ترامب أمام الجمعية العامة قلل من شأن المنظمة الدولية وصفها بأنها ليست أكثر من ناقل لـ«كلمات جوفاء». تجمع عشرات المتظاهرين خارج الفعالية لإدانة الرئيس الأمريكي، وقال بول رابن أحد المحتجين إنه يأمل في التذكير بقيم تأسيس الأمم—القيم التي يرى أن ترامب يغمز عليها. «هذه مدينة ناسها من كل أنحاء العالم»، قال عن نيويورك، «والمثل الدولية تتماشى مع قيم المدينة، ونريد أن نفضح من هم ضِدّ القيم التي تأسست عليها الأمم المتحدة والولايات المتحدة.»

يقرأ  إسبانيا والبرتغال واليونان تكافح حرائق الغابات بينما من المتوقع أن تستمر موجة الحر لعدة أيام

أخسر عملي

أما هاري خان، صاحب متجر زاوية قريب، فلم يكن متحمسًا للقمة. قال: «عندما يُغلق الطريق أخسر عملًا. زبائني الدائمون يتجنبون الخروج»، وأضاف أن تدفق السياح لا يعوّض تلك الخسائر. بالرغم من ضخامة الجمعية العامة، يقتصر أثرها على الحي المحيط مباشرة بمنطقة الحظر؛ وفي مدينة ضخمة ومكتظة بالسكان، تبدأ آثار القمة في التلاشي بعد بضعة مربعات من المقر.

مع أن العالم يرقب القمة، يعبر بعض من بين 8.5 مليون ساكن في المدينة عن قلقهم من مشكلات يومية أسبق: أكثر من 18 في المئة من سكان نيويورك يعيشون تحت خط الفقر. مساء الثلاثاء بدا على شابة انزعاج واضح عندما اكتشفت أن موقف حافلتها محاط بالحواجز داخل المنطقة الأمنية، فقالت حين سُئلت عن شعورها بوجود الجمعية في نيويورك: «لأنها توقف المرور، لا أُعيرها اهتمامًا. لا أستطيع الوصول إلى حافلتي للعودة إلى البيت. الآن عليّ أن أجد طريقًا آخر.» لم يُزوَّدني نصٌ لأعيد صياغته أو أترجمه. الرجاء إرسال النص المراد تحويله.