رويترز — أفادت مستشفيات محلية بأن أكثر من ثمانين فلسطينياً قُتلوا برصاص إسرائيلي في أنحاء قطاع غزة يوم الأربعاء، وكان معظم الضحايا في مدينة غزة.
أفاد المسعفون الأوائل أن ضربات أصابت مبنى وخياماً كانت تؤوي عائلات نازحة قرب سوق الفُراس في حي الدرج وسط مدينة غزة خلال الليل، وأسفرت عن مقتل ما لا يقل عن عشرين شخصاً من بينهم نساء وأطفال.
وقالت قوات الجيش الإسرائيلي إنها استهدفت مقاتلين من حماس وأن أرقام الضحايا لا تتطابق مع معلوماتها الخاصة، فيما واصلت دباباتها وقواتها تقدمها إلى قلب المدينة، التي تصفها إسرائيل بأنها المعقل الأخير لحركة حماس.
وأكدت القيادة العسكرية أن الهجوم البري يهدف إلى تأمين إطلاق سراح الرهائن المحتجزين لدى حماس وضمان “هزيمة حاسمة” للحركة.
فرّ حتى الآن مئات الآلاف من سكان أكبر مركز حضري في غزة، حيث أكدت جهة تابعة للأمم المتحدة الشهر الماضي حدوث مجاعة. ومع ذلك لا يزال مئات الآلاف عالقين في ظروف إنسانية بالغة السوء، مع انهيار خدمات الرعاية الصحية والخدمات الأساسية الأخرى.
في تطور منفصل، قال المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف إن الرئيس دونالد ترمب عرض “خطة سلام من 21 نقطة للشرق الأوسط وغزة” على مجموعة من القادة العرب والمسلمين على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك الثلاثاء. ولم يفصح ويتكوف عن تفاصيل الخطة، لكنه قال إنها تتناول “مخاوف إسرائيل وكذلك مخاوف جميع الجيران في المنطقة” وأضاف: “نأمل، وربما أقول إننا واثقون، أنه في الأيام المقبلة سنتمكن من الإعلان عن نوع من الاختراق”.
أفادت مستشفايات المدينة بعد ظهر الأربعاء بأنها استلمت جثث أكثر من ستين قتيلاً جراء الغارات والنيران منذ منتصف الليل. وقالت وكالة الدفاع المدني التابعة لحماس إن ثلث الوفيات كان نتيجة ضربة إسرائيلية على مستودع يأوي نازحين قرب سوق الفُراس، وأن بين الضحايا ست نساء وتسعة أطفال.
يُمنع الصحفيون الدوليون، بمن فيهم مراسو البي بي سي، من دخول غزة بشكل مستقل وفق قيود إسرائيلية، ما يصعّب التحقق من الأنباء على نحو مستقل. ومع ذلك، أظهر شريط فيديو من مكان الحادث أشخاصاً يخرجون جثة ملفوفة ببطانية من تحت أنقاض مبنى مدمر.
قال محمد حجاج، الذي فقد أقارب له بينهم قتلى، لوكالة فرانس برس إن الموقع تعرّض “لقصف عنيف” أثناء نوم الناس: “جئنا فإذا بنا نرى أطفالاً ونساء ممزقين، كان منظراً مؤلماً”.
نُقلت جثث القتلى القريبين من سوق الفُراس إلى مستشفى الأهلي، وأظهرت صور أخرى أشخاصاً ينوحون إلى جانب ست جثث على الأقل مغطاة بالأكفان البيضاء وأكياس بلاستيكية موضوعة على الأرض خارج المستشفى. وقالت السيدة طَلا الديب إن أربعة من هذه الجثث تعود لزوج أختها وطفلين لهما، إضافة إلى والد زوج أختها.
عند طلب تعليق، قالت قوات الدفاع الإسرائيلية إنها “استهدفت إرهابييْن من حماس” وأضافت: “الجيش الإسرائيلي على دراية بمزاعم بشأن وقوع إصابات في المنطقة، غير أن عدد الضحايا لا يتوافق مع المعلومات المتوفرة لدى الجيش”.
أبلغ شهود رؤساء بأن دبابات إسرائيلية شوهدت في جنوب غرب تل الهوى وشمال غرب الرمال. وقال الهلال الأحمر الفلسطيني إن آليات عسكرية إسرائيلية تمركزت خارج مستشفى القدس في تل الهوى، وإن محطة الأكسجين الخاصة بالمستشفى تضررت وأُخرجت من الخدمة نتيجة إطلاق نار إسرائيلي. فيما قال الجيش إن “لا ضربة مباشرة وُجهت نحو المستشفى” وأن ملابسات الحادث قيد المراجعة.
أصدر الجيش أيضاً لقطات جوية قال إنها تُظهر مقاتلي حماس يطلقون النار من داخل مجمع مستشفى الشفاء في منطقة الرمال قبل أيام، فيما نقلت رويترز عن مسؤول أمني في حماس قوله إن “عصابات إجرامية” أطلقت النار على المستشفى من خارجه.
خلال زيارة لمدينة غزة الأربعاء، قال رئيس الأركان الإسرائيلي لواء أيل زامير إن الجيش “يعمل في قطاع غزة بعدد كبير من القوات، مع تركيز على ضرب مدينة غزة لتهيئة الظروف لإطلاق سراح الرهائن ولتحقيق هزيمة حاسمة لحماس”. وأوضح أن “معظم سكان غزة قد غادروا مدينة غزة بالفعل، ونحن نحركهم جنوباً لسلامتهم” ودعا سكان غزة إلى “الانتفاض والانفكاك عن حماس — فهي المسؤولة عن معاناتكم. ستنتهي الحرب والمعاناة إذا أطلقت حماس سراح الرهائن وسلمت أسلحتها.”
حذّر الجناح العسكري لحماس من أن توسيع عمليات الجيش في مدينة غزة سيعرض حياة 48 رهينة متبقين للخطر، يعتقد أن نحو 20 منهم على قيد الحياة. ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن الجيش قوله إن نحو 700 ألف من السكان نزحوا إلى جنوب غزة منذ إعلان خطط الهجوم الشهر الماضي. غير أن الأمم المتحدة وشركاءها الإنسانيين قالوا إنهم راقبوا فقط عبور 339,600 شخص إلى الجنوب حتى يوم الثلاثاء، وحذّروا سابقاً من أن “المنطقة الإنسانية” المعلنة من قبل إسرائيل للنزحين في المواسي مكتظة وغير آمنة.
قال منير صقر، من سكان مدينة غزة، إنه حاول التوجه جنوباً من حي الشيخ رضوان مع زوجته وأطفاله وشقيقته يوم الثلاثاء، وأضاف: “دبابات على طريق الساحل… فتحت النار علينا، وقُتلت أختي”، وأنهم الآن في مستشفى الشفاء ولن يرحلوا “حتى لو قتلونا جميعاً”.
أدانت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان تكتيكات الجيش في مدينة غزة، مشيرةً إلى زيادة حادة في أعداد المدنيين الذين يُقتلون في الهجمات الإسرائيلية واستهداف البنى التحتية المدنية وتدمير المنازل، ما يجعل من المحتمل أن يكون النزوح دائماً. وانتقدت كذلك تصريحات ومسؤولين إسرائيليين، بمن فيهم وزير الدفاع إسرائيل كاتس، التي هددت بتدمير مدينة غزة إذا لم تمتثل حماس لمطالب إسرائيل، ووصفت هذه الخطاب والتكتيكات بأنها تهدف إلى بث الرعب والضغط على المدنيين لمغادرة شمال غزة.
أطلق الجيش الإسرائيلي حملته في غزة رداً على هجوم قادته حماس على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر 2023، الذي أسفر عن مقتل نحو 1200 شخص وأسر 251 آخرين. ووفقاً لوزارة الصحة في القطاع، فقد قُتل ما لا يقل عن 65,419 شخصاً في الهجمات الإسرائيلية منذ ذلك الحين.