كم ستدفع مقابل فنّ طفلك؟
طرحت روضة أسترالية هذا السؤال على عشرات العائلات هذا الأسبوع حين طالبتهم بدفع 2,200 دولار أسترالي (نحو 1,000 جنيه إسترليني؛ 1,400 دولار أميركي) مقابل الحصول على ملفّ مختار يضمّ اعمال طفلهم الفنية.
احتوت الملفات على سدادات عشوائية وبقع ألوان، إلى جانب لقطات سعيدة للأطفال—”البيكاسو الصغار”— وهم يبدعون أعمالاً لا يقدّرها إلا الوالدان.
وُصفت المبادرة بأنها حملة لجمع التبرعات، وقالت الروضة، التي تعاني من ديون، إن الأموال ستُستخدم لسدّ قائمة طويلة من الفواتير المتأخّرة، بما في ذلك أجور العاملين التي لم تُدفع.
أُغلقت روضة ومركز Craigslea Community Kindergarten and Preschool في بريسبان الشهر الماضي بعد توقّف التمويل في ظل تحقيقات تتعلّق بمزاعم عن سوء الحوكمة.
لكن هذا الطلب الغريب أثار غضباً واسعاً في كوينزلاند؛ حيث وصف رئيس الولاية الأمر بأنه «ابتزاز عاطفي»، وتدخّلت الجهات الرقابية، وفي رواية مثيرة زُعم أن أحد الأهل ذهب إلى حدّ اقتحام الروضة ليلاً لاستعادة مجموعة أعمال طفله.
كيف سارت الأحداث
تكوّنت الأزمة على مدار أشهر — تصاعدت التوترات بين إدارة الروضة وأولياء الأمور خلال العام الجاري. المركز يديره المجتمع المحلي ويتبع إحدى أكبر مقدمي رعاية الأطفال في الولاية، جمعية الحضانة والروضة (C&K). بينما تساعد الجمعية في توزيع التمويل الحكومي، كانت إدارة الشؤون اليومية للمركز بيد لجنة متطوّعة من الأهالي وأفراد المجتمع.
انتهت اللجنة الشهر الماضي استقالةً جماعية لرئيسها ونائبه والأمين، بحسب تقرير لصحيفة Brisbane Times، تاركة أمور المركز بيد أمين الصندوق توماس دوسوزا الذي تولّى القيادة. الإدارة الجديدة قامت بتسريح موظفين وتعيين آخرين مؤقّتین، مما دفع العديد من الأهالي إلى سحب أطفالهم من المركز.
قدّم الأهالي شكاوى تفيد بأن السيد دوسوزا هو العضو الوحيد في اللجنة—وهو ما نفاه—فأوقفت C&K التمويل إلى حين انتهاء التحقيقات في كيفية إدارة المركز.
في ليلة الأحد وصلت رسائل إلى صناديق بريد العائلات من إدارة الروضة تريد أن تردّ على «أسابيع مضطربة»؛ بحسب برنامج A Current Affair على شبكة Nine. قالت الرسالة: «حان دورنا للتحدث». وفي توضيح طويل أكدت الإدارة أن المركز غير قادر على سداد ديونه وأنه دخل تحت إدارة طوعية.
بعد ساعات جاءت رسالة ثانية تكشف عن خطة لبيع ملفات الأعمال الفنية للأطفال بمبالغ تُقدَّر بالآلاف، وطلبت من أي ولي أمر يعترض أن يردّ عبر البريد الإلكتروني. ترك الطلب أحد الأهالي، بروك، في حالة من الصدمة: «هذا أمر سخيف، لا أجد كلمات لوصفه»، قالت ذلك لبرنامج A Current Affair. وأضافت أنها حين قررت استلام الأعمال من دون دفعٍ أبلغ المركز الشرطة.
قالت شرطة كوينزلاند لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) إنها تلقّت بلاغات عن ما يُشتبه أنه اقتحام ليلي للمركز قبل نحو أسبوعين وتحقّق في الأمر، وإنه ليس واضحاً إن كان البلاغ مرتبطاً بحادثة بروك بالذات. إدارة الروضة لم ترد على طلبات التعليق من البي بي سي.
أثار الموقف ردود فعل عامة غاضبة، ففي وسائل التواصل عبّر آلاف الناس عن استنكارهم، ووصف رئيس وزراء الولاية الطلب بأنه «خارج عن الروح الأسترالية» و«خاطئ على كثير من المستويات». قال ديفيد كريزافولي عن أعمال أطفالِهِ اليدوية المبكّرة: «لم أَرَ قط بيكاسّوات تعود إلى البيت، لكن لها معنى بالنسبة لكم. لنُعطِ الأطفال لوحاتهم بالأصابع ونمضي في حياتنا».
من جهتها، طمأنت وزارة التربية الأهالي يوم الأربعاء بأن لديهم حقاً قانونياً في الاطلاع على أعمال أطفالهم. وقال متحدث باسم الوزارة إن «لوائح خدمات التعليم والرعاية الوطنية تتيح للأهل طلب مستندات معيّنة تتعلّق بأطفالهم، وعلى المزود المعتمد تَوفير هذه المستندات عند الطلب».
لاحقاً أكدت وزارة التربية وجمعية C&K أنهما أطلقا عملية استرداد ناجحة واستعيدا مجموعات الأطفال من الروضة. وقالت متحدثة باسم C&K لهيئة الإذاعة البريطانية: «C&K تعترف بأهمية هذه الملفات وتدِين بكل وضوح أي ممارسة تقضي بفرض رسوم على الأهالي مقابل ملفات أطفالهم». وأضافت: «هذه السجلات المهمة متاحة الآن للأسر لاستلامها».
بالنسبة لهؤلاء الأهالي، أصبحت فنون أطفالهم الآن لا تُقدَّر بثمن ومتاحة مجاناً.