المحاكمة في توقيت حساس
أُعيد إلى مولدوفا الملياردير الهارب والمثير للجدل فلاديمير بلاغوتنيك (59 عامًا) قادمًا من اليونان، ليواجه محاكمة تتعلق بأكبر فضيحة مالية شهدتها البلاد، وفق ما نقلت وكالة الأنباء ومصادر إعلامية محلية. وصل إلى كيشيناو يوم الخميس تحت إجراءات أمنية مشددة بعدما وجهت إليه اتهامات بالضلوع في اختفاء نحو مليار دولار من البنوك المولدوفية عام 2014، وهي عملية يُشار إليها محليًا بـ«سرقة القرن» وشكلت حينها ما يقارب 12% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.
الاعتقال والتسليم
أوقف بلاغوتنيك في مطار أثينا في يوليو بموجب إشعار أحمر صادر عن الإنتربول أثناء محاولته السفر إلى دبي، حسبما أعلنت السلطات اليونانية. وظل محتجزًا في اليونان نحو شهرين قبل تسليمه إلى المسؤولين في مولدوفا.
الخلفية السياسية والإجراءات القانونية
كان بلاغوتنيك يُعتبر لفترة طويلة الشخصية الأقوى داخل الحزب الديمقراطي في مولدوفا، ونفى مرارًا ارتكابه لأي مخالفات كما قاوم طلبات تسليمه. ومن المتوقع أن يمثل أمام محكمة كيشيناو في 26 سبتمبر. وتواجهه اتهامات بالاحتيال وغسل الأموال والانتماء إلى جريمة منظمة، وتعد معركته القانونية محور تغطية إعلامية واسعة في بلد يتهيأ لانتخابات حاسمة.
التحركات الدولية والعقوبات
هرب بلاغوتنيك من مولدوفا عام 2019 بينما كانت تجري عدة تحقيقات ضده، من بينها قضية الاحتيال البنكي. عاش لاحقًا فترة في الولايات المتحدة وطلب اللجوء هناك، لكن طلبه رُفض في نهاية المطاف، وفي يناير 2020 جُمدت تأشيرته الأمريكية بعد أن اتهمه وزير الخارجية آنذاك مايك بومبيو بالفساد الذي «قوض استقلال المؤسسات الديمقراطية في مولدوفا». فرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة عقوبات عليه متهمين إياه بمحاولات زعزعة الاستقرار في السياسة المولدوفية وإضعاف سيادة القانون.
سياق الانتخابات ومخاوف التدخّل الروسي
تأتي عودة هذا الرجل في وقت بالغ الحساسية قبيل الانتخابات البرلمانية المقررة في 28 سبتمبر، التي تُعدُّ خيارًا محوريًا بين مزيد من التقارب مع الاتحاد الأوروبي أو تحوّل نحو موسكو. تُتهم بلاغوتنيك سابقًا بالتحرك لصالح مصالح روسية، مما يضيف بعدًا سياسياً حادًا لتوقيته.
قبضات أمنية وتهم بالتخطيط لشغب جماهيري
في وقت سابق من هذا الأسبوع، اعتقلت السلطات مولدوفا نحو 74 شخصًا في إطار تحقيق بزعم التخطيط لـ«شغب جماهيري» واسع النطاق، بعد تنفيذ أكثر من 250 مداهمة على مستوى البلاد. قالت الشرطة إن عمليات التفتيش مرتبطة بقضية جنائية حول التحضير لاضطرابات جماهيرية وعمليات زعزعة استقرار «نسقت من روسيا عبر عناصر إجرامية»، وفق بيانها. واتهمت رئيسة الجمهورية الموالية للغرب، مايا ساندو، الكرملين بضخ «مئات الملايين من اليوروات» في محاولة للتأثير على نتائج الاقتراع، ووصفت الاقتراع بأنه الأهم في تاريخ البلاد الحديث.
تداعيات محتملة
من المتوقع أن تهيمن محاكمة بلاغوتنيك على المشهد السياسي والإعلامي في الأيام القليلة المقبلة، مع مخاوف من زيادة الانقسام الداخلي وتصاعد الاتهامات بالتدخل الخارجي، بينما يتجه الناخبون لاختيار مسار البلاد المستقبلي بين محاورٍ دولية متباينة.