جَنَّةٌ كاريبيّةٌ في قلبِ برلين

برلين — تحوّل «ويلتو والشجيرة المقدّسة» صالة العرض العلوية في مقر مبادرة سبور ببرلين إلى حديقة كاريبيّة نابضة وغير منضبطة. بدلاً من تقليد وجودية الحديقة حرفياً، تعرض المعرض أعمال فنّية معاصرة تتبنّى منطقًا زراعيًا وممارسةً للرعاية والعلائق. يتجوّل الزوار بين تنصيبات متعدد الوسائط وتشاركيّة تتأسّس على كوزمولوجيات الشعوب الأصلية والشتات وانعكاسات الذاكرة الأجدادية ورؤى مستقبلية تعاونية. في مدخل الجاليري الأوّل يتعرّف المشاهدون عبر فيلم قصير بعنوان «بيرماكتيفي» (2025) إلى ممارسات جمعية مقرّها مارتينيق تهتم بزراعة الغذاء كأداة مساعدة متبادلة. تُمكّن هذه الجمعية الشباب وتجهّزهم لمواجهة حالة عدم اليقين البيئي عبر مبادئ الزراعة الدائمة — وقبل كلّ شيء عبر ممارسة العناية المتبادلة بالأشخاص والأرض كصيغة للصمود أمام الكوارث الإيكولوجية.

حديقة بيرماكتيفي هي إحدى المصادر التي تغذّي مخزون البذور والنباتات في عمل آنيلي ديفيس «إيماءة استرداد» (2025). أمثلة نباتية مضغوطة من الساحل الشمالي الغربي لمارتينيق، مثل بصل البلوبي، المريمية الهندية والغزلان البحري، تُشكّل هرباريومًا جداريًا رقيق الجمال وعميق الجذور التاريخية. فقد تشكّلت نباتات مارتينيق في ظلّ إرث استعماري فرنسي واقتصادات المزارع الكبرى، التي أدّت إلى إتلاف نباتاتٍ أصيلة لإفساح المجال لمحاصيل نقدية مثل قصب السكر.

تحت الاستعمار استُخدمت علم النبات كسلاح إمبريالي للاعتداء على التنوع الحيوي وأنماط الحياة الأفرو-أصلية. يُعدّ «سان نو»—تنصيب بيئي لأوريلي ديرار وماوونغاني بالشراكة مع مجموعة Mycelionaires—بمثابة إيماءة استعادة. أوعية وزجاجات بتري وحزم من مادّة عضوية تقبع داخل خزانة زجاجية تتوهّج في ركن المعرض كمذبح منير. إنها بيت زجاجي-مختبر مُعدّ لتنشيط الميسليوم؛ الذي يبدأ من أبواغ قبل أن يتطوّر إلى شبكة من الخيوث عندما تُتاح له الرطوبة والأكسجين والمواد المغذية والدفء بالمقادير المناسبة. يحمل هذا الفطر ثقلًا فلسفيًا كرمز للشبكات اللامركزية، والنشاط القاعدي، والتضامن، والدعم المتبادل. كما أن للفطريات خصائص تجديدية قادرة على تحلّل السّموم وإصلاح النُّظم البيئية المتضرّرة — ما يجعلها مجازًا بيئيًا للرؤى المناهضة للاستعمار والعدالة المناخية. واسم «سان نو» المشتق من الكريول المارتينيقي يعني «لنا» أو «خاصّتنا»، ويستحضر أيضًا تقليدًا أفريقيًا-شتاتيًا لحمامات نباتية طقسية تُدعى bain démarré، تُستخدم للتطهير والحماية وإعادة الضبط. هكذا يتحوّل كلّ من الميسليوم وـ bain démarré إلى استعارة لطرد الأذى وتجديد الحياة.

يقرأ  باكستان تهزم سريلانكا بخمسة ويكيت مباراة من دور «السوبر فورز» في كأس آسيا — أخبار الكريكيت

تتقاطع الكوزمولوجيات الأفرو-أصلية، والمعرفة الأجدادية للنباتات، والجماليات التشاركيّة في مركز المعرض، حيث يطّلّ رسم جداري على أرضية سبّورة طباشيريّة يدعُو الزوّار لكتابة ملاحظاتهم. رسم إيزامبرت دوريفو «فيدجي باول» (2025) يصور قيم لا سوتي، طريقة زراعية جماعية تشجّع التضامن والجرأة والروابط الأسرية والتواضع والمحبّة. مُستلهمةً من تقاليد الكاريبي في الزراعة كفعل توقير جماعي، تُشجَّع الحضور على الكتابة والرسم كتعابير شخصية على الأرض. يسأل نصٌّ جداريّ: «من هم الحُرّاس في نظامك البيئي؟ مَنْ يعتني، ويحمي، ويستمع، أو يشفي في مكان إقامتك؟» كتب عدد من الحضور رسائل مؤيّدة لشعب غزة ونضاله للحفاظ على أرضه، في صدى معرض سبور الآخر الجاري «أرض مضطربة» الذي يتناول إيكولوجيا الصمود الفلسطينية.

في نهاية الجولة أرضيًا، تستقرّ قطعة نسيجية لآنيلي ديفيس محاكة بزخارف نباتية بعنوان «كن ناعماً» (2023–24)، تأمّل منسوج في الرقة والحنان. يدعو المعرض إلى التفكير والخيال بمنزلة «تردّدات منخفضة» — أشكال شعرية وأساليب حياة راسخة وهادئة ومهدئة كفعل صمود هادئ أمام اقتصادات الاستخراج التي تُنهك الأرض والناس. وللانسجام مع هذه الروح، تُعلّق العديد من النصوص الجدارية على مستوى منخفض تحثُّ الزائرين على القرفصاء كما لو كانوا يعتنون بحديقة؛ ممارسة جسدية تذكّرهم بالدقّة والتوازن اللذين يتطلّبهما هذا العمل.

نُظّم المعرض في إطار تعاون بين مبادرة سبور وجمعية بيرماكتيفي، ويضمّ أعمالًا للفنانين المذكورين إلى جانب أعمال غاي غابون، فلورنس لازار، فرانشواز دو، وأطفال المدارس الابتدائية في مارتينيق. يحقّق «ويلتو والشجيرة المقدّسة» رؤيته في تضخيم حكمة النباتات خدمةً لمستقبل تحرّري؛ فالمعرفة المتأصلّة في هذه الممارسات الإبداعية والبيئية تدعونا إلى العناية بالأرض وببعضنا البعض.

يستمرّ «ويلتو والشجيرة المقدّسة» في سبور هاوس (Hermannstraße 86، برلين، ألمانيا) حتى 29 مارس 2026. أُنسِق المعرض بتوقيع أنتونيا ألامبي وفرانشيسكا شويغر.

يقرأ  باتيل بمكتب التحقيقات الفيدرالييمثل أمام جلسات استماع في الكونغرس الأمريكيبعد إخفاقات في تحقيق وفاة «كيرك»

أضف تعليق