تقرير: عمران رحمن-جونز وليف مكماهون
صور: غيتي
أدوات إنستغرام المخصَّصة لحماية المراهقين من المحتوى الضار تفشل في منع تعرضهم لمنشورات تتضمن الانتحار وإيذاء النفس، بحسب دراسة حديثة. وذهب الباحثون إلى أن المنصة المملوكة لشركة ميتا تشجّع أحياناً الأطفال “على نشر محتوى يتلقّى تعليقات جنسية مبالغ فيها من بالغين”.
اختبر باحثون من مجموعات سلامة الطفل ومتخصّصون في الأمن السيبراني عمل هذه الأدوات عبر إنشاء حسابات مراهقين وهمية، فوجدوا أن 30 من بين 47 أداة مخصصة للمراهقين كانت «غير فعّالة إلى حد كبير أو لم تعد موجودة». وأضافوا أن تسع أدوات قللت من الضرر لكنّ لها قيوداً، بينما عملت ثماني أدوات فقط بشكل فعّال — ما يعني أن المراهقين ما زالوا يتعرّضون لمحتوى يخالف قواعد إنستغرام نفسها بشأن ما ينبغي إظهاره للشباب.
من بين الممارسات المثيرة للقلق التي وثّقها الباحثون: منشورات تصف “أفعالاً جنسية مهينة”، وإكمالات تلقائية لاقتراحات البحث تروّج للانتحار أو إيذاء النفس أو اضطرابات الأكل. كما أظهرت تسجيلات شاشة قدمها الباحثون للبي بي سي فيديوهات لأطفال بدا أنهم دون سنّ 13 ينشرون مقاطع لأنفسهم، وفي بعضها تدعو فتيات صغيرات المتابعين إلى تقييم جاذبيتهن. وخلص الباحثون إلى أن خوارزمية إنستغرام «تحفّز الأطفال دون 13 سنة على أداء سلوكيات جنسية محفوفة بالمخاطر من أجل الإعجابات والمشاهدات»، وأنها تشجعهم على نشر محتوى يتلقّى تعليقات جنسية مفرطة من بالغين.
كما أشار الفريق إلى أن مستخدمي حسابات المراهقين قد يرسلون رسائل مسيئة وميؤوس منها جنسياً لبعضهم البعض، وأن النظام يوصي أحياناً بمتابعة حسابات بالغة.
أندي بوروز، المدير التنفيذي لمؤسسة مولي روز التي تناضل من أجل قوانين سلامة إلكترونية أشد في المملكة المتحدة، قال إن النتائج تشير إلى «ثقافة مؤسسية في ميتا تضع التفاعل والربح قبل السلامة». تأسست المؤسسة بعد وفاة مولي راسل التي أنهت حياتها عام 2017 عن عمر 14 عاماً، وخلص تقرير تشريح الجثة في 2022 إلى أنها ماتت متأثرةً بـ«الآثار السلبية للمحتوى الإلكتروني».
أجرى مركز Cybersecurity for Democracy البحث بالاشتراك مع خبراء من بينهم المُبلّغ آرتورو بيخار نيابة عن مجموعات سلامة الطفل، بما في ذلك مؤسسة مولي روز. وبعد الاختبار وجد الباحثون مشكلات جوهرية في الأدوات التجريبية، وذكروا أن بعض الميزات التي أُفيد بأنها غير متاحة لحسابات المراهقين في الواقع أُدمجت ضمن ميزات أخرى أو طُبِّقت بطرق مختلفة.
من جهتها، نفت ميتا نتائج الدراسة قائلةً إن التقرير يسيء تمثيل جهودها لتمكين الأهل وحماية المراهقين، ويشوّه كيفية عمل أدواتها وكيفية استخدام ملايين الأهل والمراهقين لها اليوم. وقالت متحدثة باسم الشركة: «حسابات المراهقين تقود الصناعة لأنها توفر حماية تلقائية وإعدادات رقابية بسيطة للوالدين». وأضافت أن المراهقين الذين وُضعت عليهم هذه الحمايات رُصدت لديهم مشاهدات أقل لمحتوى حساس، وتعرّض أقل لاتصالات غير مرغوب فيها، ووقت أقل على إنستغرام خلال الليل، وأن الأدوات تمنح الأهل “أدواات قوية في متناول اليد”.
ووصف البعض إطلاق حسابات المراهقين بأنه «منفّذ دعائي» بدلاً من خطوة جادة لمعالجة مخاطر طويلة الأمد على إنستغرام. وفي يناير 2024 قدّم عدد من رؤساء شركات التكنولوجيا، بينهم مارك زوكربيرغ، إفادات في مجلس الشيوخ الأميركي بشأن سياسات السلامة، واعتذروا أمام أهالٍ قالوا إن أطفالهم تضرروا من وسائل التواصل الاجتماعي. ومنذ ذلك الحين طبّقت ميتا عدداً من الإجراءات لمحاولة تعزيز حماية الأطفال على تطبيقاتها، لكنّ الباحثين يقولون إن «هذه الأدوات ما تزال بعيدة عن أن تكون صالحة لأداء الغرض المرجو منها».
قالت الحكومة للبي بي سي إن متطلبات المنصات للتعامل مع المحتوى الذي قد يشكّل خطراً على الأطفال والشباب تعني أن شركات التقنية «لم تعد قادرة على غض الطرف». وأضافت: «طوى وقت طويل خلاله سمحت شركات التكنولوجيا بانتشار مواد ضارة دمرت حياة شباب ومزّقت عائلات». وتابعت: «بموجب قانون السلامة عبر الإنترنت، باتت المنصات ملزمة قانونياً بحماية الشباب من المحتوى الضار، بما في ذلك المواد التي تروّج لإيذاء النفس أو الانتحار».
تؤكد ميتا أنها ستستمر في تحسين أدواتها وترحب بالتعليقات البنّاءة، لكنها اعتبرت أن هذا التقرير لا يندرج ضمن النقد البنّاء. لاحقاً، دعا الخبراء إلى مزيد من الشفافية والتدقيق الخارجي للتأكّد من أن وعود الحماية تتحول إلى واقع فعّال على أرض المنصة.