خلال الدورة الافتتاحية لمعرض Untitled Art Houston الأسبوع الماضي، لم تكن القطعة الأكثر حديثًا في أجنحة العرض، بل كانت تحت الأرض. قادت الفنانة ليطا ألبوكركي (Lita Albuquerque) مجموعات صغيرة إلى خزان متنزه بافالو بايو، صهريج تحت أرضي يعود إلى سنة 1926 كان يُخزن فيه ماء الشرب لمدينة هيوستن، لأداء محدود الزمن مدته 25 دقيقة.
يحمل العرض عنوان “البحر في داخلي”. تبدأ التجربة بدعوة ألبوكركي الحاضرين إلى مدخل الصهريج المضاء بخفوت، حيث تضع السياق وتشرح خلفية العمل قبل أن توجه الجمهور عبر تأمل إرشادي يربط بين السموات والكرة الأرضية، بين السرد الأسطوري والوجود الحسي.
ارتكزت القطعة على سرد مألوف لدى الفنانة: بطلة محبوسة داخل تابوت، معلّقة بين حدود الحياة والموت. للعمل تعاونت ألبوكركي مع ابنتها الراقصة جاسمن ألبوكركي ومغنية الأوبرا كارمينا إسكوبار، بصحبة التشيللو الذي يمنح الأداء قاعدة صوتية ممتدة.
تقدمت المجموعة أكثر إلى قلب الصهريج، حيث وقفنا على محيط الفراغ الكهفي القاتم نحدق في الماء الضحل تحته. فجأة ارتد صدى صوت سوبرانو عالٍ في أرجاء الصهريج، واندفع ضوء أحمر ليغمر الجسد المضيء. كان صوت إسكوبار في البداية رقيقًا ومطمئنًا، كبلسم يخفف من الضلام المحيط، لكنه تحوّل سريعًا إلى نواحات حادة مصحوبة بأنفاس ملؤها الألم وحركات عنيفة.
ظهرت الراقصة جاسمن مضيئة بضوء أبيض. كانت حركاتها في الأول مرحة تارةً، ترفع من وقع الصوت المفجوع في تبادل بينهما؛ لكن مع استمرار الأداء بدت عليها أيضاً لحظات واضحة من العناء والتعب. تحولت حركاتها العنيفة إلى رذاذ كبير في الماء، ثم تلاشت تدريجيًا إلى سكون تام.
أحيانًا بدا الأداء كحوار منادٍ وردّ بين الصوت والرقص، يتبادلان لحظات الفرح واليأس؛ وفي أوقات أخرى كانتا تتشابكان وتنفعلان معًا كوحدة متناغمة تحمل كل واحدة الأخرى عبر اللحظة. كانتا تتقدمان في الماء بحثًا عن بعض، تفترقان ثم تعودان لتلتقيا.
كان التشيللو هو الأرض المؤنسة للعمل، يعزف بأوطان منخفضة في الخلفية ثم يبرز أحيانًا لحظات من الكآبة النابضة.
اختتم المشهد بإسكوبار مواجهةً إلى الأمام وألبوكركي إلى الخلف، ذراع باذراع وهما يتحركان مبتعدين عن المتفرجين باتجاه التشيللو. انفصلتا ثم واصلت إسكوبار تحركها، وصوتها السوبرانو يتردد، بينما بقيت ألبوكركي ثابتة. انتهى العرض بطنين عميق للتشيللو بينما تنطفئ الأضواء.
يبقى سؤال ما إذا كانت المؤديات كيانات منفصلة أم حالات وجودية مختلفة أو امتدادات لذات واحدة. على كلٍ، لا يبدو أن التمييز هنا جوهريًا: فهما، سواء تفارقتا أم اتحدتا، تعبران مشاعرهما وحالاتهما الجسدية وتبلغان الضفة الأخرى — أو على الأقل تصنعان جهدًا ذي معنى في سبيل ذلك.
يُعرض “البحر في داخلي” جنبًا إلى جنب مع أعمال ليطا ألبوكركي في جناح صالة مايكل كوهون في المعرض.