هجمات الطائرات المُسَيَّرة تكشف هشاشة أمن الدنمارك

شهدت الدنمارك موجة من تحليقات الطائرات من دون طيار فوق مطارات وقواعد عسكرية في يوتللاند وغرب البلاد، أدّت إلى إغلاق مؤقت لمطاري آلبورغ وبيليوند، ورصد طائرات عند إسبيرج، سوندربورغ وسكريدستروب، التي تضم مقاتلات من طراز F‑35 وF‑16. كما لوحظت طائرات فوق كتيبة الدراجون في هولستيبرو، وتردت أنباء عن تحقيقات للشرطة حول تحليقات قرب منصات النفط والغاز في بحر الشمال وميناء كورسور المركزي.

الحوادث لم تُسفر عن إصابات أو أضرار جسيمة، لكنها كشفت هشاشة البنية الأمنية الحيوية للدولة، ما أثار إحراجًا كبيرًا لعضو مؤسس في حلف الأطلسي. في زمن الحرب الهجينة، بدا أن هذه المرحلة مثّلت اختبارًا لقدرة الدنمارك على حماية أراضيها ومرافقها الحسّاسة.

تساءلت القيادات العسكرية الآن عن أفضل سبل الرد؛ لم تُسقط أي طائرة حتى الآن لأن قادة المداف قرروا أن المأمونية تستدعي التريّث—قرار وجيه على المدى القصير لكنه غير مجرٍ كحل دائم. فإسقاط طائرة في الجو يعني حتمًا سقوط حطام قد يسبب أذى أو حرائق كما حصل في شرق بولندا حين دُمِّرَ سقف منزل بعد تحطم حطام مرتبط بعمليات جوية.

الحالة دفعت الحكومة للنظر في تفعيل المادة الرابعة من معاهدة الناتو، التي تستدعي التشاور إذا تعرّضت “سلامة الإقليم أو الاستقلال السياسي أو الأمن” لتهديد. دول مجاورة على الجبهة الشرقية للحلف — مثل النرويج وإستونيا وبولندا وبلغاريا ورومانيا — شهدت بدورها أنماطًا من الحرب الهجينة في الأسابيع الأخيرة؛ إسترونيا وبولندا استدعيتا المادة الرابعة بعد خروقات جوية وطائرات مسيّرة روسية بحسب تقارير.

لم تُحمّل الدنمارك طرفًا محددًا مسؤولية الحوادث بشكل قاطع، واكتفت بالقول إن فاعلًا محترفًا وراءها، بينما تنفي موسكو أي ضلوع ووصفت الحوادث بـ”الاستفزاز المسرحي”. ومع ذلك عبّرت رئيسة الوزراء عن اعتقادها بأن روسيا ستبقى تهديدًا لأوروبا والدنمارك لسنوات قادمة، دون تقديم دليل علني قاطع.

يقرأ  الدنمارك تلغي ضريبة الكتبفي خطوة لمكافحة «أزمة القراءة»

الاخذ بالحذر في التعامل مع الطائرات المسيرة كان له أسباب عملية: إسقاطها فوق مناطق حضرية أو مطارات قد يؤدي إلى سقوط حطام ملوث بالوقود أو بطاريات قابلة للاشتعال، مما يزيد مخاطر الخسائر على الأرض. من هنا يرى متخصصون أن القرار بعدم الإطلاق على الفور كان مبررًا في الظروف الراهنة، لكنهم يحذّرون من أن الوضع غير مستدام ويستوجب حلولًا تقنية واستراتيجية عاجلة.

الحكومة أعلنت خططًا لتطوير منظومة دفاع جوي متكاملة متعددة الطبقات والاستثمار في أسلحة دقيقة بعيدة المدى للرد على تهديدات معادية، لكن هذه الخطط لن تُحدث فرقًا فوريًا في الحماية ضد الطائرات الصغيرة منخفضة التكلفة. كما سيتباحث حلفاؤها وحلف شمال الأطلسي وأوكرانيا وممثلون أوروبيون فكرة إنشاء “سور مضاد للطائرات المسيرة” على الحدود الشرقية للاتحاد الأوروبي كحاجز للكشف والتصدي المبكر، مع التركيز على الطائرات المُسلّحة التي شهدتها الأجواء البولندية.

في المحصّلة، بلغت الحوادث هدفها من ناحية الحرب الهجينة: إغلاق مطارات مؤقتًا، تظهير مواقع عسكرية هشة، ودفْع المسؤولين لإصدار بيانات طمأنة سريعة إلى الجمهور. لكن النتيجة الإيجابية أن الدنماركيين تلقّوا إنذارًا جادًا؛ فقد رفعت الشرطة مستوى الاستعداد، وتحدث وزير الدفاع عن واقع أمني جديد يتطلّب إعادة نظر عاجلة في القدرات والتدابير الوقائية.

أضف تعليق