أندرو كومو، الحاكم السابق لولاية نيويورك، الذي خسر الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي لصالح زوران ممداني بفارق واضح ويخوض الآن السباق كمرشح مستقل، يحتل المرتبة الثانية في السباق على منصب عمدة أكبر مدينة في الولايات المتحدة.
— الإسكان —
كومو، الذي انتقل فعلياً إلى مدينة نيويورك في سبتمبر 2024 بعد فترة إقامة في مقاطعة ويستشستر الضاحية، تعهد بإقامة نصف مليون شقة جديدة خلال العقد المقبل، على أن تكون ثلثاها «ميسورة التكلفة». وتقوم خطته على حوافز ضريبية للمطورين الخاصين وتخفيف قيود التخطيط العمراني لتشجيع تحويل المكاتب إلى سكنية. لكن كثيراً مما يعرضه موجود أساساً في سياسات المدينة الحالية.
أطلقت المدينة برنامج تحويل المكاتب إلى مساكن عام 2020 في عهد بيل دي بلاسيو، وتبعت ذلك إصلاحات العام الماضي لتسريع التحويلات في ظل إدارة إيريك آدمز. ووفق تقرير مراقب المدينة براد لاندر، الذي ترشح أيضاً في الأولى ثم أعلن دعمه لممداني، أسفرت المبادرات حتى الآن عن 44 تحويلًا؛ والمشاريع المكتملة أو الجارية يُتوقع أن توفر ما يصل إلى 17,400 وحدة سكنية على مستوى المدينة — غالبها إستوديو وشقق بغرفة نوم واحدة — بما في ذلك واحد من أكبر مشاريع التحويل في لوور مانهاتن.
تشمل رؤية كومو للاستفادة من الأراضي المملوكة للمدينة وقطعاً شاغرة لتشييد مساكن ومشاريع متعددة الاستخدامات، وهي أفكار متقاربة مع مرشحين آخرين مثل ممداني وآدمز. كما يعِد بضخ 2.5 مليار دولار في الإسكان العام خلال خمس سنوات، بزيادة تُقدّر بـ75% عن تمويل المدينة الحالي. ولحماية المستأجرين، يقترح زيادة عدد المحامين في محاكم الإسكان لمتابعة قضايا التحرش بالمستأجرين والطرد غير القانوني، وتوسيع قسائم الإيجار لمواجهة التشرد.
مع ذلك، سجل كومو الحكومي يقدّم صورة معاكسة في نقطة واحدة على الأقل: عندما كان حاكماً دفع صوب خفض تمويل برنامج قسائم الإيجار المعروف باسم «أدفانتيج»، ما أجبر إدارة المدينة لاحقاً على تقليص البرنامج أو إلغائه.
من الأفكار الجديدة القليلة التي طرحها كومو — رغم أنها هجوم مباشر على أبرز منافسه — مشروع ما أسماه «قانون زوران»، الذي يضع سقوفاً دخلية للمؤهلين للوحدات المؤجرة بضوابط استقرار الإيجار، وهي وحدات تشكّل نحو نصف مخزون الإيجار في المدينة. وأكد كومو أن القانون لن يعاقب من ارتفع دخلهم وهم يعيشون بالفعل في وحدة مستقرة الإيجار.
ويجب التذكير بأن برنامج استقرار الإيجارات في نيويورك لم يُصَمَّم أساساً بحيث يرتبط بمستويات دخل محددة، بل وُجِد لتنظيم سوق الإسكان الأوسع وحماية الساكنين من موجات ارتفاع الأسعار في فترات ندرة الوحدات.
كما قال آدين لينشنر، مؤسِّس مؤسسة الحملات الانتخابية كارول ستريت، إن أسلوب كومو يبدو تقليدياً: افتعال مواجهة، استعارة فكرة، ثم تنفيذ أقل طموحاً مما يحتاجه أهل المدينة.
— النقل العام —
أطروحة كومو الأكثر جرأة تتعلق بوضع منظومة النقل العام لمدينة نيويورك تحت إدارة المدينة نفسها. هيئة النقل الحضري (MTA) التي تشرف على المترو والحافلات وقطارات الضواحي، خضعت لسلطة الولاية منذ تأسيسها عام 1968، وهذا الترتيب منح الحاكم نفوذاً كبيراً على أكبر نظام نقل جماعي في البلاد.
نقل السيطرة إلى بلدية نيويورك يواجه عقبات كبيرة، خصوصاً أن جزءاً كبيراً من تمويل الهيئة يأتي من ضرائب وإيرادات تجمعها الولاية. وحتى لو سعى كومو لرفع معدلات الضرائب المدينة لتمويل هذا النقل، فسيظل بحاجة إلى موافقة الحاكم الذي له صلاحية قبول أو رفض معدل الضريبة المقترح.
وهذا التوازن المالي هو سبب رئيسي وراء تشكك البعض في اقتراح ممداني بتعطيل الحافلات مجاناً. تنفيذ مثل هذه المبادرة يتطلب بناء تحالفات وتأثيراً في الألباني، وهو ما يفتح المجال لانتقادات تقول إن الموارد والجهد ربما تُستثمر في قضايا أكثر إلحاحاً مثل رعاية الأطفال على نطاق واسع. وممداني، بصفته نائباً في الولاية، ساعد في الدفع لتجربة أولية للحافلات المجانية، لكن تعميمها على مستوى المدينة يقابل تحديات إدارية وتمويلية كبيرة بدون سيطرة على MTA — نقطة ضعف حاول كومو التركيز عليها.
بينما لا يروّج كومو لسياسة النقل المجاني بنفس حماس ممداني، فقد ألمح إلى إمكانية إقرار خطوط مجانية محددة، وكذلك توسيع برنامج «التعريفة العادلة» الذي يخفض الأجرة للسكان ذوي الدخل المحدود.
تاريخياً، اتُهِم كومو باستخدام سلطة الولاية بشأن النقل كورقة ضغط سياسية ضد بلدية نيويورك في مواجهة إدارة دي بلاسيو، مع ما صاحَب ذلك من تنازع حول نسب الفضل واللوم على أداء الشبكات. ومع ذلك، ثمة سجل لكومو في إنجاز مشاريع نقل كبرى: توسعة خط مترو، بدء أعمال إنشاء خط آخر كان متعثراً، إطلاق عملية إعادة إحياء كبيرة لمحطة بن (Penn Station) وإشرافه على إعادة بناء مطار لاغوارديا.
لكن تناقضاته ظهرت حين تبنّى الفضل لهذه الإنجازات، وفي المقابل نسب فترات الانهيار في الخدمة إلى المدينة نفسها، كما حدث في «صيف الجحيم» 2017 حين عانت الشبكة من أعطال متكررة وأسوأ نسب دقة مواعيد منذ عقود.
— الوظائف —
طرح كومو خطة توظيفية أوسع تضم صندوقاً رأسمالياً بقيمة 1.5 مليار دولار لتحويل الأحياء الخمسة اقتصادياً، وهو ما يَعِد بتمويل مشاريع منتشرة في جميع أحياء المدينة لتعزيز النمو وإيجاد فرص عمل. يقترح أيضاً إنشاء محور للابتكار يقدم منحاً للمشروعات الناشئة ويمنحها إعفاءات ضريبية إذا أثبتت قدرتها على توفير فرص نمو وظيفي للمدينه. كما يقترح إجراء “مراجعة تنظيمية سريعة” مدتها 90 يوماً، وهو وعد بقطع جزء من الحبال البيروقراطية التي تعوق نمو الأعمال. كلا منافسيه طرحا وعوداً مشابهة، لكن تركيز مامداني ينصبّ على اقتصاد الأعمال الصغيرة.
تتضمن خطة كومو لتدريب وتطوير القوى العاملة توسيع برامج التدريب والتلمذة المهنية القائمة لمن يرغبون في الالتحاق بوظائف في قطاعات مثل الرعاية الصحية. ورغم عرضه توسيع برامج إعداد للوظائف التي “لا تتطلب شهادة جامعية”، لم يقدّم تفاصيل واضحة حول ماهية هذه البرامج أو كيفية عملها. وممثلوه لم يردّوا على طلب الجزيرة بمزيد من التوضيح.
الضرائب
في عام 2021 كان كومو مسؤولاً عن واحدة من أكبر الزيادات الضريبية على كبار الأثرياء في تاريخ ولاية نيويورك؛ إذ رفعت إدارته معدل ضريبة الشركات بنسبة 0.75%، ورفعت نسبة الضريبة لفئة الدخل بين مليون ومليوني دولار إلى 9.65% بدلاً من 8.82%، وأدخلت شريحتين جديدتين: 10.3% لذوي الدخل بين 5 و25 مليون دولار، و10.9% لمن يزيد دخلهم عن 25 مليون دولار سنوياً.
تشمل خطته الحالية كرئيس بلدية إلغاء الضريبة على البقشيش للعاملين بالمطاعم وإعفاء ضريبي للدخل لمن يكسبون عند مستوى أو أقل من 200% من خط الفقر الفيدرالي — أي 31,300 دولار سنوياً للفرد و64,300 دولار لعائلة مكوّنة من أربعة أفراد. ولأصحاب الثروات، أعلن أنه سيزيد حد فرض “ضرايب القصور” (مقابل ضريبة إضافية على معاملات العقارات) إلى 2.5 مليون دولار عوضاً عن المستوى الحالي البالغ مليون دولار.
تثير خُططه لخفض الضرائب تساؤلات بين الخبراء حول كيفية تمويلها. وعلى عكس مامداني، لم يُقدّم كومو خطة مفصّلة لكيفية تغطية تكاليف برنامجه، في حين لدى آدامز سجلّ حقيقي يمكن الإشارة إليه، بما في ذلك ارتفاع جباية الضرائب وتخفيض النفقات.
وقال كايفان شروف، مندوب ولاية نيويورك في اللجنة الوطنية الديمقراطية ومستشار أول لمعهد التعليم، للجزيرة: “هم [حملة مامداني] دائماً يُسألون كيف ستمولون مقترحاتكم. كومو ومن هم على يمين موقفه لا يواجهون نفس نوع الاستجواب.” وأضاف: “الواقع هنا أن [حملة كومو] وضعت خطة لعمل خطة.”