بعد مرور عام على اغتيال إسرائيل لقائد حزب الله حسن نصرالله، يروي ابنه صورة الدمار الذي خلّفه، والخسائر البشرية الهائلة، والأثر الجسيم على جنوب لبنان خلال الاعتداء العابر للحدود.
قبل عام من الآن، كان نصرالله يغلي غضباً إثر تفجير أجهزة النداء (البيجر) التي كان يرتديها عناصر الجماعة في أرجاء لبنان، بحسب ما نقل ابنه. وبعد أيام، تم اغتيال نصرالله نفسه في ضربة إسرائيلية.
ان انفجارات أجهزة النداء واغتيال نصرالله في غارة جوية استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت في سبتمبر 2024 شكّلا طلقة البداية لهجوم إسرائيلي أسفر عن مقتل أكثر من أربعة آلاف شخص في أنحاء لبنان وتدمير مساحات واسعة من الجنووبّ اللبناني.
الحرب، التي قالت إسرائيل إنها قادتها لوقف هجمات حزب الله عبر الحدود دعماً لحلفه حركة حماس في غزة، هزّت توازنات القوة في لبنان ووضعت الحزب تحت ضغوط متزايدة للتخلي عن سلاحه.
كانت تلك التطورات أشبه بما لا يُتصور قبل عام، حين واجه أمين القائد اختراقاً استخباراتياً واسعاً في أجهزة الاتصالات التي تسببت بمقتل عشرات العناصر وتشويه آلاف آخرين.
«كان مُنهكاً، غاضباً، مملوءاً بالاستياء — تساؤلات كثيرة: كيف حدث هذا؟ اعتبر نفسه مسؤولاً عن تلك الأرواح»، قال جواد نصرالله، الابن الثاني لحسن نصرالله، لرويترز في مقابلة عند قبر والده.
في ذلك الوقت كانت الإجراءات الأمنية مشددة حول نصرالله. وجواد، شأن أكثر من مليون لبناني، نزح بفعل الغارات الإسرائيلية ولم يرَ والده منذ ثلاثة أشهر.
«كنا نعيش يوماً بيوم. لم يكن هناك شيء مؤكد»، قال جواد.
كانت آخر كلمة تلفزيونية لنصرالله في 19 سبتمبر. وبعد ثمانية أيام، أدّت سلسلة من القنابل الخارقة للملاجئ على مجمّع تابع لحزب الله في الضاحية الجنوبية إلى مقتله؛ الرجل الذي قاد الحركة الشيعية السياسية والعسكرية لأكثر من ثلاثين عاماً.
«علمنا بالأمر من الأخبار مثل الجميع. كان صدمة لكننا لم نستطع البكاء — لم يستطع أحد في البيت الصراخ أو التعبير عن مشاعره»، أوضح جواد، مبيناً أن الساكنين الآخرين في المبنى الذي كانوا يقيمون فيه مؤقتاً لم يكونوا على دراية بعلاقتهم بقائد حزب الله.
في تلك الفترة استهدفت الغارات الإسرائيلية نازحين شيعة على بعد عشرات الكيلومترات من الحدود الجنوبية، ما أعاد شبح الحرب الأهلية إلى المشهد بعدما نظرت بلدات سنية ومسيحية إلى الفارين من الشيعة بشكوك مفتوحة.
«شعرنا باندثـار اجتماعي مثل بقية الناس، بالإضافة إلى فظائع ذلك الزمن: حرب، قصف، عنف — وعلى رأس ذلك، الغربة»، قال جواد.
مع تصعيد إسرائيل الضربات في أنحاء لبنان وإدخالها قوات برية إلى الجنوب، تعذر نقل جثمان نصرالله إلى مشرحة لأيام قبل دفن مؤقت. وقد أُقيمت مراسم رسمية بعد أشهر أثناء وقف قتالي مؤقت.
الحرب التي أضعفت حزب الله بشدّة تلتها سلسلة تفتّتات سياسية؛ سقوط حليف الحزب في سوريا بشار الأسد وتشكيل حكومة جديدة في لبنان تعهّدت بفرض احتكار الدولة على السلاح.
رفض حزب الله التخلي عن ترسانته — موقف كرّره جواد، رجل أعمال لا يشغل منصباً رسمياً في الجماعة لكنه على قائمة العقوبات الأميركية.
«لا في خيالاتكم ولا في أحلامكم أبداً»، قال، مضيفاً أنه لا يزال يلتمس هدى والده.
«أطلب منه أن يحلّ لي بعض المعضلات. أقول له: عليك أن تحلّ هذه المشكلة لنا وتعينني فيها»، اختتم جواد.