ما تحتاج إلى معرفته
اكتشاف جماجمـة بشرية عُثر عليها عام 1990 في مقاطعة هوبي بالصين أعاد تشكيل فهم العلماء لتسلسل تطور البشر؛ إذ تشير إعادة فحصها إلى أن نشوء نوعنا قد يعود إلى ما قبل 400,000 سنة أكثر مما كان يُعتقد سابقاً.
العينة المعنية، المسماة يونسيان 2، كانت مُطحونة ومشوّهة بفعل عمليات التحجر، ما صعّب استيعاب أهميتها عند العثور عليها. بيد أن فريقاً علمياً أعاد دراستها رقمياً، فاستطاعوا إعادة بناء الجمجمة عبر تقنيات ثلاثية الأبعاد، وحددوا عمرها بحوالي 940,000 إلى أكثر من مليون سنة.
نشرت النتائج في دورية Science في 25 سبتمبر، حيث أوضح شياوبو فنغ، أستاذ في جامعة شانشي، أن اختيارهم لهذه العينة مبني على تأريخ جيولوجي موثوق وأن وجود أحفورة بهذا العمر حاسم لإعادة بناء شجرة أسلافنا. كما قاد الباليوأنثروبولوجي شيجون ني من جامعة فودان ومعهد الحفريات الفقارية والأنثروبولوجيا القديمة بالصين عملية إعادة الإعمار الرقمي، وخلص إلى أن الجمجمة قد تمثل أقدم عضو معروف في السلالة التطورية التي تضمّ مجموعة الدينيسوفانيين.
الدينيسوفانيون هم فرع بشري قديم انقرض، اكتُشف لأول مرة عام 2010 بعد العثور على طرف إصبع محجّر في كهف دينيسوفا بسيبيريا، ويُعتقد أنهم انتشروا عبر مساحات واسعة من آسيا. نتيجة هذا الاكتشاف، تعيد الدراسة ضبط خط الزمن الخاص بإنسان العقل الحديث (Homo sapiens) والإنسان النياندرتالي (Homo neanderthalensis)، اللذين انقرضا من أوروبا وآسيا الوسطى منذ نحو 40,000 سنة وكانا معاصرين للدينيسوفانيين في مراحل سابقة.
إلى جانب ذلك، كانت الرواية السائدة تفترض تفرّع هذه الجماعات الثلاث من سلف مشترك منذ نحو 700,000 إلى 500,000 سنة؛ أما الدراسة الجديدة فتشير إلى أن السلف المشترك قد يعود إلى زَمَن أبعد يصل إلى نحو 1.32 مليون سنة، مما يلمّح إلى انقسام بشري أقدم وأكثر تعقيداً مما اتُخِذ بعين الاعتبار سابقاً.
يُلخّص أحد المؤلفين المشاركين أن هذا الاكتشاف يغيّر الكثير من الفرضيات، لأن الدلائل تشير إلى أن أسلافنا قد تفرّعوا إلى مجموعات مميزة قبل مليون سنة تقريباً، وهو ما يستدعي إعادة تقييم نمط التفرع والتفاعل بين سلالات البشر القديمة.