خطر جديد يهدد الحدود الجنوبية لإسرائيل

ابراهيم العرجاني، ملياردير من قبيلة الترهابين البدوية، يتحمّل مسؤولية كبيرة عن تهريب الأسلحة والمخدرات من سيناء إلى داخل إسرائيل.

تقارير مقلقة ترد يومياً تقريباً عن طائرات درون تحلّق من سيناء محمّلة بالأسلحة أو بالمخدرات. الرجل الذي يقف وراء هذا التيّار الإجرامي يُدعى ابراهيم العرجاني، وهو من أبرز الأغنياء في قبيلته. تنتشر عناصر القبيلة على جانبي الحدود، ما يسهل شبكة التهريب العابرة للحدود.

حتى فترة قريبة، كان العرجاني يسيطر على كامل شحنات التهريب من مصر إلى حماس نيابةً عن مجموعة من الجنرالات المصريين، الذين، حسب التقارير، أصدروا أوامر لجنودهم بعدم التدخّل في هذا التهريب المربح، الذي زوّد حماس بالمعدات التي استُخدمت في اقتحامات 7 أكتوبر تجاه مجتمعات محيطة بغلاف غزة.

ابن الرئيس السيسي، وهو جنرال مكلف بالاستخبارات العسكرية، تورّط بعمق في مساعدة العرجاني على أنشطته غير المشروعة ويبدو أنه جنى ثروة من ذلك. والرئس السيسي نفسه قريب من العرجاني وبذل ما في وسعه لدعمه.

بعد سيطرة إسرائيل على معبر رفح وإغلاق خطوط التوريد السرية التي كان يعتمدها العرجاني لإمداد حماس، حوّل نشاطه إلى عمليات توصيل عبر الطائرات المسيرة إلى أقاربه في النقب، سواءً أسلحة أو مخدرات. هذا التصعيد بلغ مستوى يهدد أمن جنوب إسرائيل بشكل واضح.

من المدهش والقلق في آن معاً أن جيش الدفاع وخدمات الأمن لم يتمكّنا بعد من وقف هذا التدفق المزعزع للاستقرار من الأسلحة والمخدرات. من الواضح أن الأسلحة نفسها التي يزوّد بها العرجاني أقاربه المجرمين قد تُستخدم مستقبلاً ضدّ مدنيين إسرائيليين في النقب، ما يضع سيطرة إسرائيل على المنطقة في خطر متزايد.

وهناك بُعد أخطر: ما الذي يتعلّمه الجيش المصري من هذه العملية؟ إذا كانت طائرات العرجاني قادرة على اختراق حدود النقب بلا رادع، فماذا يمكن لطائرات انتحارية مصرية أن تفعل بالقوّات العسكرية التي تحرس الحدود لو اندلع حرب؟ ممكن أن تتدفّق طائرات هجومية عبر الحدود وتستهدف آليات الأمن والحساسات والمرافق اللوجستية. ومع ذلك، فإن القيادة الجنوبية لم تضع حتى الآن رداً فعّالاً يكبح هذا التهديد المتنامي.

يقرأ  تقريرٌ جيولوجيٌّ أُخرِجَ من سياقِه لتأييدِ ادعاءِ ظهورِ محيطٍ جديدٍ في شرقِ إفريقيا

جانب آخر يثير القلق هو علاقة العرجاني بالجيش المصري: تشير معلومات إلى أنه يدير كياناً شبيهاً بـ«فاغنر» داخل بنية عسكرية مصرية، يتلقّى أوامره مباشرة منه. هذا قد يفسر كيف أن قوافل مسلّحة على طراز عسكري تتجوّل في سيناء دون أن تواجه أيّ اعتراض من الجيش المصري؛ هذه القوافل مزوّدة برشاشات ثقيلة وقذائف RPG ومعدات اتصالات متقدّمة، وتوفّر غطاءً لعمليات تهريب العرجاني على امتداد الحدود الجنوبية.

ماذا على إسرائيل أن تفعل لوقف هذا التهديد قبل أن يصبح خارج السيطرة؟

أولاً: يجب إقامة حزام من أنظمة المراقبة المتنقلة على طول الحدود يقوم على طائرات مسيرة مربوطة بمسارات (tethered drones) قادرة على التحليق بشكل مستمر وتوفير تغطية بصريّة بزاوية 360 درجة تمتد لعشرة كيلومترات على الأقل داخل سيناء والنقب. هذه الأنظمة ستوفّر استخبارات استهداف دقيقة للفرق المرافقة التي تشغّل طائرات مسيرة انتحارية صغيرة قادرة على قنص قوافل حماية العرجاني والآليات الوعرة البدوية التي تنقل الأسلحة والمخدرات.

ثانياً: إذا تطلّب الأمر قوة نارية أعنف، فيمكن تزويد وحدات الدفاع الحدودي ببطاريات هاون متحرّكة تطلق قذائف دقيقة التوجيه.

ثالثاً: لاعتراض طائرات العرجاني، يجب نشر مركبات مسلحة بأنظمة رادار ومرابطات جتيلنغ وصواريخ صغيرة متعدّدة. بعض هذه المركبات يمكن تزويدها بتقنيات ميكروويف عالية الطاقة قادرة على إسقاط أسراب الطائرات المسيرة بضربة واحدة.

أخيراً: يجب استخدام طائرات مسيرة عالية الارتفاع مزوّدة برادارات خفيفة الوزن لتحليق دائم فوق الحدود ورصد أعماق سيناء بحثاً عن قوافل العرجاني وطائراته.

مثل هذا الترتيب قد يكون كافياً لوقف شحنات العرجاني بالطائرات المسيرة والقضاء على كتائبه الأمنية في سيناء. من المحتمل أن يطلب العرجاني مساعدة الجيش المصري، لكن من غير المرجّح أن يخاطر السيسي بمواجهة مباشرة مع إسرائيل قبل أن يكتمل برنامجه لتحديث الجيش.

يقرأ  كيف قضت النخب على الحزب الديمقراطي في الولايات المتحدة وأعطت الشعبوية زخماً — سياسة

ولو قرّر العرجاني، بحماقة، مواجهة جيش الدفاع منفرداً، فإن سهل سيناء الشرقي المكشوف سيكون بمثابة مقبرة لجيشه.

أهمية حماية الحدود الجنوبية

خلال جولة على الحدود الجنوبية رأيت مجتمعات مذهلة من مواطنين إسرائيليين يحولون أرضاً جرداء إلى معجزات زراعية. علينا واجب مطلق في حماية هذه التجمعات من روّاد العمل والذين يحمون حدودنا مع سيناء.

المهربون من أمثال العرجاني، الذين يهددون معيشتهم وأمننا القومي، يجب أن يُهزموا قبل أن تتحوّل خطورتهم إلى أزمة لا تُحتمل. لدينا القوّات والمعدّات اللازمة لتحقيق هذا الهدف؛ ما نحتاجه الآن هو قرار حكومي وعسكري حازم للمباشرة بالتنفيذ.

الكاتب قضى ثلاثين سنة في السجون الأمريكية بعد إدانته بالتجسّس لصالح إسرائيل. يعيش الآن في القدس، وهو مستثمر ومشارك في تأسيس عدد من شركات التكنولوجيا، ويكتب ويتحدّث عن حاجة إسرائيل إلى الاكتفاء العسكري الذاتي.

أضف تعليق