رئيس وزراء بريطانيا كير ستارمر يدعو حزب العمال إلى التوحد ضد حزب الشعبوي المتصاعد
في مؤتمر حزب العمال السنوي في مدينة ليفربول، حثّ كير ستارمر أعضاء حزبه على توجيه غضبهم نحو حزب «ريفورم يو كيه» الذي يقوده نايجل فاراج، بدلاً من توجيهه إلى قيادته. ورأى ستارمر أن الحزب المنافس يعتزم تطبيق سياسة «عنصرية» تتمثل في ترحيل جماعي، ملمّحًا إلى أن مثل هذه المقترحات تتعدى مجرد مواقف صارمة بشأن الهجرة، لتطال أشخاصًا يقيمون هنا قانونياً — وهو ما وصفه بأنه غير أخلاقي وعنصري.
«أمامنا معركة وجودية؛ علينا أن نتصدى لريفورم ونهزمهم، وليس الآن وقت التأمل أو الانغماس في الذات»، قال ستارمر لهيئة الإذاعة البريطانية، داعياً إلى الوحدة داخل الحزب في مواجهة هذا التحدي. تأتي تصريحاته في وقت يزداد فيه الاستياء من سياساته بسبب تراجع شعبيته إثر تراجعات سياسية وسلسلة أخطاء تنفيذية.
توتر داخلي ومخاوف من تحدٍ للقيادة
ترددت أنباء عن مخططات بعض أعضاء الحزب لاستبدال ستارمر، وبرز اسم عمدة مانشستر آندي بيرنهام كمرشح محتمل لتحدي القيادة. لكن، كما نقلت مراسلة الجزيرة روري تشالاندز من ليفربول، العقبة العملية أمام بيرنهام أنّ المرشح لمنصب رئيس الوزراء يجب أن يكون نائبًا في البرلمان؛ لذا فإن تحول الأمر إلى «رمز تحذير» سيبدأ فقط إذا تحررت مقاعد برلمانية وأصبح بيرنهام نائبًا.
ضغوط مالية وسياسات معيشية
يواجه ستارمر ضغوطًا متزايدة لرفع الإنفاق وتخفيف القواعد المالية التي فرضها حزبه على نفسه، والتي تهدف لتحقيق توازن بين النفقات اليومية والإيرادات الضريبية بحلول 2029. أصرّ جناح اليسار داخل الحزب على أن ستارمر لم يرتقِ إلى مستوى وعوده بتحسين مستوى المعيشة بعد فوزه الساحق في انتخابات 2024، بينما يخشى الوسط أن يؤدي رفع الإنفاق إلى رد فعل سلبي من الأسواق المالية.
التصعيد السياسي حول ملف غزة
وسط هذه الانتقادات، وجّه ستارمر سهامه إلى حزب فاراج الذي يبني سياساته حول تشديد قيود الهجرة — وهي مسألة تشغل بال كثير من الناخبين. ولدى سؤاله عن ترحيل المهاجرين غير القانونيين قال إن ذلك أمر مشروع، لكنه أضاف أن «الوصول إلى من هم موجودون هنا بصورة قانونية وبدء ترحيلهم… أمر مختلف تمامًا. أعتقد أنها سياسة عنصرية وغير أخلاقية».
وفي الوقت نفسه، تزايدت الانتقادات الموجهة إلى موقف ستارمر من الحرب الإسرائيلية على غزة، التي وصفتها لجنة تحقيق أممية بأنها إبادة جماعية. شهدت ليفربول تجمعات لآلاف المتظاهرين المؤيدين للفلسطينيين قبل افتتاح مؤتمر حزب العمال، نظمها «حملة التضامن مع فلسطين»، وطالب المشاركون الحكومة البريطانية بإنهاء ما وصفوه بـ «الإبادة الجماعية»، ووقف تجويع غزة ووقف تسليح إسرائيل.
مظاهر الاحتجاج واعتقالات منظمة
تظاهر المحتجون بشعارات مثل «حجرًا فوق حجر، وجدارًا فوق جدار، يجب أن يسقط الفصل العنصري الإسرائيلي»، وشرع العشرات في مسيرات واعتصامات سلمية تعرضت لاحقًا لاعتقالات من قبل الشرطة البريطانية، بعد أن حمل المشاركون لافتات متطابقة تُظهر تضامنهم مع مجموعات مثل «فلسطين أكشن». وأبلغ مراسل الجزيرة أنه أحصى 72 متظاهرًا قبل بدء عمليات الاعتقال، مشيرًا إلى أن هدف المحتجين كان تسليط الإحراج على الحكومة عبر فرض اعتقالات جماعية للمتظاهرين السلميين.
وكان البرلمان قد صنّف مجموعة «فلسطين أكشن» مؤخرًا كمنظمة «إرهابية» بعد أن قام بعض نشطائها بانتهاك قاعدة تابعة لسلاح الجو الملكي ودهان طائرتين احتجاجًا على دعم الحكومة البريطانية لإسرائيل. يطالب النشطاء كذلك بوقف تصدير أجزاء لطائرات F-35 إلى إسرائيل، في ظل اتهامات بارتكاب انتهاكات واسعة ضد الفلسطينيين في غزة.
دعوات عامة وفنية
شارك عدد من المشاهير في حملات مطالبة ستارمر بالاعتراف بارتكاب إسرائيل إبادة جماعية في غزة؛ من بينهم الفنان والكوميدي ستيف كوغان الذي ظهر في فيديو داعم للحملة.
الاستحقاق الانتخابي والآفاق
الحكومة ليست ملزمة بدعوة الناخبين إلى صناديق الاقتراع قبل عام 2029، لكن الضغوط ستتزايد على ستارمر إذا خرجت نتائج الانتخابات المحلية والإقليمية في مايو سيئة بالنسبة لحزب العمال. بعد أن أنهى حزبه 14 عامًا من حكم المحافظين بفوز ساحق في يوليو 2024، يكافح ستارمر للحفاظ على التأييد، حيث أظهرت استطلاعات «إبسوس» أن نسبة الراضين عن الحكومة لم تتجاوز 13% مقابل 79% غير راضين — أسوأ قراءة لأي رئيس وزراء منذ بداية سجلات الشركة عام 1977.
في ختام كلمته بالمؤتمر، قال ستارمر إنه لا يتجاهل النقد، وسيُقيَّم على أساس ثلاثة أمور: تحسّن مستويات المعيشة، جودة الخدمات العامة، ومدى شعور الناس بالأمان في منازلهم. وفي الأسابيع الأخيرة شهدت عدة مغادرات من صفوف الحزب أثارت قلقًا إضافيًا لدى القيادة. الرجاء إرسال النص المراد ترجمته وإعادة صياغته.