المبعوث الأميركي لشؤون سورية، توم باراك، أخبر قناة الجزيرة أن إقناع حزب الله بالتخلي عن سلاحه مهمة تقع على عاتق الحكومة اللبنانية، وأن الولايات المتحدة ليست معنية بممارسة الضغط على أي طرف.
تصريحات باراك جاءت بعد يوم من تجديد نائب أمين عام حزب الله ناعم قاسم رفضه محاولات الحكومة اللبنانية لإخضاع الحزب لتفكيك السلاح، وهي إحدى النقاط الرئيسة في وقف إطلاق النار الذي جرى بين إسرائيل ولبنان في نوفمبر الماضي.
«لن نتخلّى عن سلاحنا أبداً، ولن نتركه»، قال نعيم قاسم السبت، مضيفاً أن حزب الله سيواصل «مواجهة أي مشروع يخدم إسرائيل». ويقول الحزب إن خطة نزع السلاح التي أقرّتها الحكومة اللبنانية تصبّ في مصلحة إسرائيل فقط.
الولايات المتحدة وحليفها الإقليمي الأقرب، إسرائيل، يدعوان إلى نزع سلاح حزب الله بالكامل؛ فقد بدأ الحزب إطلاق صواريخ باتجاه إسرائيل بعد يوم واحد من بدء إسرائيل حربها على غزة في 7 أكتوبر 2023. وباتفاق وقف إطلاق النار الذي تبلور في 27 نوفمبر، كانت ضربات إسرائيل في لبنان قد ألحقت أضراراً كبيرة بقدرة حزب الله العسكرية وأسفرت عن مقتل أكثر من 4,000 شخص.
وعلى الرغم من تضرره من الحرب، يظل حزب الله قوة سياسية فاعلة تمثل الطائفة الشيعية، ويحظى حلفاؤه بمقاعد في البرلمان.
في مقابلة حصرية مع قناة الجزيرة العربية، وصف باراك حزب الله بأنه «حزب سياسي شرعي في لبنان»، مشدداً على أن شرعيته داخل نظام تقاسم السلطة الطائفي، حيث تُوزَّع المناصب السياسية على أساس الانتماء الطائفي، تجعل إنهاء الصراع الدائر مع إسرائيل أمراً معقّداً.
هجمات إسرائيل شبه اليومية
واصفاً حزب الله، الذي تصنفه الولايات المتحدة كمنظمة «إرهابية» أجنبية، بأنه «جزء أساسي من النظام السياسي اللبناني»، قال المبعوث إن ذلك يشكّل «مشكلة معقّدة للقادة اللبنانيين»، الذين وافقوا على أهداف خطة مدعومة أميركياً لتسليم الحزب ترسانته.
أقرت الحكومة اللبنانية هذه الخطة في 7 أغسطس، رغم رفض حزب الله الصريح للتسليح، مما أثار مخاوف من أن إسرائيل قد تصعّد هجماتها على لبنان. ولا تزال إسرائيل تحتلّ أجزاء من الأراضي اللبنانية وقد نفّذت منذ اتفاق وقف إطلاق النار هجمات شبه يومية في جنوب لبنان.
ونقلت الوكالة الوطنية للإعلام، أمس الأحد، عن وقوع «سلسلة» غارات جوية إسرائيلية قرب بلدتي كفر رمان وجرمق، وضربة بطائرة من دون طيار استهدفت منزلاً في حمين، جميعها في أقصى الجنوب.
قال باراك إن الولايات المتحدة مستعدة لمساعدة لبنان في «حلّ النزاع»، لكنه أكد أن ذلك «ليس من مسؤوليتنا». «نحن لا نضغط على أحد، ولن نفرِض على لبنان ما عليه فعله، ولن نفعل ذلك لإسرائيل»، قال.
وأضاف: «أما لبنان، فقد قلنا إن هذه مشكلتكم الداخلية. إن أردتم جيشاً موحّداً ودولة حقيقية، فعليكم نزع سلاح الأحزاب والجماعات التي لا تلتزم».
ورأى المبعوث أن الصراع المزمن مع إسرائيل سيستمر «ما دامت إسرائيل تشعر بأن حزب الله عدائي ويعيد بناء وتحديث ترسانته».
الولايات المتحدة تتطلع إلى مستقبل سورية وغزة
قال باراك إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كان «حريصاً» على إنهاء الحرب في غزة، وأنه يبحث عن «الإجابة الصحيحة» التي تحقق هذه النتيجة. «أعتقد أن الرئيس، بعد أن استمع إلى القادة العرب، أدرك أهمية المضي قدماً وإنجاز الأمر بسرعة»، أضاف في حديثه للجزيرة.
ورحّب المبعوث أيضاً بظهور سوريا لأول مرة في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة منذ نحو ستين عاماً، بعد ما مهدت إزاحة بشار الاسد الطريق أمام إعادة قبول البلاد.
واتخذ الرئيس المؤقت لسوريا، أحمد الشراعـا، منذ إزاحة الاسد في يناير خطوات عدة خلال الأشهر الماضية، من بينها إرساء مؤسسات جديدة، والتحضير لانتخابات، وتشجيع الاستثمار الأجنبي.
وأزالت الولايات المتحدة في يوليو المجموعة المسلحة السورية هيئة تحرير الشام (HTS)، التي كان يقودها الشراعـا، من قائمة «المنظمات الإرهابية الأجنبية»، في انعكاس لتحوّل السياسة تجاه سورية ما بعد الاسد.
قال باراك إن ترامب قرّر «منحهم فرصة»، ورحّب بجهود الشراعـا لحل النزاعات المعلقة في جنوب البلاد وشمالها الشرقي. «الأمر يحتاج وقتاً، لكنهم يبذلون كل ما بوسعهم»، ختم المبعوث.