تجمّع آلافٌ من الناس في شوارع عاصمة الفلبين مانيلا للاحتجاج على الفساد، لكنَّ مقطعي فيديو متداولين على وسائل التواصل الاجتماعي وزعا على أنهما يصوّران هذه المسيرات تبين لاحقًا أنهما لا علاقة لهما بمانيلا: الأول مصور في سيريلانكا خلال احتجاجات 2022، والثاني في نيبال خلال الحركة الشبابية التي أطاحت بالحكومة في أوائل سبتمبر 2025.
في 22 سبتمبر 2025 نُشر مقطع على تيك توك يظهر شوارع مكتظة بالمحتجين، وذلك بعد يومٍ من تجمعات ضخمة في مانيلا احتجاجًا على فضيحة مشاريع لمكافحة الفيضانات اعتُبرت وهمية وكبّدت دافعي الضرائب مليارات الدولارات. الفضيحة أدت إلى تورّط عدد من النواب، وإقالة زعيم مجلس الشيوخ واستقالة رئيسة مجلس النواب، كما سجَّلت عناوين صحفية ومواد أرشيفية حول الموضوع في الأيام التالية.
حملت تسمية الفيديو على تيك توك وسم “People Power”، في إشارةٍ إلى انتفاضة عام 1986 السلمية التي أزاحت ديكتاتورية والد الرئيس الحالي فرديناند ماركوس. ولنفس المشهد تقريبًا نُشِر مقطع مماثل على فيسبوك في 11 سبتمبر، وحصل هناك على أكثر من 1.5 مليون مشاهدة؛ وكان تعليق الفيديو باللغة التاغالوغية يُفصِل الغضب الشعبي بكلمات تُترجم إلى العربية: «أموال دافعي الضرائب تُسرق كلها. نحن على وشك انتفاضة شعبية».
إعادة التحقق الرقمي كشفت خلاف ذلك: بحث عكسي بالإطارات الرئيسية (keyframes) على غوغل أظهر أن المقطع الأول نُشر في يوليو 2022 لدى حسابات إخبارية وسائطية سريلانكية وروابط أرشيفية، وأظهر محتجين يقتحمون القصر الرئاسي في كولومبو. تقاطعت معالم المشاهد مع صور الأقمار الصناعية وخرائط غوغل الخاصة بالموقع، ما يؤكد أن اللقطات لا تخص الفلبين.
أما المقطع الثاني فأسفرت عملية بحث أخرى عن تسجيلات منشورة على يوتيوب وتيك توك بتاريخ 8 سبتمبر 2025، وتشير تسميات هذه المواد إلى أنها صُوّرت في كاتمادو بوسط نيبال خلال احتجاجات شبابية مناهضة للفساد أسفرت عن سقوط الحكومة. بحث في خرائط غوغل استنادًا إلى لافتات المحلات في الشارع أظهر تطابقًا واضحًا بين لقطات الفيديو وصور الشارع في العاصمة النيبالية.
هيئات التحقق، من ضمنها وكالة الأنباء الفرنسية، نشرت تقارير توثق أن هذه المقاطع أُعيدت تداولها مع ادعاءات مضللة بأنها مسيرات مناهضة للفساد في مانيلا، كما كشفت العديد من المنشورات الأخرى التي ربطت لقطات غير ذات صلة بالاحتجاجات الفلبينية. التحقيقات اعتمدت على مقارنة الإطارات، البحث العكسي، صور الأقمار الصناعية وخرائط الشوارع لتحديد المواقع الزمنية والجغرافية الحقيقية للمشاهد.