اجتمع قادة العالم في نيويورك بين 23 و29 سبتمبر لحضور الدورة الثمانين للجمعية العامة للامم المتحدة، حيث سيطرت تداعيات الحرب على غزّة على جدول الأعمال والخطابات.
إسرائيل واجهت عزلة متنامية: تتابعت إدانات الحرب من متحدث إلى آخر، وغادر عدد من الوفود القاعة احتجاجاً لدى صعود رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى المنصة. خارج مبنى الأمم، امتلأت الشوارع بمظاهرات كبيرة مؤيدة للفلسطينيين ومناهضة لنتنياهو، الذي صدرت بحقه مذكّرة توقيف من المحكمة الجنائية الدولية بتهم جرائم حرب. في المقابل، واصلت الولايات المتحدة وقلة من الحلفاء دعم إسرائيل، لكن الغلبة كانت للانتقادات التي أبرزت اتساع عزلة تل أبيب دولياً.
أبرز المواقف والتصريحات
الأمين العام للامم المتحدة — أنطونيو غوتيريش
وصف الحرب على غزّة بأنها استثنائية من حيث حجم الدمار والمعاناة، محذراً من تداعياتها الإنسانية. أشار إلى قرارات محكمة العدل الدولية التي طالبت بمنع ارتكاب إبادة جماعية والسماح بفتح تحقيقات وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية.
البرازيل — لويز إيناسيو لولا دا سيلفا
تحدث في مستهل المناظرة — وفق التقليد الذي يعود إلى 1955 — واعتبر القضية الفلسطينية أبرز مثال على استخدام القوة بشكل مفرط وغير قانوني. حذّر من أن الشعب الفلسطيني قد يختفي ما لم يُمنح دولة مستقلة وحقوقاً كاملة داخل المجتمع الدولي.
الولايات المتحدة — دونالد ترامب
قدّم خطاباً طويلاً انتقد فيه دور الأمم المتحدة وسياساتها في الهجرة والمناخ، وأشاد بالقوة العسكرية الأميركية. طالب بالإفراج الفوري عن جميع المختطفين وحذّر من أن الاعتراف الأحادي بالدولة الفلسطينية سيكون بمثابة مكافأة لحماس.
إندونيسيا — برابوو سوبينتو
عرض استعداد بلاده لنشر 20 ألف عنصر حفظ سلام في غزّة أو في أي مكان يتطلبه السلام، صارخاً بتشابه المعاناة الفلسطينية مع تاريخ الاستعمار الذي عاشته إندونيسيا. طالب المنظمة بعدم الصمت عن الحرمان من العدالة والشرعية للفلسطينيين، مذكّراً بأن الدور الأساسي للأمم المتحدة هو حماية الضعيف والقوي على حد سواء.
تركيا — رجب طيب أردوغان
انتقد واشنطن لحرمانها مسؤولين من السلطة الفلسطينية من التأشيرات، وركّز خطابه على مآسي المدنيين في غزّة، مع عرض صور تظهر نساءً وأطفالاً يعانون من نقص التغذية. وصف ما يجري بأنه من أحلك لحظات الإنسانية ودعا إلى وقف فوري لإطلاق النار وتوفير مساعدات إنسانية دون عراقيل ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات.
الأردن — الملك عبدالله الثاني
حذّر من أن الإخفاق في معالجة الأزمة يعني القبول بالوضع وتخلي البشرية عن قيمها. وصف الصراع بأنه من أحلك فترات تاريخ المؤسسة الأممية، مؤكداً أن الحل الدائم لا يقوم إلا على دولة فلسطينية مستقلة قابلة للحياة وعاصمتها القدس الشرقية المحتلة.
قطر — الشيخ تميم بن حمد
استنكر الضربة التي استهدفت وفد مفاوضات لحماس في الدوحة في 9 سبتمبر، واعتبرها اغتيالاً سياسياً يقوّض الجهود الدبلوماسية لوقف المجزرة في غزّة، معتبراً أن في ذلك دليلاً على تحول إسرائيل إلى دولة منبوذة. حضّر على أن الهدف الحقيقي هو جعل غزّة غير صالحة للسكن.
جنوب أفريقيا — سيريل رامافوزا
سلّط الضوء على القضية التي تقودها بلاده أمام محكمة العدل الدولية للمطالبة بإثبات ارتكاب إسرائيل لإبادة جماعية في غزّة، مستنداً إلى تقرير لجنة أممية مستقلة خلص إلى استنتاجات مماثلة. قال إن القصد من القضية إنقاذ الأرواح عبر إلزام المحكمة بتقرير أن إبادةً جماعية تُرتكب ويجب وقفها.
لبنان — ميشال عون
رأى أن الشعب اللبناني يواجه الموت يومياً وأن أجزاءً من لبنان لا تزال تحت احتلال، داعياً إلى تطبيق قرار مجلس الأمن 1701 كاملاً وسحب القوات المحتلة وإطلاق سراح الأسرى اللبنانيين. شدّد على ضرورة إنهاء الدمار في غزّة ودعا إلى حل الدولتين كطريق للسلام.
فرنسا — إيمانويل ماكرون
بعد اعتراف فرنسا رسمياً بفلسطين، دعا دولاً أخرى إلى السير في نفس المسار باسم السلام، مؤكداً أن الذكرى الثمانون للأمم يجب أن تكون لحظة تجديد. أيّد إعلان نيويورك الموقع من 142 دولة الذي يطالب بالإفراج عن المختطفين وتثبيت الأوضاع في غزّة وتفكيك حماس والاعتراف بكل من إسرائيل وفلسطين.
كولومبيا — غوستافو بيترو
اتهم الجمعية العامة بأنّها كانت شاهدة صامتة على ما وصفه إبادة في غزّة، حيث أشار إلى مقتل عشرات الآلاف. طالب بتجاوز فيتو مجلس الأمن واتخاذ إجراءات ملزمة من خلال الجمعية العامة، محذّراً من استمرار سقوط المزيد من الضحايا يومياً.
إسبانيا — الملك فيليبي السادس
جدد التأكيد على أن كرامة الإنسان لا تُساوم، وصف الأمم المتحدة بأنها مؤسسة لا غنى عنها للدفاع عن النظام القائم على القواعد ضد قانون الأقوى. أدان الدمار والتهجير الجماعي في غزّة وفي الوقت ذاته أدان هجمات حماس في أكتوبر 2023.
سوريا — أحمد الشعلان
عرض مأساته الوطنية على خلفية سنوات من القمع والحروب، وحذّر من مخاطر تجدد التهديدات الإسرائيلية في سياق الانتقال السياسي الهش. دعا إلى رفع العقوبات وتشجيع الاستثمار لإعادة الإعمار ووقف الحرب فوراً نصرة لغزّة.
إيران — مسعود بازركان/مسعود بيزشكيان
استلهم شعار الدورة «أفضل سوية» كدعوة للتماسك والتمسك بقيم أخلاقية مشتركة. دان ما وصفه بالإبادة في غزّة والاعتداءات على سوريا ولبنان واليمن، واعتبر أن الانتهاكات التي تُبرر باسم الدفاع الذاتي تقوّض أسس الإنسانية.
فلسطين — محمود عباس
في رسالة مسجلة قال إن غزّة تعيش «حرب إبادة وتدمير وتجويع وتشريد» أودت بأكثر من مئتي ألف ضحية بين قتيل وجريح، وندد بأعمال المستوطنين والاعتداءات على المدنيين تحت حماية الجيش. نأى بالسلطة عن هجمات أكتوبر 2023 وأكد أن لحماس لن يكون لها دور في الحكم.
غانا — جون ماهاما
انتقد معاملة الوفد الفلسطيني داخل الأمم واعتبر حرمان الرئيس عباس من التأشيرة سابقة خطيرة، مذكّراً بأن غانا تعترف بالدولة الفلسطينية وتدعم حل الدولتين.
المملكة المتحدة — ديفيد لامي
وصف الوضع في غزّة بأنه «لا يُحتمل ولا يُبرر»، داعياً إلى وقف المعاناة فوراً. بينما أدان هجمات حماس، أدان أيضاً الحصار الذي أدى إلى تفشي المجاعة في القطاع.
اليمن — رشاد العليمي
اصفاً غزّة بأنها جرح ينزف، اعتبر أن موقفي اليمن وفلسطين هما امتحان أخلاقي للأمم، ودعا الدول التي لم تعترف بعد بفلسطين إلى القيام بذلك.
إسرائيل — بنيامين نتنياهو
دافع عن حملة بلاده، مدّعياً أنها سحقَت حماس وردّت على تهديدات من حزب الله وقوات متحالفة، وحذر من إعادة بناء القدرات النووية الإيرانية. رفض اتهامات بالإبادة وادعى أن إسرائيل تتخذ تدابير لتقليل الخسائر وتوفّر مساعدات غذائية لغزّة، وأصر على رفض دولة فلسطينية تُفرض نتيجة هجمات أكتوبر.
باكستان — شهباز شريف
وصف الهجوم على النساء والأطفال بأنه «فصل من أحلك فصول التاريخ»، دعا إلى وقف فوري للقتال وأكد دعم باكستان لدولة فلسطينية ضمن حدود ما قبل 1967 والقدس الشرقية عاصمة لها.
أيرلندا — ميشال مارتن
وصف غزّة بأنها «كارثة من أضخم أنواعها»، محذراً من القوة العسكرية الهائلة المستخدمة ضد مدنيين عزل.
بنغلاديش — محمد يونس
أيد استنتاج لجنة أممية مستقلة بأن ما يحدث في غزّة يرقى إلى إبادة جماعية، ودعا المجتمع الدولي للتحرك.
روسيا — سيرغي لافروف
اتهم إسرائيل بالسعي لتفجير الشرق الأوسط عبر هجماتها على إيران وقطر، وانتقد المماطلة الغربية في الاعتراف بفلسطين، معتبراً أن الدبلوماسية تُقوّض بسياسات مزدوجة المعايير.
السعودية — الأمير فيصل بن فرحان
ندد بممارسات قتل وتجويع وتهجير واسعة في غزّة، وأشار إلى تصنيف المجاعة من جهات متخصصة، ودعا إلى تحرّك عاجل لإنهاء العدوان ورحب باعترافات جديدة بفلسطين من دول عدة.
في ختام أعمال الدورة، بدا واضحاً أن الأزمة الفلسطينية كانت المحرك الرئيسي للنقاشات وصَرْعَت مصالح الدول والتحالفات، وظهرت الحاجة الملحّة إلى تحرك دولي فاعل لوقف معاناة المدنيين وفتح ممرات إنسانية ومنح آفاق سياسية قابلة للحياة كشرط لأي حل دائم — نقطه تحوّل لا يحتمل التأجيل.