إغلاق شامل لشبكات الاتصالات في أفغانستان
فرضت حركة طالبان حظرًا وطنيًا على خدمات الاتصالات والإنترنت بذريعة محاربة «الانحرافات الأخلاقية»، ما أدى إلى انقطاعٍ واسع النطاق للشبكات في أنحاء البلاد. قالت منظمة Netblocks، المراقبة لحركة الإنترنت عالمياً، إن شبكات متعددة في أفغانستان قُطعت، كما تعرضت خدمات الهاتف إلى تقييدٍ كبير، ما وصفته المنظمة بأنه «انقطاع إنترنت تام» في دولة يقطنها نحو 43 مليون نسمة.
تدرج الانقطاع أثرَ على مراحل: بدأت القطع السبت وشهدت أواخره تعطيل خدمات الهاتف، بعد أن قطعت السلطات نهاية الشهر الماضي وصلات الألياف الضوئية في محافظات عدّة بحجة «منع الرذيلة». وقالت مجموعة Netblocks إن الحادث سيحدّ بشدة من قدرة الناس على التواصل مع الخارج.
أي الخدمات تُقيَّد؟
في النصف الثاني من الشهر الجاري بدأت قيود على الإنترنت، وفي 16 سبتمبر أعلن المتحدث باسم ولاية بلخ حظراً مطلقاً على خدمات الإنترنت عبر الألياف الضوئية في المحافظة الشمالية. وردّ المسؤولون بأن «الإجراء اتُّخذ لمنع الفسق والفجور»، بينما سُجلت قيود مشابهة في بدخشان وطحار شمالاً، وفي قندهار وهلمند وننجرهار جنوباً.
أظهرت بيانات Cloudflare Radar أن كابل الاتصالات في كابل شهد أكبر انخفاض في اتصال الإنترنت على مستوى البلديات، تليها هرات وكندهار. وأفاد مصدر إعلامي محلي بأن السلطات منحت مهلة أسبوع لإطفاء خدمات 3G و4G على الهواتف المحمولة، تاركة فقط شبكات الجيل الثاني (2G) متاحة. كما تضررت خدمات الهاتف لأن كثيراً منها يُجرى عبر الإنترنت ويعتمد على نفس الكابلات الليفية.
من الأكثر تضرراً؟
تأثرت محطات الأخبار: حذرت قناة TOLO من اضطرابٍ في تغطيتها الإخبارية وذكرت أن الإغلاق سيؤثر على عملياتها الداخلية. وأفادت وكالتا الأنباء AP وAFP بعدم تمكنهما من التواصل مع مكتبيهما في كابل. كذلك حاولت قناة الجزيرة التواصل مع أشخاص في كنار وجلال آباد وكابل عبر واتساب والهاتف من الخارج دون جدوى، وأبلغ ناشطون وأفغان مغتربون مثل نيلوفر أيوبي عن عجزهم عن التواصل مع أفراد عائلاتهم.
الرحلات والمواصلات
تعرضت بعض الرحلات من مطار كابل لاضطرابات؛ فقد ألغى Flightradar24 تسع رحلات مقررة مغادرتها أو الوصول إلى مطار كابل الدولي يوم الثلاثاء، فيما أُنجزت رحلات أخرى كالمعتاد.
الآثار الاقتصادية والخدماتية
حتى قبل استيلاء طالبان على السلطة في أغسطس 2021، كان الاقتصاد الأفغاني هشاً: نحو 47% من السكان تحت خط الفقر، والبطالة بلغت 11.7% عام 2020، فيما كان ثلث العاملين تقريباً يعيشون بأقل من 1.90 دولار يومياً، وفق أرقام أوردتها خبيرة اقتصادية سابقة في وزارة المالية. قد يزيد إغلاق خدمات الاتصالات من تعميق تلك الأزمات. منصات إلكترونية مثل «أسيل» التي أتاحت للحرفيات الأفغانيات بيع منتجاتهن للعالم وتلقي تبرعات إنسانية عبر الموقع ستتأثر بشدة. كما سيضر القطع بمن يعتمدون على وسائل التواصل الاجتماعي لتحقيق دخلهم، مثل صانعي المحتوى على يوتيوب.
وأبلغ دبلوماسيون هيئة الإذاعة البريطانية أن الإغلاق قد يؤثر على أنظمة المصارف، وعلى سير الأعمال والخدمات الطبية في المستشفيات، لأنها تعتمد بدورها على الشبكات الإلكترونية للتنسيق والمعاملات.
ماذا تقول طالبان؟
نقلت وكالة AFP عن مسؤول حكومي قوله إن الشبكة الليفية التي تعتمد عليها الدولة ستُعطل، وأن «ثمانية إلى تسعة آلاف عمودٍ للاتصالات» ستُقطع، مضيفاً أن الانقطاع سيستمر «حتى إشعار آخر». منذ توليها السلطة، فرضت طالبان قيوداً اجتماعية متزايدة اتساقاً مع تفسيرها المتشدد للشريعة، وتضمّنت هذه الإجراءات منع النساء العاملات لدى الأمم المتحدة من دخول مكاتبها في سبتمبر، إضافة إلى حظر نساء على عدد من المهن وحرمان الفتيات من التعليم الثانوي والجامعي. اعتمد كثير من النساء والفتيات على حصصٍ تعليمية عبر الإنترنت تُقدَّم من جهات خارجية أو مؤسسات خيرية؛ ومع قطع الشبكات تصبح هذه السبل أيضاً عرضة للخطر.
هل سيؤثر ذلك على جهود الإنقاذ بعد الزلزال؟
في 31 أغسطس ضرب زلزال بقوة 6.0 مناطق شرقية من البلاد، وأسفر عن أكثر من 2,200 قتيل ونحو 3,600 جريح حسب إحصاءات سلطات طالبان، وتشرد مئات الآلاف بينما لا تزال فرق الإغاثة تعمل. غياب الإنترنت يعيق تبادل البيانات في الوقت الحقيقي والتنسيق بين المستجيبين، ما قد يعرقل عمليات البحث والإنقاذ وتوزيع المساعدات، خصوصاً مع القيود التي تقيد مشاركة النساء في الأعمال الميدانية—حيث تُمنع كثيرات من السفر دون محرم أو من العمل لدى منظمات غير حكومية.
تصريحات وشهادات شخصية
«لم أتمكن من الوصول إلى والدتي في أفغانستان منذ تسع سعات بسبب انقطاع الانترنت. هذا المساء أشعر بعجز ويأس مماثلين لليلة 15 أغسطس 2021»، كتبت الناشطة والصحفية نيلوفر أيوبي، معبرة عن مدى القلق الذي يعيشه المغتربون عند انقطاع قنوات الاتصال مع ذويهم.