سحر التكرار في أعمال سوزان روثنبرغ

«النمو أهمّ لديّ من الموهبة»، قالت سوزان روثنبرغ وهي في التاسعة والثلاثين لصحافية جريس غلوك في بروفايل نُشر عام 1984 في صحيفة نيويورك تايمز. في ذلك الحين كانت الفنانة «في أوج مسيرة لا تتجاوز عقدًا تقريبًا» كما وصفت غلوك، وكانت تحاول أن تتحوّل عن لوحات الخيول التي اشتهرت بها — لوحات ذات أسطح معمّقة وأشكال محدّدة — إلى لغة تصويرية أخرى. بعض لوحاتها عن الخيول معروضة ضمن معرض «الطقس» في هاوزر آند وورث، لكن الأهم من ذلك أن المعرض يعرض أعمالًا متعددة تؤكّد ليس فقط تطوّرها من تلك الأعمال المبكرة، بل وتبيّن أيضاً قدرتها على إحياء أبسط الموضوعات عبر تكرار الشكل والإيماءة.

معرض «الطقس» يؤكد موهبة روثنبرغ، لكنه أيضاً يقدمها كرسّامة متعددة الأبعاد ديناميكيًا على الرغم من تكرار الموضوع. في عالم فنّي يقدّر الجدة الظاهرة — سواء في أوائل السبعينيات، عندما برزت روثنبرغ في مشهد نيويورك، أو الآن بعد نحو خمسين سنة — فإن هذا النوع من الإصرار الرقيق نادرًا ما ينال مكافأته فورًا. لذا فمن المشجع أن المعرض يضع تلك اللوحات المبكرة عن الخيول أزواجًا في القاعة الأمامية، ما يسلّط الضوءَ على براعَتها في معالجة اللون والضوء.

روثنبرغ تُوَضع شخصيّاتها داخل ضباب من علامات سميكة متراكمة بالطباشير أو الطلاء، فتقربها بذلك من التجريد الشكلي أكثر من التقليد التمثيلي. الخطوط الخارجية لا تُرسم بذاتها، بل تُلمّح إليها عبر تغيّرات دقيقة في النغمات والضوء. على سبيل المثال، اللوحتان بلون التراب المصبوغ بالحمرة «ماري الأولى» و«ماري الثانية» (1974)، المثبتتان جنبًا إلى جنب على أطول جدار في القاعة الأمامية، تُقدِّمان مشهداً جانبيًا لجسم بشري على أربع كما لو كان يقلّد حصانًا. كل صورة هي تراكم لعلامات فردية لا اندماج لحركات، بحيث كل ضربة فرشاة تُعلن موقعها بوضوح داخل الكلّ. مثل هذا النهج كان ثوريًا عام 1974، حينما كان التجريد والمفاهيمية والاتجاه نحو المواد الموضوعية البسيطة هي صيحات ذلك العصر، وكانت التصويرية تُعتبر تراجعًا. وفي الوقت ذاته، يُظهر «الطقس» قدرة روثنبرغ على تكييف المنهجيات الإضافية لتلك الممارسات — مثل التكرار، التجميع، أو التغليف — وتحويلها إلى لغة تصويرية آسرة.

يقرأ  أنطونيو غوتيريش: قلق من تدهور الأوضاع في مدينة الفاشر السودانية

في القاعة الثانية من المعرض تُعرض أعمال مثل «ثعالب على تل» (1972)، «مقدّمة زرقاء» (1978)، «ربنا» (1979)، و«رأس أحمر» (1980–81)، وكلها تُبرز براعة منهج روثنبرغ. مثل فنانات النسوية اللواتي استخدمن نفس الأساليب في ثلاثة أبعاد، روثنبرغ تُضاعف، تُحاط، وتجمع مواضيعها — غالبًا الرؤوس، الخيول، أو الأجسام البشرية الكاملة. في «ثعالب على تل» تُقرّن الحيوان المذكور بينما تعكس أيضا غيومًا رقيقة في السماء. في «مقدّمة زرقاء» حصانها الأيقوني محاط بأرجل صغيرة، مما يجبرنا على رؤية الشكل المركزي في علاقة مع الآخر. بالفعل، العلاقات هي مفتاح هذه الأعمال: الموضوعات تُعرّف بعلاقاتها المتكررة مع بعضها.

ثمار نمو روثنبرغ المستمر والثابت — حتى في سنواتها الأخيرة — تُرى بأوضح صورة في الغرفة الأخيرة من المعرض. في أعمال مثل «لاس بلانكاس» (1996–97)، «طول الليل» (2000–01)، «الانطلاق» (2006)، و«بدون عنوان (شريط وأيدي خضراء)» (2018)، تُجسّد الفنانة الأجسام بحنان في حالة من الضعف — غالبًا عارية أو ملتوية — كأنها غير مرتاحة تمامًا أو غير متموضعَـة في الفراغ. هذه اللوحات القوية والمثيرة من ربع القرن الأخير تنضح بمعاناة مميزة، لكنها تبدي أيضًا خفّة في صنع العلامة. عمل «بدون عنوان»، بنظرة طائرية لرأس بين يديْن، يردّد النظرة الشاملة للعُنق المربوط في «رأس أحمر». لكن في «بدون عنوان» يُنقل الشعور بالتحوّل العاطفي بصورة أدقّ عبر تطور اللون الأخضر ضربة فرشاة وراء أخرى من زهري فاتح إلى أخضر غامق، أو عبر الرمادي الذي يلوح خلف الرأس الأبيض العظمي. كانت روثنبرغ رسّامة ماهرة بلا ريب — وأكثر من ذلك، كانت تعتني بصقل مهارتها بالتكرار لتعبّر بدقة عن أحاسيس يومية وفي الوقت نفسه رقيقة.

المعرض يستمر في هاوزر آند وورث (رقم 542 غرب شارع 22، تشيلسي، مانهاتن) حتى 18 أكتوبر. وقد نظّمتُه الصالة نفسها.

يقرأ  جداريات ولوحات الفنان لوكا لِدَّا

يسار: تفصيل من سوزان روثنبرغ، «طول الليل» (2000–01)، زيت على قماش؛ يمين: تفصيل من سوزان روثنبرغ، «الانطلاق» (2006)، زيت على قماش (الصورتان: ليا تريبليت هارينغتون/هايبرالرجيك)

سوزان روثنبرغ، «ماري الأولى» (1974)، أكريليك وتيمبرا على قماش (© أرشيف سوزان روثنبرغ / جمعية حقوق الفنانين، نيويورك؛ تصوير: دراسات الأشياء، بإذن من هاوزر آند وورث)

يسار: تفصيل من سوزان روثنبرغ، «بدون عنوان (شريط وأيدي خضراء)» (حوالى 2018)، زيت على قماش؛ يمين: تفصيل من سوزان روثنبرغ، «طول الليل» (2000–01)، زيت على قماش (الصورتان: ليا تريبليت هارينغتون/هايبرالرجيك)

سوزان روثنبرغ، «مقدّمة زرقاء» (1978)، أكريليك، فلاش، وتيمبرا على قماش (© أرشيف سوزان روثنبرغ / جمعية حقوق الفنانين، نيويورك؛ تصوير: دراسات الأشياء، بإذن من هاوزر آند وورث)

أضف تعليق