الجمهوريون يعتبرون تقرير الأسعار نعمة، والديمقراطيون يعتبرونه كارثة — من على صواب؟ أخبار الأعمال والاقتصاد

تُظهر أحدث بيانات مؤشر أسعار المستهلك في الولايات المتحدة هل يدفع الأمريكيون أكثر أم أقل على السلع؟ الإجابات تختلف بحسب من تستمع إليه: سياسيون يتباهون بالأرقام وآخرون يحمّلونها عيوباً — وفيمّا أن خوارزميات وسائل التواصل الاجتماعي قد تُعمّق هذا التضارب.

بشكل دوري ينشر مكتب إحصاءات العمل الاتحادي مؤشرات قياس تغير أسعار السلع والخدمات مثل الأغذية والملابس والوقود والإسكان، ويُستخدم هذا التقرير لتقييم الاستقرار الاقتصادي وإرشاد السياسات العامة.

على يوم صدور تقرير يوليو احتفل السيناتور الجمهوري من فلوريدا ريك سكوت بالنتائج، غرد في 12 أغسطس: «شهر آخر من تضخم أخفّ من المتوقع. خبر رائع لأسر فلوريدا، وتذكير آخر للثقة في الرئيس ترامب!» مرفقاً مقطعاً قصيراً من فوكس بيزنس عن تراجع أسعار الطاقة والوقود.

من جهة أخرى النائبة الديموقراطية عن فلوريدا كاثي كاستور رأت العكس وكتبت في تغريدة في 12 أغسطس: «ترامب يرفع فاتورة البقالة ليملأ جيوب أصدقائه المليارديرات. لا شيء جيد لأسر أمريكا في هذا الأمر.» وأرفقت رابطاً إلى تقرير يفيد بأن المؤشر ارتفع في يوليو بنسبة 2.7 في المئة على أساس سنوي.

خبراء الاقتصاد يقولون لـ PolitiFact إن هذا النوع من الإطار المضطرب ليس بجديد: كلٌ يختار مؤشرات تدعم حجته، وأن الصورة الكاملة لصحة الاقتصاد ومساره قد تحتاج إلى مزيد من الوقت لتتضح.

دوجلاس هولتز-إيكن، رئيس معهد السياسات ذي التوجه الوسط-يميني American Action Forum، وصف أرقام التقرير بأنها «جرعة إضافية من الأخبار السيئة المتواضعة. ليست درامية بعد، وليست أزمة، لكنها ليست إيجابية كذلك.»

تعقّد المشهد أن تعريف التأثير الكامل لتعريفة ترامب الجمركية على الأسعار لا يزال قيد المتابعة: تعريفات جديدة بعضها دخل حيّز التنفيذ في أغسطس، ويُنتظر أن تظهر آثارها تدريجياً على أسعار الواردات.

يقرأ  لبنان — دبلوماسية إيران الحسّاسة وسط الدعوات لنزع سلاح حزب الله

قال جيسون فورمان، أستاذ الاقتصاد بمدرسة كينيدي بجامعة هارفارد والمستشار الاقتصادي السابق للرئيس أوباما: «منذ 2021 أصبحت تقارير مؤشر أسعار المستهلك ساحة معركة حزبية، مع تقطيع البيانات وتقديم ما يخدم كل طرف. وهناك بيانات كثيرة في التقرير دائماً ما تسمح بتفسيرها بطرق تدعم أي وجهة نظر تقريباً.»

ماذا أفاد تقرير يوليو؟
– ارتفع مؤشر أسعار المستهلك 0.2 في المئة مقارنة بالشهر السابق، و2.7 في المئة على أساس سنوي — أقل قليلاً من توقعات الاقتصاديين عند 2.8 في المئة، بفعل هبوط أسعار البنزين والطاقة.
– الزيادة السنوية 2.7 في المئة في جميع البنود «أقل إلى حد ما مما كانت عليه في بداية 2025»، بحسب غاري بيرتلِس من بروكينغز، وهو ما يمكن أن يستغلّه ترامب للدفاع عن سياساته. وفي المقابل، هذه القراءة أعلى قليلاً مقارنة بفترة مارس–يوليو، مما يعطي منتقدي ترامب مادة للنقاش.
– المقياس الأساسي للتضخم، الذي يستبعد الغذاء والطاقة لاعتبارهما متقلبين، سجّل ارتفاعاً 0.3 في المئة لشهر يوليو و3.1 في المئة على أساس سنوي — وهي المرة الأولى منذ أشهر التي ترتفع فيها النسبة السنوية فوق 3 في المئة. هذا يتجاوز توقعات الاحتياطي الفيدرالي قبل انتخابات 2024 التي كانت تشير إلى معدل وسطي أساسي 2.2 في المئة لعام 2025.

«الاقتصاديون يركزون عادة على المقياس الأساسي لأنه أقل تقلباً من الغذاء والطاقة»، يقول دين بيكر، مؤسس مشارك بمركز البحوث الاقتصادية والسياسات، مضيفاً أن تغيّرات كبيرة في الغذاء أو الطاقة غالباً ما تنعكس لاحقاً، لذا يكون مقياس الجوهر أكثر فائدة عند محاولتنا استشراف الاتجاهات المستقبلية.

رد فعل الأسواق والسياسة النقدية
على الرغم من الارتفاع الطفيف، كان التقرير طفيف التأثير لدرجة أن الأسهم الأمريكية أغلقت قرب مستويات قياسية في 12 أغسطس. يبدو أن السوق يراهن حالياً على احتمال خفض الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة في سبتمبر مع تزايد مخاوف تباطؤ سوق العمل. ومن باب الخلاف السياسي، أبقى المصرف المركزي على أسعار الفائدة ثابتة في 2025 بينما يتابع تأثيرات التعريفات الجمركية.

يقرأ  أفغان في الولايات المتحدة يحيون ذكرى استيلاء طالبان على كابل وسط تشديد ترامب لسياسات الهجرة — أخبار دونالد ترامب

اضطراب في مكتب إحصاءات العمل
تزامن صدور بيانات يوليو مع هزّة داخل مكتب إحصاءات العمل الاتحادي: بعد مراجعة هبوطية لبيانات التوظيف في مايو ويونيو، أقال ترامب مفوضة المكتب إريكا ماكنتارفر متّهماً إياها بالتحيّز السياسي، ورشّح إي. جي. أنتوني، اقتصادي من معهد التراث المحافظة، لشغل منصب المفوض الجديد — مرشح انتقد المؤسسة سابقاً.

طريق تعريفات ترامب الطويل والملتوي
تُشير الإدارة إلى تحصيل نحو 130 مليار دولار من التعريفات الجديدة حتى الآن، ومعظم الاقتصاديين يتوقعون أن تبدأ الشركات في تمرير التكاليف الإضافية إلى المستهلك الأمريكي مع الوقت.

تحليل غولدمان ساكس المشار إليه مع بلومبرغ ذكر أن الشركات الأمريكية حتى يونيو امتصت نحو ثلثي تكاليف التعريفات، بينما تحمل المستهلكون نحو 22 في المئة. لكن البنك يتوقع أن يرتفع نصيب المستهلكين إلى 67 في المئة بحلول أكتوبر إذا اتبعت التعريفات الأنماط التاريخية لتأثير تعريفات الواردات على الأسعار.

ترامب غرد في 12 أغسطس على منصته قائلاً إن إداري غولدمان ساكس يجب أن يستبدل اقتصادي البنك، وزعم أن التعريفات لم تتسبب في تضخم أو مشاكل أخرى سوى تدفّق مبالغ نقدية كبيرة إلى خزينة الدولة.

بعض الشركات حاولت تفادي رفع الأسعار عبر تخزين سلع قبل نفاذ التعريفات أو امتصت التكلفة للحفاظ على عملائها، أو تنتظر أحكاماً قضائية قد تبطل التعريفات. كما يقول هولتز-إيكن: «هذا مجرد قرار تجاري من الشركات، لكن سيأتي وقت إذا بقيت التعريفات عند مستوياتها الحالية لن يصبح ذلك ممكناً بعد الآن.»

خلاصة الخبراء
دراسات كثيرة عن تعريفات سابقة توصلت إلى أن لها آثاراً سلبية على الاقتصاد وترفع الأسعار للمستهلكين. لكن حتى الآن يرى خبراء مثل بيرتلِس أن أثر التعريفات على الأسعار الإجمالية لا يزال متواضعاً وأن الزيادات عبر فئات السلع والخدمات لا تتوافق تماماً مع فكرة أن التعريفات هي المحرّك الرئيسي للتضخم — قد يتغير ذلك مستقبلاً، لكن ليس بعد.

يقرأ  يامال ورافينيا يقودان برشلونة إلى فوز افتتاحي على مايوركا في انطلاق الليغا

وحكمة التحفظ تبقى سائدة: «لا تصدق بيانات شهر واحد»، كما حذّر هولتز-إيكن؛ فالحكم على الاتجاه يتطلب تراكم المزيد من الأدلة عبر الزمن.

أضف تعليق