قوات الدعم السريع تُحرز تقدّماً على الجيش في معركة الفاشر

مراسل شؤون أفريقيا

من مخيم مؤقت من خيام في مدينة الفاشر تحت حصار طويل، يصل صدى القذائف إلى أحمد عبد الرحمن وهو مستلقي. الصبي البالغ من العمر ثلاثة عشر عاماً جُرِح في قصف حديث؛ يقول بصوت مُنهك: «أشعر بألم في رأسي وساقي». أمّه، إسلام عبدالله، تصف حالته بأن «جسده ممتلئ بشظايا»، وأن وضعه مستقرّاً بصعوبة.

لأكثر من سبعة عشر شهراً تحاصر قوات الدعم السريع مدينة الفاشر، في قلب منطقتهم الاثنية في دارفور، والآن تقترب من مواقع عسكرية رئيسية داخل المدينة. بعد فقدانهم السيطرة على الخرطوم، تكثّف المجموعات شبه العسكرية محاولاتها للسيطرة على الفاشر، آخر معاقل الجيش في غرب دارفور، فيما تقلّصت مناطق سيطرة الجيش إلى جيب حول المطار. بالنسبة لعشرات الآلاف من المدنيين المحاصرين داخل المدينة، كل يوم هو كابوس جديد.

الحصار والقتال يعيقان الوصول إلى معلومات مؤكدة، لكن فريقاً من الصحفيين المستقلين داخل الفاشر زود بتقارير أوصلت صورة عن حياة المحاصرين. تحذير: يحتوي النص على تفاصيل قد تكون صادمة لبعض القرّاء.

المنظومة الصحية تنهار؛ المستشفيات تتعرّض للنيران وتنفد منها المواد الطبية، ولذلك بات تقديم الرعاية نادراً جداً. عندما ترفع الأم قميص أحمد تظهر جروحاً وشظايا غائرة، وضلعه البارز دليل على الجوع الذي يلاحق المدينة. بجوارهما، تمتد على الطريق حميدة آدم علي عاجزة عن الحركة، ساقها مصابة إصابة بالغة — بقيت ملقاة لأيام قبل أن تُحمل إلى مخيم للنزوح. تقول: «لا أعلم إن كان زوجي حياً أم ميتاً. أطفالنا يبكون منذ أيام لأن لا طعام. أحياناً يجدون شيئاً يأكلونه وأحياناً ينامون جوعاً. ساقي تقيحت ورائحتها كريهة. لا أملك شيئاً سوى الاستلقاء».

تقدّم قوات الدعم السريع في الأسابيع الأخيرة ملحوظ؛ نشرت لقطات يظهر فيها مقاتلون في موقع حددت تحققات أنَّه مقر الفرقة المدرعة العسكرية. ثمة قواعد مجاورة لا تزال قوات الجيش — بما في ذلك الفرقة السادسة مشاة — تدافع عنها. والجيش نشر في الأيام القليلة الماضية فيديو لجنود يهللون لوصول إمدادات نُقلت عبر الإنزال الجوي، حسبما أفيد.

يقرأ  هل يُعتبر قادة الغرب متواطئين قانونياً في الإبادة الجماعية بغزة؟

في حرب الإعلام المصاحبة للمعارك، تُبث احتفالات مقاتلي الدعم السريع بصورتهم كنصر وشيك على الفاشر. السيطرة الكاملة على المدينة تمنحهم ميزة استراتيجية في الحرب الأهلية بعد نكسات تعرضوا لها هذا العام؛ تفتح لهم منافذ إلى ليبيا لتموين بالوقود والأسلحة، وتعزز قبضتهم على الحدود الغربية في قوس يمتد من جنوب السودان وصولاً إلى أجزاء من مصر — ما يمنحهم قدرة أكبر على تأمين خطوط النقل من المناطق الحدودية إلى داخل دارفور. وتقول المحللة السودانية خلود خير إن هذا الموقع قد يمكّنهم أيضاً من شن هجمات على كردفان والعودة إلى العاصمة.

الجماعات المحلية المسلّحة، المعروفة بالقوات المشتركة، التي تقاتل إلى جانب الجيش، ترى في هذه المواجهة دفاعاً عن موطنها ومشروعها السياسي؛ خسارة دارفور تعني بالنسبة لهم فقدان مطلبهم التمثيلي والبقاء السياسي.

تعتمد قوات الدعم السريع على طائرات مسيّرة قاتلة ومتطورة، تقول جهات مراقبة إن الإمارات زودتها بها، بينما تنفي الإمارات هذا الاتهام رغم أدلة وتقارير خبراء الأمم المتحدة. لقطات تحقق بها الإعلام تظهر ضربات لطائرات مسيّرة على مواقع قريبة من قواعد عسكرية وأسواق شعبية — المدنيون لا يُستثنون من العنف.

في هجوم استهدف مسجداً أثناء صلاة الصباح الشهر الماضي قُتل أكثر من خمسة وسبعين شخصاً، وفق تقارير، ونُسبت الحادثة إلى الدعم السريع رغم نفيه الرسمي. فرق الإنقاذ لم تجد كفاية من أكفان لدفن جميع الضحايا. سامح عبدالله حسين تقول إن ابنها الصغير سمير دُفن في تلك المقبرة الجماعية؛ لقد قُتل في اليوم السابق بينما أصيب شقيقه. القذائف أصابت ساحة المدرسة التي لجأوا إليها، وتصف الأم الجرح القاتل: «أصيب في رأسه وكانت الإصابة عميقة إلى درجة بروز أنسجة الدماغ»، تمسح دموعها ثم تضيف: «ابني الآخر أصيب بشظية في الرأس والذراع، وكنت أنا أصبت في ساقي اليمنى».

يقرأ  محتجون في بيرو يعرقلون حركة القطارات المتجهة إلى ماتشو بيتشو

مئات الآلاف فرّوا من الفاشر خلال العام الماضي، والناجون الذين بلغوا مناطق آمنة يتحدثون عن اعتداءات وسلب وقتل أثناء محاولات الخروج. تحذر الأمم المتحدة من وقوع مزيد من الفظائع في حال سيطر مقاتلو الدعم السريع على المدينة. القوات تنفي استهداف مجموعات إثنية غير عربية مثل الزغاوة، رغم أن تقارير حقوقية وأممية تورد دلائل على جرائم حرب؛ في المقابل تحاول الجماعات عرض وجه يتسم بالرحمة عبر فيديوهات تُظهرها تودع وتساعد الفارين — لقطات تجذب انتباه لاجئ يتابع من خارج البلاد وتثير في نفسه صدمة مزدوجة بين قسوة الواقع وصور التماثل الإنساني المصوّرة. يتعرّف على عدد كبير من الأشخاص الذين أوقفهم مقاتلو قوات الدعم السريع.

«الرجل الأخير كنا نلعب معه كرة القدم»، يقول للبي بي سي، «والذي في الوسط موسيقي، أعرفه من الفاشر».

يرى اللاجئ أيضاً بعض أقاربه ضمن المجموعة، وطالب بألا يُذكر اسمه حفاظاً على سلامتهم.

«أصابني ذلك بصدمة كبيرة وحزن عميق»، يقول. «سأظل قلقاً حتى أطمئن إليهم أو يصلني منهم خبر يُخبِرني أنهم بخير وفي مكان آمن».

في وقت لاحق من ذلك اليوم ابلغني بأن أفراد أسرته بأمان — ارتياح هائل لكنه مؤقت.

«المسألة ليست أقاربي وحدهم»، يضيف. «إنها كل الناس الذين أعرفهم، إنها ذكرياتي هناك. أرى كل يوم أشخاصاً أعرفهم يموتون وأماكن كنت أرتادها تُدمَّر. ذكرياتي ماتت، ليس الناس فقط. كأنه كابوس».

الكثيرون يخشون مما قد تحمله الأسابيع المقبلة. أما الذين ما زالوا محاصرين في المدينة فلا سبيل أمامهم سوى الانتظار ومحاولة البقاء على قيد الحياة.

مزيد من تقارير البي بي سي عن الحرب الأهلية في السودان:

صور: غيتي إيماج/بي بي سي

أضف تعليق