إسرائيل تشدد الحصار على مدينة غزة وسط مراجعة حماس لخطة ترامب للسلام

ضربت قذائف القوات الإسرائيلية ليلًا ملجأً في مدرسة كان مأوى للنازحين بجنوب مدينة غزة.

قال وزير الدفاع الإسرائيلي إن قواته “تشدد الحصار” حول مدينة غزة عبر توسيع ممر عسكري يقطع القطاع باتجاه الساحل، وأطلق تحذيراً أخيراً لمئات الآلاف من سكان المدينة بوجوب التوجه جنوباً، مبدياً أن من يبقون أثناء الهجوم على حماس سيُعتبرون “إرهابيين ومؤيدين للإرهاب”.

أفادت مستشفيات بأن نحو 45 قتيلاً سقطوا برصاص إسرائيلي في مدينة غزة يوم الأربعاء، بينما أعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنها اضطرت لتعليق عملها هناك.

تصاعدت وتيرة الهجوم بينما تدرس حماس ردّها على خطة أمريكية جديدة لإنهاء الحرب؛ وتُشير معلومات إلى ضغوط من وسطاء عرب وأتراك من أجل رد إيجابي، لكن قيادياً رفيعاً في حماس رجّح رفض الحركة للخطة.

وصفت قوة الدفاع الإسرائيلية مدينة غزة بأنها “المعقل الأخير” لحماس، وقالت إن الهدف من الهجوم هو تأمين الإفراج عن 48 رهينة لا تزال حماس تحتجزهم — يعتقد أن 20 منهم على قيد الحياة — وتحقيق “هزيمة حاسمة” للحركة.

أبلغ وزير الدفاع وسائل الإعلام بأن الجيش “حالياً يكمل السيطرة على ممر نتزاريم إلى الساحل الغربي لغزة”، في إشارة إلى المنطقة العسكرية التي تمتد شرقاً ـ غرباً من محيط الحدود. وأضاف أن ذلك سيشدّد الحصار حول مدينة غزة، وأن أي شخص يغادرها باتجاه الجنوب سيُرغم على المرور عبر نقاط تفتيش تابعة للجيش. وصف الصحفيون كلامه بأنه “الفرصة الأخيرة” لسكان المدينة الراغبين في المغادرة جنوباً وترك عناصر حماس معزولين داخل المدينة، وحذر مجدداً من أن البقاء سيجعل الأفراد “إرهابيين ومؤيدي إرهاب”. لاحظت وسائل إعلام عبرية استخدام اسم اسرائيل في تصريحات الوزير.

قالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر إن “أحكام القانون الإنساني الدولي تفرض حماية المدنيين سواء بقوا أم رحلوا عن مدينة غزة”. وأكدت أن القوة المحتلة مسؤولة عن توفير الاحتياجات الأساسية، وحماية الطواقم الطبية، والسماح بمرور المساعدات الإنسانية بسرعة ودون عوائق عبر القطاع. جاء تحذير اللجنة في بيان يعلن تعليق عمل مكتبها في مدينة غزة نتيجة تكثيف العمليات العسكرية، مشيرة إلى أن المدنيين يتعرضون “للقتل والتهجير القسري والعيش في ظروف بالغة السوء”. وأضاف البيان أن اللجنة ستواصل — كلما سمحت الظروف — دعم المدنيين من مكتبيها العاملين في دير البلح ورفح، متضمنةً تقديم تبرعات طبية للمرافق الصحية القليلة المتبقية في المدينة وبذل أقصى الجهود لتسهيل تحركات المستجيبين الأوائل.

يقرأ  حكم مرتقب بحق بولسونارو — ماذا ينتظر البرازيل وما رد فعل ترامب؟ — أخبار الصراع

فرّ منذ أغسطس مئات الآلاف من سكان مدينة غزة، لكن يعتقد أن عدداً كبيراً لا يزالون داخلها. وأبلغ الناطق العربي لجيش الاحتلال أن سكان جنوب غزة لن يتمكنوا بعد الآن من استخدام طريق الرشيد الساحلي للسفر شمالاً إلى المدينة، مع إبقاء الطريق مفتوحاً للقادمين جنوباً فقط. ونددت دائرة الإعلام الحكومية التابعة لحماس بالقرار واعتبرته “جزءاً من سياسة الاختناق والحصار والإبادة الجماعية التي يمارسها الاحتلال ضد شعبنا”.

أمر الجيش سكان المدينة بالإخلاء إلى “منطقة إنسانية” مخصصة في منطقة المواسي الجنوبية. نقلت وسائل إعلام عبرية أن نحو ثمانمئة ألف شخص غادروا المدينة منذ الإعلان عن خطط الهجوم في أغسطس، وأن ما بين مئتين وخمسين وأربعمئة وخمسين ألفاً ما زالوا فيها، بينما قالت الأمم المتحدة وشركاؤها الإنسانيون إنهم رصدوا عبور نحو 397 ألف شخص إلى جنوب غزة حتى يوم السبت.

قال متحدث يونيسف جيمس إلدر للبي بي سي إن زيارته الأخيرة لمدينة غزة شهدت “ضربات جوية متعددة في وقت قصير” ومزيجاً من أطفال هزيلين ونساء منهكن تماماً. نقل عن نازحين قولهم إن البقاء في مدينة غزة ليس خياراً لأنهم لا يملكون المال أو وسائل النقل، وأنه لا وجود لأراضٍ أو خيام متاحة في الجنوب. كما أشار إلى اكتظاظ المواسي وسوء أوضاعها الصحية وتعرضها أيضاً لهجمات، وأن الناس شاهدوا شظايا تُحدث ثقوباً في الخيام واحترقت خيام بأكملها، فلا راحة — لا من السماء ولا من الأمراض على الأرض.

قال الدفاع المدني إن أحد مسعفيه قُتل أثناء استجابته لنبأ الاستهداف الذي أصاب مدرسة في مدينة غزة، ونقل المسعفون إلى مستشفى الأهلي في حي الزيتون 29 قتيلاً من ضحايا هجوم يوم الأربعاء. وأظهر فيديو مصور أربع رجالا جرحى بشدة يرتدون سترات عاكسة يتلقون العلاج داخل خيمة.

يقرأ  بروتوكول سري في سلاح الجو الإسرائيلي أوقع دفاعات إيران الجوية على ركبتيها

ادعت الدفاع المدني التي تديرها حماس أن فريقاً من مسعفيها ورجال الإطفاء استُهدف “بشكل مباشر” بقصف إسرائيلي أثناء استجابتهم لضربة أصابت مدرسة الفلاح المستخدمة ملجأً للعائلات النازحة، وقالت إن المسعفين كانوا يؤدون عملاً إنسانياً وهم يرتدون زيهم الرسمي ويقودون مركبات معنونة، واصفة الهجوم بأنه انتهاك صارخ للقانون الدولي.

أفادت الوكالة في البداية عن إصابة سبعة من المسعفين، اثنان منهم في حالة حرجة، ثم أعلنت لاحقاً وفاة أحدهم هو منتر الدحشان. وذكرت وسائل إعلام فلسطينية أن ستة أشخاص قُتلوا في الضربة الأولية على المدرسة. قال أحد عناصر الدفاع المدني، في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي، إن الضحايا شملوا أطفالاً، ونشر فيديو لصبي مصاب بجروح بالغة مستلقٍ على إطار سرير داخل المستشفى.

وعند طلب التعليق، قالت قوات الدفاع الإسرائيلية في بيان إنها «استهدفت إرهابياً من حركة حماس» وأنه «جرت اتّخاذ خطوات لتقليل الأذى الذي يلحق بالمدنيين».

تحلّل خدمة التحقق في بي بي سي (BBC Verify) خطة السلام التي طرحها الرئيس دونالد ترامب بشأن غزة وما قد تعنيه على الأرض.

وافقّت الحكومة الإسرائيلية على خطط لعملية في مدينة غزة بعد انهيار المحادثات غير المباشرة مع حماس بشأن المقترح الأمريكي السابق، الذي كان من المقرر أن يفضي إلى الإفراج عن نحو نصف الرهائن خلال وقف لإطلاق النار مدة ستين يوماً.

كان وسطاء عرب وأتراك يلتقون بقيادات حماس في قطر لممارسة ضغوط من أجل قبول خطة سلام جديدة مكوّنة من عشرين بنداً كشف عنها الرئيس ترامب يوم الاثنين.

ومع ذلك، قالت شخصية رفيعة في حماس لبي بي سي إن الخطة «تخدم مصلحة إسرائيل» ومن المرجح أن تتم رفضها من قِبَل الحركة.

تنص الخطة على إنهاء فوري للقتال، وإطلاق سراح جميع الرهائن خلال 72 ساعة مقابل نحو ألفي أسير ومعتقل فلسطيني، بالإضافة إلى نزع سلاح حماس وانسحاب تدريجي للقوات الإسرائيلية.

يقرأ  حماس تنشر صورة أرشيفية للرهائن الثمانية والأربعين المتبقينوتطلق على كلّ واحدٍ منهم اسم «رون عراد»

قال ترامب للصحفيين يوم الثلاثاء إن أمام قادة حماس «ثلاثة أو أربعة أيام» لقبول الشروط، وحذّر لاحقاً أنهم «سيدفعون ثمناً جهنمياً» إن لم يوقعوا.

من جهته، صرّح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في اجتماع حكومي أنه أقرّ الخطة لأنها تحقّق جميع أهداف إسرائيل من الحرب، بينما وصف وزير الأمن القومي اليميني المتطرّف إيتامار بن غفير الخطة بأنها «خطيرة» و«مليئة بالثغرات».

أضف تعليق