ارتياح وفرحة بولادة مولود جديد لعائلة طالبة لجوء فقدت طفلها اختناقًا أثناء عبور مضيق المانش

تقرير: أندرو هاردينغ من روفواري في شمال فرنسا

أولاً وصل بريد إلكتروني. ثم، بعد شهر واحد، جاء مولود جديد. كل وصول بذاته مثّل منعطفاً حاداً في مصائر عائلة عراقية أنهكها الحزن، عائلة اضطرت خلال خمسة عشر عاماً إلى التنقّل في أرجاء أوروبا وهي عالقة في حالة فراغ قانوني: لا لجوء مضمون، ولا عمل قانوني، ولا موطن يمكن تسميته بيتاً.

في أبريل 2024 بلغت محنة عائلة الهاشمي ذروتها. مهددون بالترحيل العاجل من بلجيكا إلى العراق، حاولوا عبور القنال الإنجليزي في قارب مطاطي صغير. ابنتهم ذات السبع سنوات، سارة، تُوفيت خنقاً بعد أن حُشرت في ظلام القارب تحت أقدام الركاب الآخرين — حادث شهدناه من شاطئ فرنسي.

بعد أكثر من عام بقليل، وصل إلى العائلة في مسكنهم المؤقت في روفروي رسالة إلكترونية من وكالة فرنسية للاجئين تُعدّ تحولاً مصيرياً. روفروي بلدة هادئة يحيط بها نصب تذكارية للحرب العالمية الأولى وتلال نفايات الفحم الطويلة التي تنتشر في هذا الجزء من شمال فرنسا — وهناك النائبة المحلية من اليمين المتطرف، مارين لوبان.

«الآن نعرف مسارنا»، يقول أحمد الهاشمي (42 عاماً) وهو يتصفح الرسالة، وابتسامة صغيرة تخترق ملامحه المرهقة.

في غرفة عبر الممر، تكتب ابنته الكبرى رهف (14 عاماً) في دفتر مرتب، تتدرّب بعناية على لغتها الرابعة: الفرنسية. «صعبة إلى حدّ ما. أفهم أكثر مما أستطيع أن أتكلم»، تقول بالإنجليزية بطلاقة، وهي لغتها الثالثة بعد السويدية والعربية.

رفض طلبات اللجوء مراراً

التقى أحمد وزوجته نور (35 عاماً) في بلجيكا عندما كانا في العشرينات، بعد فرارهما من العراق. تقول نور إن عائلتها اضطرت للمغادرة بسبب ارتباطاتها بنظام صدام حسين السابق، بينما فر أحمد بعد تلقيه تهديدات بالقتل من ميليشيا محلية.

هاجرت أخوات نور وإخوتها سريعاً إلى السويد حيث مُنحوا حق اللجوء. لكنها تأخرت لأنّها التقت بأحمد في بيت أحد الأقارب في أنتويرب، وانجذبت فوراً إلى رزانته وتقديره للآخرين. «كان حباً»، تعترف بابتسامة حزينة، وهو ما جعلها لا تتبع إخوتها إلى السويد. «لو ذهبت معهم لتغيّرت حياتي كلها. ربما كان ذلك قدري.»

تطوّر مسار مختلف: قدما طلب لجوء في بلجيكا، تزوجا هناك، وأنجبا ثلاثة أطفال — رهف وسارة وحسام. حين حُرموا من البقاء في بلجيكا اضطروا لمغادرتها عبر فنلندا إلى السويد، لكن العام الماضي طُلب منهم أيضاً الرحيل من هناك.

يقرأ  تمرد الطليعة اليابانية: كتاب جديد يكشف الوجه الخفي لانفجار فنيثورة الفن الياباني — كتاب جديد يروي القصة غير المروية لانفجار الطليعة

قضاة الهجرة الأوروبيون كرّروا أن مدينتهم البصرة لم تعد منطقة حرب، فرفضت طلباتهم للجوء مراراً. لكن نور وأحمد شدّدا على أن حياتهما ستكون في خطر إن عادا إلى العراق — بلد لم تعرفه أبناؤهم.

«لو اعتقدنا أننا نستطيع العيش بأمان في العراق، لكنا عدنا منذ زمن بعيد»، تقول نور.

خوفاً من الترحيل إلى البصرة، تواصل أحمد مع شبكة تهريب كردية عراقية ودفَع نحو 5,250 يورو لنقل العائلة على متن قارب صغير إلى إنجلترا، حيث يعيش بعض أقاربهم. في صباح 23 أبريل من العام الماضي، كنا على شاطئ ويميرو مع زملاء من بي بي سي عندما شاهدنا اشتباكاً بين مهربين والشرطة الفرنسية. بعدها بدقائق، في أول ضوء الفجر، رأينا رجلاً يرفع طفلة إلى قارب مطاطي — الطفلة كانت سارة. ومع تزايد الركاب وتدافعهم، حُشرت تحت أقدام والدها وفُقدت حياتها خنقاً في الظلام مع أربعة أشخاص آخرين.

«لن أصفح عن نفسي أبداً. لكن البحر كان الفرصة الوحيدة المتاحة لنا»، قال أحمد لي بعد الحادث مباشرة.

بعد أسبوعين دُفنت سارة في مقبرة بمدينة ليل القريبة.

نُقِلت العائلة سريعاً إلى مَتْرَفٍ للنزوح في قرية صغيرة جنوب ليل، حيث لا متاجر ولا مواصلات عامة، ومركزٌ يمر عليه المهاجرون سريعاً — ليلة أو ليلتان قبل أن يعود الكثيرون إلى الساحل لمحاولة عبور ثانية. لكن الهاشميين بقوا هناك قرابة العام.

عندما زرناهم لأول مرة في مايو من العام الماضي، تحدثت رهف بدموع عن شوقها لحياة «طبيعية». بقيت على اتصال بأصدقاء المدرسة في السويد حيث ازدهرت وفازت بجوائز في التزلج على الجليد.

مع مرور الأشهر بدا أن العائلة علقت في دوّامة بيروقراطية: تكافح لتسجيل الأطفال في مدرسة محلية، للحصول على دعم مالي، أو لمغادرة النزل المكتظ. مثقلة بالحزن، لم تملك نور طاقة النهوض. «كنت آكل هناك، وأنام هناك، وأجلس هناك؛ لم يكن لديّ طاقة للخروج من تلك الدورة»، تقول. «كان أسوأ عام في حياتي.»

يقرأ  ترامب: قادة أوروبيون سيزورون الولايات المتحدة لمناقشة الحرب في أوكرانيا

التناوب السريع للقادمِين إلى النزل جعل الأطفال ينهارون والنار تلاحق نور في ذكريات البحر. «كلما وصل مهاجرون جدد كانوا يتحدثون عن البحر، كيف أتوا، ومع من. لم أرد أن يكلّفني أحد أسئلة أو أسمع أي شيء»، تضيف، وتشبّه النزل بالسجن.

بعد وفاة سارة، قدّمت العائلة طلب لجوء في فرنسا. وفق قواعد الاتحاد الأوروبي (اتفاقية دبلن)، كان من الممكن أن يُعادوا إلى بلجيكا حيث سُجل أحمد لأول مرة طالب لجوء وكانوا قد تلقوا هناك بالفعل تهديدات بالترحيل إلى العراق. لم يحدث ذلك — وربما لأن السلطات الفرنسية شعرت بالشفقة عليهم بعد وفاة سارة. ومع ذلك، استلزم الأمر طعناً قانونياً وانتظاراً طويلاً قبل أن تتمكن العائلة من تأمين تعليم ودعم آخر في فرنسا.

«إنها متاهة. انهم محاصرون بالإجراءات»، تقول كلير بيرينو، محامية فرنسية كانت تساعد آل هاشمي.

«لا شك أنهم كانوا يستحقون الحصول على المساعدة بصفتهم طالبي لجوء.»

تُسهب في وصف التعقيدات التنظيمية، وصعوبات حجز المواعيد، وما يواجهه من لا يتقنون الفرنسية من عوائق.

«كل هذه القوانين والعوائق صيغت، بطريقة ما، لمنع الناس من القدوم — كأنهم يقولون: ‹أنتم غير مرحب بكم›»، تضيف.

في مارس 2025، نُقلت العائلة أخيراً إلى شقة من غرفتين في وحدة سكن اجتماعي في روفروي.

رحاف رتّبت سريعاً ما تسميه «مذبحة» تكريماً لأختها سارة: صوراً وتذكارات، وساعتها موضوعة بعناية على رف الكتب.

«أستطيع أن أتنفس الآن»، تقول نور ونحن نزورها، واضعة يدها على عنقها.

في ذلك الحين، كان الزوجان لا يزالان يحلمان بالوصول إلى بريطانيا حيث لهم أقارب آخرون. لكن ليس عبر القوارب الصغيرة.

«أبداً»، تقول نور بحزم.

ثم، في يوم صيفي أواخر يوليو، وصل بريد إلكتروني طال انتظاره إلى صندوق أحمد.

أوضح أنه وح children الأطفال قد مُنحوا وضع لجوء مؤقت وتصريحاً بالبقاء في فرنسا لمدة أربع سنوات قادمة. أُبلغت نور أنها ستحصل على نفس القرار قريباً. بعد ذلك سيستطيع الجميع التقدم بطلب للإقامة الدائمة، مما يمهد الطريق نحو الجنسية الفرنسية.

«الآن أستطيع مساعدة أطفالي على تحقيق أحلامهم»

«Ça va؟» يقول أحمد، مُختبراً فرنسيته المرتعشة بابتسامة، بينما يرحب بنا عند مدخل المبنى بعد أسابيع قليلة.

يقرأ  زيلينسكي وزعماء أوروبيون يجرون مكالمة مع ترامب قبيل قمة بوتين — أخبار حرب روسيا وأوكرانيا

إنها صباحية اثنين دافئة في أوائل سبتمبر، تصدح فيها هتافات وأغاني من المدرسة الابتدائية المجاورة فوق موقف السيارات.

في الطابق العلوي، جالسة على سريرها وتطل على قصيدة لفيكتور هوغو، تتأمل رحاف أن مستقبلها بات مؤمّناً للمرة الأولى في حياتها كلها.

«كنت أخشى أن يتم طردنا. لكن الآن أنا سعيدة لأننا استقرينا هنا في فرنسا»، تقول.

أحمد، وهو عامل تبليط، بدأ يخطط لفتح مشروعه الصغير الخاص وقد قدّم طلبات عمل في الوقت الراهن. ترغب نور في فتح مخبزها الخاص.

«عانينا لمدة خمسة عشر عاماً. دوماً في تنقّل»، يقول أحمد.

«لكن الآن أشعر أن حياتي كلها انفتحت أمامي. أستطيع العمل، أستطيع الاستئجار، أستطيع دفع الضرائب، وأستطيع مساعدة أطفالي على تحقيق أحلامهم.»

ثمة سبب آخر وراء موجة التفاؤل الظاهرة في أركان شقتهم.

«كان الهدوء يملأ المكان قبل ذلك»، تقول رحاف بابتسامة على صوت بكاء رضيع في غرفة الجلوس.

«إن شاء الله تكون سالي محظوظة في حياتها»، تقول الأم نور عن المولودة.

ما لبثت نور أن أنجبت قبل زيارتنا الأخيرة طفلة سليمة. كانت رحاف تريد تسميتها لارا، لكن الأسرة اتفقت على اسم سالي. كان الاسمان يحملان صدى متعمداً للطفلة التي فقدوها.

قبل شهور، كانت نور تخشى أن يكون الوقت «مبكراً جداً» لإنجاب آخر. لكن الآن تشرق ببهجة لوجود فتاة جديدة في الأسرة. «أرى سارة فيها»، تقول وهي تمسح دمعة. «ان شاء الله تكون سالي محظوظة وتحقق كل ما كان قد تحقّق لسارة لو بقيت.»

وبهذا تضع نور سالي في عربة الأطفال وتأخذها خارجاً، مروراً بالمدرسة، في أول جولة لها حول الحي.

سيختلف بعض القراء، وربما بشدة، مع الخيارات التي اتخذتها عائلة الهاشمي خلال السنوات الماضية. فقد واجه أحمد بالفعل انتقادات لاذعة على الإنترنت لتسببه في تعريض حياة أطفاله للخطر عبر القارب الصغير.

لكن بعد سنوات طويلة من عدم اليقين والندم، باتت لدى العائلة ما لا يزال كثيرون يتوقون إليه — إحساس بالاستقرار ومكان آمن يُسمّى وطن. من فضلك ارسل النصّ الذي تريد إعادة صياغته وترجمته إلى العربية.

أضف تعليق