لا شيء أكثر تفاهة من عالم الفن سوى هذه الرواية التي تتناوله

تتكرر كلمة «غبي» عشرين مرة في رواية Zoe Dubno التي تحمل عنوانَينْ مبسّطين: السعادة والحب. الرواية، رغم صدورها حديثًا، ليست جديدة تمامًا؛ فهي مبنية بشكل فضفاض على رواية توماس برنهارد الصادرة عام 1984 «قاطعو الخشب»، وتستعرِدُ هيكليتها ومشاهدها وحتى عباراتٍ من نصّ برنهارد. وملاحظاتها عن نفاق وبهرجة عالم الفن لن تبدو ثورية لمن نَهَض في الحقل أو اطّلع على محاكيات مماثلة.

المُسردة المجهولة الاسم لا تفارقها صفة «غبي» في وصف مَن حولها؛ تُطلقها كصفة لاذعة على الجميع من دون أن تخاطب أحدًا بعينه لأنها فعليًا بلا أصدقاء. تمضي وقتها مع أشخاص لا تحبهم أو وحيدة على أريكة كتانٍ بيضاء تشربُ نبيذًا طبيعيًا وتُنهمك في شكاوى جامدة. أقرانُها—كما تقول—فارغون طماعون صاعدون اجتماعيًا ومدمنو خمر؛ قدرٌ يصرخ بأن القدرَ ألقى على نفسه ظلال المرآة.

تزدحم الرواية بالتناقضات التي تستمتع الكاتبة بكشفها: «ماركسية» تدير مجلة أزياء تقبضُها على شكل هدايا وتضحك قائلة إنها استبدلت المادية الجدلية بالمادية المباشرة؛ زوجان ميسوران يؤوون مبدعين ليتسكعوا في لوفتهم في الباويري وملاذهم في راينبيك بلا إيجار ثم يطالبون بالاهتمام ويسرقون أفكارًا من أصدقائهم الفقراء؛ رفوفٌ ممتلئة بكتب نظرية لم تُفتح عمّا تُرى.

ما يجعل الرواية مزعجة ليس محتواها فحسب بل شكلها: بدلاً من أن تُبنى الروائية على مبادئ السرد التقليدي الذي يُظهرُ ولا يعلن، تحولت هنا إلى مساحة شكاوىٍ مستمرة من دون فواصلٍ فقرية واضحة أو علامات اقتباس تُميّز الحوار. نبرةُ النص تشبه مراجعة يلب مُحرَّرة لتُقرأ شبهَ سَلِسة—هجومٌ ساخط ومقصود.

دوبنو نفسها كاتبة مجلّات قريبة من دائرة دايمز سكوير، وراويتها النَكِدة تندبُ ما تسمّيه «دنسها» في إنتاج المحتوى: الاستماع إلى بودكاست وكتابة تقارير أزياء بدل الأدب الحقيقي. الكاتبة ضيّعت فرصة الرواية الأولى لتحويل مادةً روائية حقيقية، فكانت قصة نمط حياة لاذعة. وقد ألقت عليها الصحافة تغطيةً من نوع «الفتاة الأدبية الرائجة» التي لا تتطلب من الصحفي قراءة الكتاب، مع إبراز مجلة نيويورك لحالة الفيوج التي تدخلها الكاتبة وهي تتناول «حساء الساوركراوت». هذه بالذات تغطية الرواية تندّد بها الرواية نفسها—هل هي كارما أم خطة مدبّرة؟

يقرأ  العمارة تلتقي بالشكل الإنساني: «مبانٍ جسدية» لأنتوني غورملي — كولوسال

المُسردة لا تكفّ عن الانزعاج من ردود الفعل، إذ تعامل كل حادثة بارتعاشٍ ازدرائي. إنها من النوع الصارم الغاضب الذي يتحدث عن الجنس بازدراء ويتخلى عن أصدقاءٍ في أمسّ الحاجة إليها حين يتوقّفون عن خدمتها. تصف انهيار رفيقتها ريبيكا النفسي بعد خروجها من علاقة مسيئة بـ«نداء يائس للانتباه»، ثم تهجرها. وعندما تموت ريبيكا—بجرعة زائدة، عمداً أم سهواً—لا تتبدّل تعاطفاتها بل تسقطُ غالبًا في حكمٍ على حداد الآخرين، متذمّرةً أن الناس يظنون أنفسهم أنيقين لحزنهم على شخصية صغيرة في المشهد.

عندما تهاجم الرواية «طفل النفوذ» الفنان/المصور المتّهَم بسرقة أعمال مفاهيمية وتجريدها من أي بعد «ثوري»، تُقضيه بجملةٍ ونصف. حتى لو كنت أتحفّظ مع أصدقاء، كنت سأطلب تفاصيل أكثر لأتمكّن من استخلاص حكمٍ ناضج بنفسي. إن ادعاء ثوريّة عمل فني يستلزم توضيحًا: كيف تحديدًا؟ مثل هذه المقاطع النحيلة تؤيد وصف مجلة Baffler للنص كـ«نسخة تيمو من ‹قاطعو الخشب›، مقلّدة ومحرجة وفي كلّ جوانبها ناقصة».

الراوية تتذمّر دائمًا من استغلال الآخرين لها، ومع ذلك تستمرّ في تحمل التضليل الأخلاقي لقاء أموال ومكانة المشهد. لا ترى هي النفاق—أم أن الكاتبة لا تراه؟ تابعت القراءة على أمل أن يتشكّل قوسٌ سرديّ يفسّر كل هذا النفاق كفير ذاتي، لكن الرواية ظلت عالقةً في مقام الشكوى المستمرة. قرب النهاية، وفي ما يُفترض أنه لحظة تأمل ذاتي تتوقف عند حدود المسؤولية؛ تلقي اللوم على أبناء الحيّ لأنهم جعلوها مثلهم، ثم تأتي القفلة بلا رضى.

النهاية لا تخلو من سذاجة: معلّمة يوجا ذات «لكنّة بالكانية غريبة» تقترح عليها أن تغمض عينيها وتتخيّل نفسها تتمنّى للآخرين «السعادة والحب». البطل يفجع ويبكي ويفكّر في كلّ شخصياته الساخرة، فيتمنّى لشخصٍ استفزّه السعادة والحب—ولنكدٍ جنسي: نوبة مؤلمة من الزهري. وللمحرّر الذي استغلّها يتمنّى السعادة والحب وأيضًا «كتابًا آخر يُستقبل بتقييمات فاترة»، مما يبرهن أنها فهمت المهمة بشكل معوج.

يقرأ  مشروع بقيمة ١٥٫٥ مليون دولار أمريكي يكشف مستوطنة من العصر الحجري على قاع البحر قرب الدنمارك

أدرك أنني أبدو كما الراوية أشتكي من تافهية شكواها وأنا أشتاق إلى فن حقيقي. عبارة دوبنو العنوانية—«السعادة والحب»—سطحية ومباشرة لدرجة تجعل المرء يغمز بعينٍ قاطعة، فيصبح قاتلًا للمرح كما الراوية نفسها. الكاتبة تعلم أن الفضائح الأدبية تُقرأ أكثر من الأدب ذاته، وأن كثيرين سيقلبون صفحات كتاب عن دايمز سكوير رغم حكمهم المسبق. لكن الحيلة الوارهولية لي القول بما تنتقده لكن بسخرية ما بعد حداثية هي غالبًا تبرير فاشل ومبتذل.

أصعبُ—وأشجَع—من السخرية من الواقع أن نتخيل عالمًا آخر ونحاول بنزاهة وصراحة أن نخلقه. راوية دوبنو لا تجرؤ على النزول من عروش الكتان الأبيض؛ ناقدنا الكرسيّي يفضل الشكوى عن ما ليس فنًا حقيقيًا على أن يجرب بنفسه صناعة شيءٍ هشٍّ وصادق. على الأقل، هذه ليست مراجعة فاترة.

أضف تعليق