أصدرت السلطات الصينية توجيهات رسمية لشركات الطيران الكبرى في البلاد بوقف استلام عشرات الطائرات من شركة بوينغ الأمريكية، إلى جانب تعليق شراء قطع الغيار المصنعة في الولايات المتحدة. هذه الخطوة تُعد تصعيدًا واضحًا في التوترات التجارية، وتُوجه ضربة قوية لمجموعة صناعية تعتبر من ركائز التصدير الأمريكي.
ضربة موجعة في وقت حرج
تأتي هذه القرارات في وقت حساس بالنسبة لبوينغ، التي تواجه أصلًا أزمات داخلية تتعلق بالإنتاج والسلامة. ومع القرار الصيني الأخير، تخسر الشركة سوقًا حيويًا يُعد من الأهم عالميًا. شركات الطيران الثلاث الكبرى في الصين — خطوط الصين الجوية، خطوط شرق الصين، وخطوط جنوب الصين — كانت قد خططت لاستلام عشرات الطائرات الأمريكية حتى عام 2027. هذه الخطط باتت الآن في مهب الريح.
ما يزيد من أهمية هذا السوق هو أن أكثر من مليار صيني لم يسبق لهم السفر جوًا. ومع نمو الطبقة الوسطى وتسارع التنمية الاقتصادية، تشير التقديرات إلى أن الصين ستصبح في غضون عشر سنوات السوق الأول عالميًا في مجال الطيران. وهذا يجعل من خسارة بوينغ للسوق الصينية ضربة مالية ضخمة وفرصة ضائعة يصعب تعويضها.
هل تستطيع الصين الاستغناء عن بوينغ بالكامل؟
رغم الحظر، يبقى من غير السهل على الصين التوقف عن التعامل مع بوينغ على المدى الطويل. الأسطول الصيني الحالي يعتمد بدرجة كبيرة على الطائرات الأمريكية، كما أن شركة إيرباص الأوروبية، وهي المنافس الرئيسي، تمتلك بالفعل جدولًا مكتظًا بالطلبات ولا تبدو قادرة على تلبية الطلب الصيني وحدها.
أما الطائرة الصينية الصاعدة C919 فما زالت في مراحلها الأولى، وتعتمد بشكل كبير في تصميمها ومكوناتها على تقنيات أمريكية، ومنها تلك المرتبطة ببوينغ. هذا يعني أن التصنيع المحلي الكامل ما زال بعيدًا عن تحقيق الاستقلال التام في هذا القطاع.
مأزق داخلي محتمل
في ظل هذا الواقع، قد تجد الصين نفسها مضطرة إلى إعادة تقييم قراراتها إذا أرادت الحفاظ على استقرار قطاع الطيران الداخلي. فالتراجع عن استلام طائرات بوينغ قد يؤدي إلى ارتباك واسع في خطوط النقل الجوي داخل البلاد، خصوصًا في ظل الطلب المتزايد على الرحلات الجوية.
المراقبون يرون أن هذه الخطوة، رغم رمزيتها السياسية والاقتصادية، قد تكون محدودة الأثر على المدى الطويل ما لم تظهر بدائل فعلية قادرة على سد الفجوة التي ستتركها بوينغ في السوق الصينية.