يبدو عمل النحات جيل بروڤيل معاصراً وفي الوقت نفسه مستوحى من حركة الحرف اليدوية. تصنع قطعاته من مئات الأجزاء؛ معقّدة في تفصيلها، ومع ذلك، عندما تُشاهَد من مسافة تبدو ناعمة ومتماسكة. طُلِب من الفنان أن يشرح عمليته الموضوعية وقصّة خلفيته كفنان.
هاي-فركتوز: تمثل منحوتاتك نوعاً من التكسُّر البكسلي، ومع ذلك تبعث إحساساً حسّياً وطبيعياً نتيجة استخدامك مواد مثل الخشب…
جيل بروڤيل: لطالما انجذبت إلى الخشب للأسباب نفسها التي ذكرتها. بخلاف ملمسه ودفئه العضوي، يحمل الخشب في جوهره عناصر النمو والزمن. الحلقات، والعروق، والتفرعات تحكي قصة—قصة تربط بين الصغير جداً والواسع الكوني.
التفاصيل والتباينات في كل قطعة تبدو لا متناهية، ومع ذلك تتحد لتكوّن كلّاً واحداً. هذا يذكِّرني بالمجرات والفضاء، بصغر الأشياء وعظمتها في آن واحد…
تماماً. مفهوم اللانهاية، سواء على المستوى المجهرِي أو الكوني، مصدر إلهام عميق لعملي. فالخشب نفسه يجسّد علاقة مباشرة بين هذين المقياسين. عندما ننظر إليه بالعين المجردة نرى حلقات نموه، علامةً على مرور الزمن بطريقة محسوسة. هذه الأنماط تذكّرنا بعبور الزمن وتُشبه، بشكل ما، بنية الكون—تفرعات الأشجار التي تردّد خيوط المجرات الشاسعة.
وفي الوقت ذاته، عندما أقطع لوح الخشب إلى أعواد بأبعاد مختلفة وأركّبها لتشكيل وجه، تخلق الحلقات الظاهرة أنماطاً دائرية رُبعية أو نصفية أو كاملة. وعند تكديسها معاً تتشكّل هذه الأنماط العضوية كنسيجٍ تجريدي يكاد يكون عشوائياً. بالنسبة لي، هذا يعكس كيف ندرك الزمن—ليس ثابتاً بل متحوّل حسب حالتنا الذهنية. طريقة اتحاد الأجزاء تتحدّث عن الترابط بين الأشياء كلها، من أصغر البُنى الخلوية إلى الكون الهائل الذي يصعب إدراكه.
ألاحظ وجود مناطق يبدو فيها أن قطعةً ما «مفقودة»؛ السطوح الملساء تتكسّر بسبب غياب جزئية، فتتكوّن ظلالٌ صغيرة. أعتقد أن عملك لن يكون له نفس التأثير بدون هذه الانحرافات… تلك «العيوب» الظاهرة تجعل النحت يبدو أكثر واقعية بالنسبة لي…
أعتبر هذه «العيوب» استعارة عميقة لإنسانيتنا. ليست أخطاء بقدر ما هي اختيارات مقصودة تعبر عن طابع الحياة الزائل وغير المتوقع. عندما تغيب قطعة أو يقاطع سطح ناعم ظل صغير، فإن ذلك يعكس الفجوات والانقطاعات التي نختبرها جميعاً—تلك لحظات الضعف والتغيير التي تشكّلنا في نهاية المطاف.
في عملي، تخلق هذه الانحرافات حواراً بين الكلّ والمفتوح، تدعونا للاعتراف بأن الكمال ليس جوهر وجودنا الحقيقي. بل إن الجمال الحقيقي يكمن في اللامنتظم وفي الغيابات غير المتوقعة. تذكّرنا بأن حياتنا مزيج من ضوء وظل، يقين وغموض، وأن كل لحظة «غير كاملة» تسهم في سردنا المستمر.
الوجوه التأملية، بتعطيلاتها المتعمدة، تعمل كمرابط للحظة الحاضرة. تثبتنا في تيار حياة يُقَدِّر الأصالة أكثر من المثالية. من خلال احتضان العيوب الذاتية، آمل في تشجيع عقلية ترى كل تجربة—حتى تلك التي تميّزها الغيابات أو الانحرافات—أساسية، مانحة إمكانيات لا نهائية للنمو والتحول وتبنّي نهج أصدق وإيجابي للحياة.
تجسّد هذه العناصر المفقودة، هذه الغيابات المُقصودة في منحوتاتي، روح الزوال. هي صدى للعالم الطبيعي حيث لا شيء يبقى ثابتاً—الخشب يشيخ، والعناصر تتآكل، وكل لحظة تنتقل إلى التالية. بخلق فراغات عمداً، أدعو المشاهد للتفكير بأن ما يفتقد لا يقل أهمية عما هو حاضر.
في حياتنا أيضاً، نميل إلى التركيز على الملموس، ومع ذلك فإن اللحظات العابرَة، الأشياء التي تنزلق منا، هي التي تُشكّل تجاربنا. تذكّرنا هذه الفراغات بأن الزوال ليس عيباً بل جزء جميل وجوهري من الوجود. إنها تشجعنا على تقدير الحاضر وإيجاد الجمال في سيرورة التغيير المستمرة بدل البحث عن حالة ثابتة من الكمال.
طريقة اتحاد الأجزاء تتحدّث عن ترابط كل الأشياء، من أصغر الهياكل الخلوية إلى الكون الهائل الذي يعجز عن الفهم.