هل ستستخدم أوروبا أصول روسيا لتمويل أوكرانيا — وهل سترد موسكو؟ أخبار الأعمال والاقتصاد

قادة الاتحاد الأوروبي يدرسون «مخطط تعويضات» يقضي باستخدام أصول دولة روسية مجمّدة لتقديم قرض بقيمة 140 مليار يورو (نحو 164 مليار دولار) لأوكرانيا لتمويل إعادة إعمارها بعد انتهاء الحرب مع روسيا.

اجتمع القادة الأربعاء في عاصمة الدنمارك كوبنهاغن، حيث عبّروا عن مزيج من الدعم والحذر تجاه الفكرة، وذلك بعد أيام من رصد طائرات مسيّرة في المجال الجوي الدنماركي أدّت إلى إغلاق مطارات. وعلى الرغم من أن هذه الطائرات لم تُعرَف رسمياً على أنها روسية، فإن دولاً أوروبية أخرى بينها بولندا ورومانيا وإستونيا اتهمت روسيا بخرق أجوائها في سبتمبر.

ما الذي نعرفه عن «مخطط التعويضات» في اوروبا؟
طرحته رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين منتصف سبتمبر، ولاقت الفكرة إقبالاً متزايداً مع تراجع الدعم المالي الأميركي لأوكرانيا. خلال حملته الرئاسية 2024، وعد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بسحب الولايات المتحدة من تقديم مستويات عالية من المساعدات المالية والعسكرية لأوكرانيا، ومنذ بداية ولايته أبلغ أن بلاده ستأخذ موقفاً أقل نشاطاً، مشيراً إلى أن على أوروبا سد الفجوة.

يقترح المخطط استخدام أصول مصرف روسيا المركزي المجمدة في بنوك أوروبية كضمان لقرض بقيمة 140 مليار يورو لأوكرانيا. ستُسترد مدفوعات القرض من تعويضات الحرب من روسيا، لكن القرض سيُضمن أيضاً عبر ميزانية الاتحاد الأوروبي القادمة أو عبر ضمانات من دول أعضاء منفردة.

وقالت فون دير لاين: «نحتاج إلى حل هيكلي لدعم عسكري مستدام. لهذا طرحت فكرة قرض التعويضات الذي يستند إلى الأصول الروسية المجمّدة».

كم تبلغ الأصول الروسية المجمدة في اوروبا؟
منذ غزو روسيا لأوكرانيا في فبراير 2022 جمدت الولايات المتحدة ودول أوروبية حوالى 300 مليار دولار من أصول مصرف روسيا المركزي. معظمها — نحو 246.9 مليار دولار — محتجز في اوروبا، ومن ذلك حوالي 217.5 مليار دولار، الغالبية نقداً، لدى شركة يوروكلير التي تتخذ من بلجيكا مقراً لها.

يقرأ  قوات الدعم السريع — متهمة بارتكاب جرائم ضد الإنسانية على خلفية حصار الفاشر

وأفادت يوروكلير في 30 يونيو أن الأصول الخاضعة للعقوبات حققت على ميزانيتها نحو 3.2 مليار دولار فوائد في النصف الأول من 2025، بانخفاض عن 4 مليارات دولار في الفترة نفسها من العام السابق.

ما التحديات القانونية والسياسية للمخطط؟
بموجب القانون الدولي لا يجوز مصادرة أصول دولة ذات سيادة ببساطة، ولذلك فإن إقراض هذه الأموال لأوكرانيا سيُعتبر مساساً بادعاءات موسكو السيادية على أصول مصرفها المركزي. وبما أن معظم الأصول محتجزة في بيلجيكا فقد طالبت الدولة بتفصيل المخطط تحسّباً لأي احتمال يستلزم إعادة الأصول إلى روسيا.

قال رئيس وزراء بلجيكا بارت دي ويفر للصحفيين في كوبنهاغن: «شرحت لزملائي أنني أريد توقيعهم يقول: إذا أخذنا أموال بوتين واستخدمناها، فسنكون جميعاً مسؤولين إذا انقلب الأمر إلى مشكلة». وأضافت فون دير لاين أن من غير المعقول أن تكون بلجيكا الدولة الوحيدة التي تتحمّل المخاطر وحدها: «يجب توزيع الخطر على أكتاف أوسع».

هل ثمة قادة أوروبيون مترددون؟
نعم. إلى جانب دي ويفر، عبّر قادة آخرون عن تردد أو طالبوا بتفاصيل أكثر قبل الموافقة. قال رئيس وزراء هولندا ديك شوف إن الاقتراح يحتاج إلى دراسة دقيقة نظراً للمخاطر القانونية والمالية. ولفت رئيس وزراء لوكسمبورغ لوك فريدن: «أعتقد أن هذا سؤال قانوني معقّد. لا يمكنك مصادرة أصول دولة أخرى بهذه السهولة». وتساءل عن آليات سداد القرض ومآلاته حال امتناع روسيا عن الوفاء بأي بند تعويضي في معاهدة سلام.

ما احتمال المضي قدماً بالمخطط؟
يرجح الخبراء أن يضطر القادة الأوروبيون لابتكار صيغة تجعل المخطط قابلاً للتطبيق مع تلاشي احتمالات دعم أميركي إضافي. يقول تيموثي آش، الباحث في برنامج روسيا وأوراسيا بمعهد تشاتام هاوس: «سيحدث ذلك لأن انسحاب الولايات المتحدة يترك أوروبا بمخاوف تمويل سنوية تزيد عن 100 مليار دولار لأوكرانيا». وأضاف أن التحدي الأكبر أمام أوروبا سيكون عدم المضي بالمخطط إذا أدى ذلك إلى ترك أوكرانيا ناقصة التمويل مما يزيد احتمال خسارتها الحرب، وقال إن ذلك سيكون كارثياً لأوروبا، بما في ذلك موجات هجرة قد تؤدي إلى تدفق عشرات الملايين من الأوكرانيين غرباً.

يقرأ  روسيا: لا وجود لقوات الناتو بينما يناقش حلفاء كييف ضمانات أمنية

ولاحظ آش أن احتمال تزايد احتمالية خسارة أوكرانيا سيدفع الدول الأوروبية لتسريع رفع الإنفاق الدفاعي إلى نحو 5% من الناتج المحلي الإجمالي أسرع مما هو مخطط، بعد أن تعهد أعضاء حلف الأطلسي في يونيو بزيادة إنفاقهم الدفاعي إلى 5% من ناتجهم بحلول 2035. وأضاف: «مثل هذا التسريع سيعني عجزاً أكبر في الموازنات، وتكاليف اقتراض أعلى، وديوناً أكثر، ونمواً أضعف، وأوروبا ويورو أضعف».

كيف ردت روسيا؟
نددت موسكو بالمخطط ووصفت الخطوة بأنها «سرقة» لأموال روسية. وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف للصحفيين: «نتحدث عن خطط لمصادرة غير قانونية للممتلكات الروسية. في روسيا نطلق على ذلك ببساطة اسم سرقة». وأضاف بيسكوف أن أي طرف يشارك في مصادرة الأصول الروسية «سيُلاحق قانونياً بطريقة أو بأخرى». «سَيُحاسَبون جميعًا.»

وأضاف: «البوميرانغ سيعود بضربةٍ قاسيةٍ جدًا على من هم الحاضنون الرئيسيون — أي الدول التي تراهن على جاذبية الاستثمار.»

قال آش إن روسيا قد تتخذ اجرء قانونية ضد دول أوروبية إذا مضى المخطط قدمًا. ومع ذلك، «سيتعيّن عليها التنازل عن حصانتها السيادية لتتمكن من رفع أي دعوى من هذا النوع. كما أن أي إجراء قانوني من قبل روسيا سيستغرق سنوات — بل عقودًا — لينتهي.»

تتمتع روسيا بحصانة سيادية، وهو مبدأ قانوني يحمي الحكومات الأجنبية من المقاضاة أمام محاكم خارج حدود بلادها. وإذا رغبت روسيا في السعي قانونيًا، فسيتوجب عليها التنازل عن هذه الحصانة، وما يعنيه ذلك من احتمال تعرضها بدورها للمقاضاة أو المحاكمة في دولة أجنبية.

وأشار آش إلى مسار آخر محتمل يتمثل في مصادرة الاصول الغربية الخاضعة للولاية الروسية، لكن هذا الخيار يواجه أيضًا عقبات كبيرة. «تمتلك روسيا أصولًا في الغرب تفوق بما يقارب عشر مرّات ما يملكه الغرب لديها،» قال آش. «وبهذا الصدد تكون روسيا أكثر عرضةً للخطر عبر هذه القناة.»

يقرأ  ترامب يحذّر أفغانستان: «عواقب وخيمة» إذا لم تُعِدّ قاعدة باغرام

كم تبلغ قيمة الأصول الروسية في الغرب؟

قالت موسكو إن قيمة جميع الأصول الأجنبية التي تحتفظ بها تقارب قيمة الاحتياطيات الروسية المجمدة في الغرب. ونقلت وكالة أنباء ريا الحكومية، استنادًا إلى بيانات يناير 2022، أن هناك نحو 288 مليار دولار من الأصول في روسيا قد تتيح لموسكو إمكانية المصادرة.

ومع ذلك، تُظهر سجلات مصرف روسيا المركزي لعام 2022 وجود 289 مليار دولار تحت بند «المشتقات وغيرها من الاستثمارات الأجنبية» في روسيا. وبحلول نهاية عام 2023 تراجعت قيمة هذه الأصول الأجنبية إلى 215 مليار دولار.

وشرح آش: «تلك الأصول كلها أجنبية — وليست غربية فحسب؛ فهي تشمل استثمارات صينية وهندية ومن دول الشرق الأوسط. ومعظم هذه الأصول خاصة وليست حكومية.»

أضف تعليق