حزب الليبرال ديمقراطي الحاكم في اليابان يختار زعيمه الخامس خلال خمس سنوات يوم السبت، عقب استقالة رئيس الوزراء شيغيرو إيشيبا. بعد عقود من الهيمنة السياسية شبه المستمرة منذ الخمسينيات، يجد الحزب المحافظ نفسه في حالة اضطراب نتيجة سلسلة هزائم انتخابية متتالية وفضائح سياسية متواصلة.
الحزب الحاكم وشريكه الأصغر كومايتو فقدا أغلبيتهما في مجلس النواب في انتخابات أكتوبر من العام الماضي، تلتها هزيمة قاسية في انتخابات مجلس الشيوخ في يوليو. وبعد أن قاد إيشيبا حكومة أقلية متداعية لما يقرب من عام، أعلن في 7 سبتمبر عن تنحيه. من سيتولّى زعامة الحزب سيواجه جمهوراً غاضباً بسبب ارتفاع تكاليف المعيشة، وصعود شعبوية تعبّر عنها حركة “اليابان أولاً” (سانسيتو)، بالإضافة إلى تداعيات حرب التجارة التي أشعلها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
سيختار نواب الحزب وحوالي مليون من الأعضاء القياديين من بين خمسة مرشحين، تتراوح أصولهم من ابن رئيس وزراء سابق إلى تلميذ الزعيم الراحل شينزو آبي. قد يحدد خيارهم ما إذا كانت اليابان ستدخل مرحلة من الاستقرار السياسي أم ستستمر في نهج “تبديل رئاسة الوزراء” الذي ساد أواخر تسعينيات وبدايات الألفية، كما قال جيفري هول، محاضر في جامعة كاندا للدراسات الدولية.
المرشحون الرئيسيون
شينجيرو كويزومي
شينجيرو (44 عاماً) ابن رئيس الوزراء الأسبق جونيشيرو كويزومي، وهو أحد المرشحين البارزين. تولّى هذا العام حقيبة الزراعة في وقت شهدت فيه أسعار الأرز — الغذاء الأساسي المحبوب في اليابان — ارتفاعاً حاداً. إن إدارته لأزمة الأرز أكسبته زخماً في الرأي العام وشعبية واسعة داخل صفوف الحزب، بحسب كازوتو سوزوكي أستاذ سياسة عامة في جامعة طوكيو. يُنظر إليه كشخصية معتدلة سياسياً وقد تعهّد بالعمل مع أحزاب المعارضة لإصلاح النظام الضريبي وخفض نسبة الدين العام، مع السعي لسياسات متوازنة تحفز النمو الاقتصادي مع ضبط مالي. مع ذلك، قد يشكل صغر سنه وخلفيته التعليمية عائقين أمام فوزه، إذ تخرج من جامعة كانتو غاكوتين ثم من كولومبيا، بينما أخذ ثلاثة من منافسيه شهادات من جامعة طوكيو وهارفارد، مما يظل مصدراً لاحترام اجتماعي ومهني داخل الحزب، حسب ستيفن ناغي.
[صورة: وزير الزراعة شينجيرو كويزومي خلال مناظرة مرشحي رئاسة الحزب الليبرالي الديمقراطي في نادي الصحافة الوطني بطوكيو، 24 سبتمبر 2025 — جيا هاوتشنغ/Pool عبر رويترز]
سناء تاكايتشي
تاكايتشي (64 عاماً) المرشحة الوحيدة في السباق والخصم الأبرز لكويزومي. شغلت سابقاً منصب وزيرة الأمن الاقتصادي وتميل إلى الجناح اليميني داخل الحزب، وتتمتع بـ”مصداقية محافظة قوية” بوصفها إحدى تلميذات آبي، بحسب ناغي. ركّز جميع المرشحين على كيفية انتشال الاقتصاد من عقود الركود عبر سياسات توسعية إلى حد ما، لكن تاكايتشي أقرب سياسياً إلى “آبينوميكس” — استراتيجية ثلاثية تقوم على التوسع المالي وتيسير نقدي وإصلاحات هيكلية — بحسب سوتا كاتو، مدير الأبحاث في مؤسسة طوكيو. تُعرف بمواقف محافظة في قضايا اجتماعية مثل الهجرة وزواج المثليين، وفي السياسة الخارجية لا سيما علاقة اليابان مع الصين. مكّنتها هذه المواقف من جذب جناح الحزب المحافظ، لكنها أيضاً تباعدت عن توجهات الوسط.
[صورة: وزيرة الأمن الاقتصادي السابقة سناء تاكايتشي خلال مناظرة مرشحي رئاسة الحزب، 24 سبتمبر 2025 — جيا هاوتشنغ/Pool عبر رويترز]
يوشيماسا هاياشي
هاياشي (64 عاماً) يوصف بأنه “الحصان الأسود” نظراً لخبرته وشخصيته الوديّة، وفق كاتو. يشغل حالياً منصب أمين مجلس الوزراء، وقد تقلّد مناصب رفيعة مثل وزير الدفاع ووزير الخارجية. يسوّق لحملة تركز على الانضباط المالي، ويُنظر إليه كمرشح وسطي يوفر إحساساً بالاستقرار مقارنة بشخصيات مثل كويزومي أو تاكايتشي. إذا حصل هاياشي على أصوات أكثر من أي من المرشحين في الجولة الأولى وتقدم إلى الجولة الثانية، قد تتحسّن فرصه، حسب كاتو. يؤكد في حملته على أن اليابان بحاجة لتقوية تعاونها مع دول ديمقراطية تشاطرها القيم لردّ تأثيرات الصين وروسيا وكوريا الشمالية.
[صورة: أمين مجلس الوزراء يوشيماسا هاياشي خلال مناظرة مرشحي الحزب، 24 سبتمبر 2025 — جيا هاوتشنغ/Pool عبر رويترز]
توشيميتسو موتيجي
موتيجي (69 عاماً) كان أميناً عامّاً سابقاً للحزب وتولّى مناصب وزير الخارجية ووزير الاقتصاد والتجارة والصناعة. تشمل منصته خفض أسعار البنزين والديزل، وزيادات أجور للممرضات والعاملين في رعاية الأطفال، وحوافز لتعزيز الاستثمار. تقع سياساته الاقتصادية “في منتصف الطريق” بين توجهات تاكايتشي وكويزومي؛ إذ أظهر كويزومي تشدداً أكبر في المسألة المالية من منافسته المحافظة، بحسب كاتو. لدى موتيجي وهاياشي دعماً فصائلياً داخل الحزب، إلا أن هذا الدعم قد لا يترجم بالضرورة إلى أصوات كافية للفوز بمنصب القيادة، حسب سوزوكي، الذي رأى أن السيد موتيجي والسيد هاياشي سياسيان مخضرمـان لكنهما يمثلان وجه الحزب القديم. جموهرًا من الناخبين يطالبون بتجديد أوسع. لديهم دعْم داخل الحزب، لكنهم لا يتمتعون بشعبية لدى جمهور الناخبين، وفق ما أُبلِغ.
توشيميتسو موتيغي، الأمين العام السابق لحزب الليبرالي الديمقراطي، تحدث خلال مناظرة مرشحي رئاسة الحزب في نادي الصحافة الوطني بطوكيو في 24 سبتمبر 2025.
تاكايوكي كوباياشي، البالغ من العمر 50 عاماً، شغل منصب وزير الأمن القتصادي سابقاً، وقد ترشّح في السابق لقيادة الحزب. ركّز برنامجه على دفع عجلة النمو الاقتصادي ومساعدة المواطنين في مواجهة ضغوط تكاليف المعيشة.
يحظى كوباياشي بدعم واسع بين أعضاء الحزب من الجيل الشاب، لكن شبابه ونسبية خبرته يُعتبران عقبتين محتملتين، بحسب ما يقول ناغي.
“يُنظر إلى كوباياشي على أنه كفؤ، ذكي، وذو رؤية دولية، لكنه لا يزال في سنّ صغيرة جداً لمواجهة القادة المخضرمين في الحزب الذين يقتربون من الثمانين”، أضاف ناغي.
وتردد نفس الموقف لدى سوزوكي من جامعة طوكيو: “السيد كوباياشي سياسي من جيل جديد صعد نجمه بسرعة، لكنه لم يَنَل بعد الشعبية الكافية.”
وأضاف سوزوكي: “موتيغي وهاياشي وكوباياشي جميعهم متمكّنون سياسياً ويتمتعون بحدة في النقاش، لكن هذه الصفات ليست محور المنافسة على زعامة الحزب. القضية الأساسية الآن هي الشعبية وإعادة تنشيط الححزب.”