الناشر السابق لمجلة آرت نيوز — توفي عن عمر يناهز 97 عاماً

ميلتون إيسترو، الصحفي الحائز جوائز والذي امتلك تحرير مجلة آرت نيوز وأدارها طيلة 42 عاماً، توفي يوم الجمعة عن عمر ناهز سبعة وتسعين عاماً. وقد أكدت وفاته ابنته جوديث إيسترو، التي سبق أن عملت كنائبة ناشر هذه المجلة، من دون أن تفصح عن سبب الوفاة.

في منشور على مواقع التواصل الاجتماعي، قال روبن سيمبالِست، الذي شغل منصب التحرير التنفيذي في المجلة في عهد إيسترو: «درّب ميلتون أجيالاً من المحررين والكتّاب، نشر تحقيقاً تلو الآخر وفاز بجوائز متتابعة، وكان يفتخر بحق بآثار الصحافة الاستقصائية التي مارستها المجلة—وخاصة في ما يخص استرداد نهب الحرب النازية في الهولوكوست».

مقالات ذات صلة

أضافت ابنته أن «رحيله يمثل نهاية عصر، بالنسبة لمجلات الفن ولصحافة الفن على حد سواء».

اشترى إيسترو آرتنيوز من مجلة نيوزويك في عام 1972، وكان لدى نيوزويك آنذاك قسم تابع لشركة واشنطن بوست، وبقي المالك حتى سنة 2014 حين بيعت المجلة إلى سيرغي سكاترشيكوف. وبعد ذلك، استحوذ عليها بيتر برانت قبل أن تنتقل مع وقت لاحق لتصبح من ممتلكات شركة بينسكي للإعلام منذ 2018. خلال فترة ملكيته، حوّل إيسترو المجلة إلى منصة إخبارية مركزة، مُعيداً إليها نشاطاً وحيوية كانت قد تلاشت بعد عقودٍ من أن جعلها نقّادها منصةً لتعريف حركات مثل التعبيرية التجريدية والبوب آرت في حقبة ما بعد الحرب.

نالَت آرت نيوز اعترافاً وطنياً بفضل تقاريرها الاستقصائية، وضمت العديد من التحقيقات توقيع إيسترو نفسه. وتحت قيادته قدّمت المجلة قائمة «أعلى 200 جامع أعمال فنية» السنوية في عام 1990، والتي ستصدر هذا الخريف طبعتها السادسة والثلاثين؛ وهذه القائمة أصبحت اليوم ركيزة أساسية في تغطية المجلة.

لا عجب في تعداد إنجازات إيسترو؛ ففي ملف نشرته نيويورك تايمز عام 2023 ذكر، وهو في الرابعة والتسعين، أنه كتب أكثر من ستّة آلاف مقالة طوال حياته—ومع ذلك استمر في الكتابة باستخدام آلة كتابة رويال تعود إلى خمسينيات القرن الماضي بعد نشر ذلك الملف. خلال قيادته حصلت المجلة على جائزة المجلات الوطنية لتميّزها العام في 1981 وجائزتي جورج بولك عن التقارير الثقافية في 1980 و1991.

يقرأ  صور مذهلة حائزة على جوائز من مسابقة «مصور الطيور للعام ٢٠٢٥» — «التصميم الذي تثق به» — تصميم يومي منذ ٢٠٠٧

ومع ذلك، عمل إيسترو بتواضع لافت لم يغِب عن ملاحظة الخارجين: وصفه الناقد بن ديفيس بأنه «ليس رجل مظاهر»، وفي غرفة التحرير كان معروفاً بحضوره الحاضن، حيث كان يمنح الموظفين الجدد حزمة مطبوعة من مقالات المجلة كمصدر إلهام—ومن بين من تسلموا مثل تلك الحزمة كان كاتب هذا النص حين انضمّ كمتدرّب.

من بين نصوص تلك الحزمة كانت مقالة ماير شابيرو عام 1957 حول الطليعة الفنية التي نشرتها المجلة؛ وقد وصف إيسترو شابيرو مرة بأنه «ربما العبقري الوحيد الذي عرفته». وحاول إيسترو طيلة سنوات إقناع شابيرو بالخضوع لملف صحفي، وكان الجواب دائماً أن لديه انشغالات كثيرة؛ وبعد قرابة عقد وافق شابيرو أخيراً فنشرت المجلة ملف هيلين إبستاين عام 1983.

ولد ميلتون إيسترو في نيويورك عام 1928 ونشأ في بروكلين، وأظهرت ميلاً مبكراً نحو الصحافة حتى أنه أنشأ صحيفة باليد عندما كان طفلاً. التحق بكلية بروكلين وبينما كان طالباً حصل على وظيفة صبي نسخ في نيويورك تايمز، وكانت مهمته الأولى الذهاب إلى تايمز سكوير لشراء جداول مراهنات الخيول لمحرر الإدارة.

تزوج إيسترو من جاكي إيسترو وأنجبا ابنتين، جوديث وديبورا؛ دام زواجهما أربعة وسبعون عاماً حتى توفيت جاكي في وقت سابق من هذا العام. وفي 1948 عيّنته التايمز كمراسل، فترك الدراسة، وقال فيما بعد إن «غرفة أخبار التايمز كانت مدرستي الصحفية». بدأت اهتماماته بالجرائم ثم تحوّلت إلى الفنون.

اتسم منهجه، خلافاً لما جرت عليه العادة آنذاك، بمعالجة قضايا الفن كمواد تصلح للتحقيق الاستقصائي. وبينما كان بعض زملائه في التايمز ينظرون إلى عمله باستغراب، واصل مثابرته وأثبت مهارة ملحوظة؛ ففي 1964 نشر تحقيقاً عن الأعمال الفنية المنهوبة في أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، وخرجت نتائج ذلك التحقيق على الصفحة الأولى للصحيفة—وهو أمر نادر لحكاية فنية آنذاك ولاحقاً.

يقرأ  إدارة ترامب تأمر الجامعات بالكشف عن بيانات القبول مفصّلة بحسب العِرق والجنس

ترقّى إيسترو في 1968 إلى منصب مساعد مدير الأخبار الثقافية في التايمز، ثم ترأس لاحقاً قسم النشر في صالونات كينيدي للفنون. وفي 1972 قد قاد مجموعة مستثمرين مكونة من ثمانية أشخاص للاستحواذ على المجلة، التي كانت حينئذ تكرّس جلّ صفحاتها للنقد الفني، وكانت مركزية في عالم الفن بنيويورك في خمسينيات القرن الماضي لكن قرّاءها تقلّصوا؛ فأجرى إيسترو تغييرات جذرية، أقال معظم الموظفين وجند فريقاً جديداً بالكامل. قال للتايمز عند الاستحواذ: «عالم الفن مثير وغامض، وهو في الوقت ذاته قليل التغطية. هناك عطش حقيقي للمعلومات الفنية لم تلبّه المنشورات». (لم يَرْق هذا التغيير للجميع؛ فقد عبّر توماس ب. هيس، الذي كان لا يزال آنذاك محرر آرت نيوز، عن استيائه قائلاً: «فقدان آرت نيوز خسارة لذاتي الثانية».)

أحرزت قيادة إيسترو —بمشاركة ابنته جوديث— مساراً جديداً للمجلة، وكان أثره الأكثر وضوحاً في التحقيقات التي بدأت تظهر من خلالها. أكثر تقاريرها تأثيراً آنذاك كانت تحقيقات حول استرداد الأعمال المنهوبة؛ ففي 1984 وردت إلى إيسترو معلومة عن دير نمساوي يحوي عدداً كبيراً من روائع نُهبت في العصر النازي ولا يسمح لأحد بزيارته، وعُهد إلى أندرو ديكر بإعداد المادة التي أصبحت إحدى حلقات ملف استرداد ممتد.

كان فضول إيسترو تجاه خبايا عالم الفن من أسباب إطلاقه لقائمة أعلى 200 جامع في 1990؛ فقد كان الجمهور يعرف أن أناساً أثرياء يشترون الفن، لكنه لم يفهم الدوافع تماماً. قال لإذاعة NPR في 2009: «الجامعون بالطبع ينفقون كثيراً، لكن في الوقت نفسه هناك أنواع لا حصر لها من مجموعات كما أن هناك مجموعات»، وأضاف: «بعض الجامعين سعداء، وبعضهم معذبون. بعضهم يشتري قليلاً جداً، بينما لا يستطيع آخرون التوقّف. لماذا يجمع الناس؟» كان يريد الإجابة عن هذا السؤال لنفسه وللآخرين.

يقرأ  يوروفيجن تكشف عن هوية عالمية جديدة للاحتفال بالذكرى السبعين — تصميم حصري لوكالة فردية من شيفيلد

بعد بيع المجلة في 2014 واصل إيسترو الكتابة لجهات مثل ذا آرت نيوز وذا نيويورك تايمز، وظلّت مقالاته تُنشر حتى ربيع هذا العام. واستمراره في الكتابة بعد تنحيه عن إدارة المجلة—وعن عزمه أن «يأخذ الأمور ببعض الهدوء» كما قال—كان دليلاً على إخلاصه للحرفة.

قال مرة إنه لا يندم على مسيرة مهنية قضّاها في التحقيق في عالم الفن سوى أمر واحد: «لم تفدني هذه المهنة في لعبتي للتنس، لكن هذه قصة أخرى».

أضف تعليق