سيدوارجو، اندونيسيا — في صباح يوم الاثنين، وبينما كان محمد رويدان فردوس، البالغ من العمر ستة عشر عاماً، ينهي صلاته في الطابق الأول من مدرسة الخوزيني الإسلامية الداخلية، فوجئ بشيء يصطدم برأسه. لحظات قليلة لاحقة رأى سقفَ الغرفة يتهاوى قطعًا فوقه وفوق زملائه الذين تتراوح أعمارهم بين اثني عشر وثمانية عشر عاماً.
ظنّ في البداية أنّ ما حدث زلزال، فانتفض مع الآخرين وهرعوا نحو المخرج. لكن ما وقع لم يكن زلزالاً. لأسابيع عدة كانت أعمال إنشائية تُجري في المدرسة، حيث كان العمال يصبون الخرسانة في طابقي السطح، ووزن الخرسانة تسبب في انهيار الطبقات الواحدة تلو الأخرى بما يشبه ظاهرة «الفطيرة» التي وصفها المسؤولون الإندونيسيون.
أُصيب محمد بجروح وهو يفرّ، وارتطم به ركام من بينها كتل خرسانة متداعية. بدفعة من الأدرينالين لم يشعر بالألم فوراً، لكنه عند خروجه واطمئنانه قليلاً انهار على الأرض فشعر بأن ساقه مكسورة. كما أنّ كتفه انخلع أوتَارَهُ وتكسَّر لدرجة دفعت أطباء مستشفى ستي فجر في سيدوارجو إلى إدخال وتد معدني لتثبيت العظم.
نجا أكثر من مئة طالب من المبنى، لكن عدد القتلى المؤكد ارتفع حتى الأحد إلى أربعين شخصاً. فرق الإنقاذ لا تزال تعمل على انتشال الجثث، ويعتقد أن نحو سبعة وعشرين طالباً آخرين ما زالوا تحت الركام. يوم الخميس أعلن المسؤولون أن طائرات درون الحرارية لم تُظهر «أي علامات حياة إضافية».
حادثة مأساوية
في أعقاب الانهيار المميت، أُثيرت تساؤلات عن سلامة المبنى ولماذا كانت أعمال البناء تحدث بينما الطلاب داخل المدرسة. مع ذلك، لم يُبدِ محمد ولا والدته يوني أي تحفظ على عودته إلى المدرسة التي درج على الالتحاق بها منذ كان في الثانية عشرة من عمره.
«لست خائفاً من العودة إلى المدرسة»، قال محمد، فيما عبّرت والدته عن أملها في أن يستأنف ابنه دراسته بعد إعادة بنائها. «نعتبر ما حدث حادثاً مأساوياً»، أضافت يوني، مؤكدة أنها لا ترغب في إلقاء اللوم على إدارة المدرسة.
مئات الآباء الذين حاورتهم الجزيرة أعربوا، جميعهم عدا واحد، عن رغبتهم في عودة أولادهم إلى المدرسة. في تفسير هذا الميل إلى التسامح تقنياً واجتماعياً، أوضح الشمسل عارفين، أستاذ سوسيولوجيا الدين في جامعة المحمدية بمدينة مالانغ المجاورة، أن مدارس التعليم الداخلي الإسلامية مثل الخوزيني تلعب دوراً محورياً في المجتمعات المحافظة، ومن ثم فإن العلاقة بين أولياء الأمور وقادة المدرسة تقوم غالباً على ثقة وتبعية تشبه علاقة الراعي بالمستفيد.
«قد يصاب الآباء بصدمة أو حزن بالغين، لكنهم من غير المرجح أن يرموا باللائمة على أصحاب المدرسة أو قادتها حيث توجد علاقة تبعية ورعاية»، قال عارفين. هذه المدارس توفر «سماء مقدسة» للطلاب تحميهم وتسكّن قلوب أهاليهم، ولهذا يسلم أولياء الأمور قادة المدرسة طوعاً وبثقة كاملة.
السلطة الدينية وتأثيرها
تضم اندونيسيا أكثر من ثلاثين ألف مدرسة داخلية إسلامية تُعرف بالـ”بيسانترن”، حيث يقيم الطلاب في السكنات ويتعلمون على يد علماء دين يُلقبون بـ”كياي” أو “أستاذ”. تركز هذه البيسانترن على التعليم الديني، وإن كانت كثير منها، ومن بينها الخوزيني، تُدَرّس مناهج عامة وعلمية أيضاً. في مقاطعة جاوة الشرقية وحدها تقارب أعداد البيسانترن السبعة آلاف.
«يحظى الكياي والأستاذان بتقدير واحترام بالغين، خصوصاً في المناطق المحافظة مثل جاوة الشرقية، لأنهم يُعتبرون من ذوي العلم والحكمة»، شرح عارفين، مضيفاً أنهم عنصر محوري في الحياة الاجتماعية ودائماً ما يستشيرهم الناس في المسائل الروحية. «يُنظر إليهم على أنهم أقرب إلى الله بسبب تقواهم، ولذلك ينفردون باحترامٍ استثنائي. حين تثار أسئلة عن السلامة يُرجع الآباء الأمر إلى التفكير العقدي والتقليدي في سلطة الدين».
تأسست مدرسة الخوزيني عام 1927، ومرّ على قاعاتها أو درس فيها عدد من «الآباء المؤسسين» لمنظمة نهضتة العلماء — أكبر منظمة مسلمة في العالم — مما رسّخ مكانتها كمركز للمعرفة والروحانية.
آباء ينتظرون معجزة
من بين المفقودين محمد علي، الذي أرسل ابنه البالغ أربعة عشر عاماً إلى المدرسة مثلما درس هو هناك من قبل. الابن كان داخل المبنى أثناء الانهيار ولم يُعثر عليه بعد، والأب ما زال يخيم قرب موقع الكارثة منذ سماعه بالأمر عبر وسائل التواصل الاجتماعي. «أترقب معجزة»، هكذا قال.
قيادة المدرسة قابلت أولياء الأمور واعتذرت، وفق ما روى علي، وأضاف أن مجموعة من أولياء أمور الطلاب المفقودين اتفقت على عدم تحميل المدرسة أو أي جهة أخرى مسؤولية الحادث. «صافحتهم وعانقوني، وقلنا إنّها مشيئة الله».
تحليلات هندسية
محمد عبده، محاضر في الهندسة المدنية بجامعة المحمدية، حلّل صور المبنى المدمّر ورجّح أن أعمال البناء في الطوابق العليا هي السبب المباشر للانهيار. «هذا يتسبب فوراً في إضعاف البنية، خصوصاً عند صب مواد مثل الأسمنت التي تحدث اهتزازاً وتحتاج وقتاً لتجف»، شرح، مشيراً أيضاً إلى احتمال أن تكون الأعمدة الحاملة غير كافية لتحمل الطوابق العلوية.
غالباً ما نرى في اندونيسيا ظاهرة إضافة طوابق أو غرف على مبانٍ قائمة مع مرور الزمن؛ وتصبح المشكلة حادة إذا لم تُؤخذ الاعتبارات الإنشائية والحمولات المتزايدة بعين الاعتبار عند التصميم أو أثناء أعمال التوسعة. لم أستلم نصاً لأعيد صياغته أو أترجمه — يرجى إرسال النص المطلوب.