انطلقت نسخة 2025 من جوائز نوبل رسمياً بإعلان جائزة الفسيولوجيا أو الطب يوم الاثنين، فاتحة أسبوعاً من الترقب العالمي.
حصلت العالِمات والعلماء ماري برانكو، وفريد رامسديل، وشيمون ساكاغوتشي على جائزة نوبل في الطب “لاكتشافاتهم المتعلقة بالتسامح المناعي المحيطي”. وأوضحت لجنة الجائزة في بيان أن هذه الاكتشافات أرست أساس مجال بحثي جديد وأدت إلى تطوير علاجات جديدة، على سبيل المثال في مكافحة السرطان والأمراض المناعية الذاتية.
البرنامج الكامل لأسبوع الجوائز يغطي الفترة من 6 إلى 13 أكتوبر، ويتضمن إعلاناَت متتابعة سريعة: الطب، ثم الفيزياء، ثم الكيمياء، والأدب، ثم السلام، وختاماً جائزة القتصاد يوم الاثنين المقبل.
ما هي جائزة نوبل؟
جائزة نوبل هي أرفع جوائز دولية تأسست بموجب وصية الفريد نوبل، الكيميائي والمهندس ورجل الأعمال السويدي المعروف بابتكار الديناميت. في وصيته عام 1895 خصص نوبل معظم ماله لتمويل جوائز سنوية تُمنح لمن “أحسنوا للبشرية أعظم منفعة” خلال العام السابق. أولى جوائز نوبل أُعلنت عام 1901 في مجالات الفيزياء والكيمياء والطب والأدب والسلام. وفي 1968 أنشأ البنك المركزي السويدي، Sveriges Riksbank، جائزة في العلوم الاقتصادية تكريماً لذكرى نوبل، ليصبح عدد الفئات ستاً.
من يمنح جوائز نوبل وما قيمة الجائزة؟
تُمنح الجوائز مؤسسات مختلفة: الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم (للفيزياء والكيمياء والقتصاد)، والجمعية النوبلية بمعهد كارولنسكا (للطب)، والأكاديمية السويدية (للأدب)، واللجنة النرويجية لجائزة نوبل (للسلام). كل فائز يتسلم ميدالية ذهبية وشهادة ودعم نقدي من صندوق نوبل الذي يدير أموال الوصية؛ قيمة جائزة هذا العام تبلغ 11 مليون كرونة سويدية (حوالي 1.2 مليون دولار)، إلى جانب الشهرة الفورية. تُقدَّم الجوائز رسمياً في 10 ديسمبر، ذكرى وفاة نوبل عام 1896.
جدول جوائز هذا العام
– الإثنين 6 أكتوبر: الفسيولوجيا أو الطب — إعلان من جمعية نوبل بمعهد كارولنسكا، قاعة والينبرغ، منتدى نوبل، سولنا قرب ستوكهولم.
– الثلاثاء 7 أكتوبر: الفيزياء — إعلان من الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم، ستوكهولم.
– الأربعاء 8 أكتوبر: الكيمياء — إعلان من الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم، ستوكهولم.
– الخميس 9 أكتوبر: الأدب — إعلان من الأكاديمية السويدية، ستوكهولم.
– الجمعة 10 أكتوبر: السلام — إعلان في معهد نوبل النرويجي على يد رئيس اللجنة النرويجية.
– الإثنين 13 أكتوبر: جائزة Sveriges Riksbank في العلوم القتصادية تكريماً لنوبل — إعلان من الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم، ستوكهولم.
كيف يُرشّح الأشخاص للجائزة؟
نظام الترشيح مصمم للحفاظ على السرية والاستقلالية: تدعو لجان نوبل سنوياً خبراء محددين وحائزين سابقين وأكاديميين لتقديم الترشيحات حتى 31 يناير. الترشيحات غير منشورة، ويُمنع أعضاء اللجان من مناقشة قراراتهم لمدة 50 عاماً؛ فقط المَرَشِّحون أنفسهم قد يكشفون عما قدّموا. لا يجوز للمرشح أن يرشح نفسه، لكن يمكن أن يُرشّح عدة مرّات من قِبل آخرين. بعد الموعد النهائي تستغرق اللجان شهوراً لمراجعة مئات الملفات، واستشارة متخصصين، ثم تضييق القائمة إلى عدد محدود. تُظهر الخبرة أن لكل جائزة إيقاعها الخاص: جائزة السلام، الممنوحة في أوسلو، تميل إلى الاستجابة لأحداث العام الراهن، بينما الجوائز العلمية الممنوحة في ستوكهولم غالباً ما تتطلب عقوداً ليؤكد المحكّمون أن الاكتشافات صمدت أمام اختبار الزمن.
لماذا تركز الأنظار على جائزة السلام هذا العام؟
العالم يواجه صراعات حادة، بينها ما تصفه منظمات أممية بأنه إبادة جماعية في غزة وأزمات إنسانية متصاعدة في أوكرانيا، إضافة إلى حروب أهلية وقمع سياسي في دول عدة. مع ذلك، طغت عناوين تتعلق بالرئيس الأميركي دونالد ترامب على النقاش الإعلامي حول الجائزة هذا العام، نتيجة ترويجه المستمر لنفسه وادعاءات متكررة بأنه يستحقها، بما في ذلك قوله إنه أنهى “سبع حروب”. وفي الأمم المتحدة صرح ترامب أن “الجميع يقول إنني أستحق نوبل للسلام”. وفي 30 سبتمبر كرر أنه “استحق” الجائزة لاحتمال إنهاء حرب ثامنة، مستنداً إلى إعلان إسرائيل نهاية حربها المستمرة عامين في غزة.
وبالرغم من ذلك، يرى خبراء أن فرصه ضئيلة. اللجنة النرويجية عادةً ما تركز على استدامة السلام، وتعزيز الأخوة الدولية، والعمل الهادئ للمؤسسات التي تدعم هذه الأهداف. من الجدير بالذكر أن ترشيحات رُفعت لترامب تضمنت رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحكومة باكستان، لكن كلا الترشيحين قدما بعد الموعد النهائي لعام 2025. كما حذّرت إحدى هيئات منح الجوائز من أن حرية الأبحاث الأكاديمية مهددة بتدخلات سياسية من إدارة ترامب؛ وقالت يلفا إنغستروم، نائبة رئيس الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم، التي تمنح جوائز الكيمياء والفيزياء والقتصاد، إن تغييرات الإدارة كانت متهورة وقد تكون لها عواقب مدمرة على المدى القصير والطويل، وذلك في مقابلة مع وكالة رويترز. «الحرية الأكاديمية… إحدى ركائز النظام الديمقراطي.»
ومع ذلك، ليست إنغستروم عضوةً في أي من اللجان الثلاث التي ستمنح جوائز الكيمياء أو الفيزياء أو العلوم الاقتصادية.
يتقدّم الناس في موكبٍ يحمل المشاعل تكريمًا للفائزين بجائزة نوبل للسلام لعام 2024 في أوسلو، النرويح، 10 ديسمبر 2024 (كين تشيونغ/أسوشييتد برس)
ماذا يحدث في حفل تسليم جوائز نوبل؟
سنويًا، في العاشر من ديسمبر – ذكرى وفاة ألفريد نوبل – تُسلَّم جوائز نوبل رسميًا في مراسِم مزدوجة تُقام في ستوكهولم وأوسلو.
في ستوكهولم يحضر أفراد العائلة الملكية السويدية الحفل، حيث يتسلمُ الحائزون على جوائز الفيزياء والكيمياء والطب والأدب والعلوم الاقتصادية ميدالياتهم وشهاداتهم من ملك السويد.
أما في أوسلو فيقدّم رئيس لجنة نوبل النرويجية جائزة نوبل للسلام في قاعة بلدية أوسلو، تلبيةً لرغبة نوبل بأن تُمنح جائزة السلام في النرويج.
يُستدعون الحائزون فردًا فردًا إلى منصة التكريم لتسليمهم الميدالية والدبلوم والمكافأة المالية. ويتضمن الحفل كلماتًا تُلقيها رؤوساء اللجان تبرز أهمية الاكتشافات أو الإسهامات التي نالت الجوائز.
يُنقل الحدث إلى شاشات العالم، ويتبع ذلك مأدبة نوبل الفاخرة في قاعة بلدية ستوكهولم التي تحضرها أكثر من ألف مدعو من الملوك والدبلوماسيين والعلماء والحائزين السابقين على الجائزة.
من فاز بهذه الجوائز العام الماضي؟
– الطب: مُنحت جائزة 2024 في الطب إلى فيكتور أمبروس وغاري روفكون لاكتشافهما الميكروآر إن إيه (microRNAs) — جزيئات صغيرة من الحمض النووي الريبي تنظم التعبير الجيني بعد عملية النسخ.
– الفيزياء: نال جون جي هوبفيلد وجيفري إي هنتون الجائزة تقديرًا لأبحاثهما الرائدة التي وضعت الأسس النظرية والحاسوبية لتعلّم الآلة العصبي الحديث والشبكات العصبية الاصطناعية. ربطت نماذج هوبفيلد في ثمانينيات القرن الماضي بين علوم الأعصاب والحوسبة، بينما أحدث عمل هنتون ثورة في التعلم العميق ممهّدًا لتقدّمات في تمييز الصور ومعالجة اللغات الطبيعية وأنظمة الذكاء الاصطناعي.
– الكيمياء: تشارك الجائزة ديفيد بيكر وديميس هسابيس وجون إم. جَمبر عن إنجازاتهم في التنبؤ بتراكيب البروتين وتصميمها عبر نماذج حاسوبية. نُسب تكريم بيكر إلى تطويره خوارزميات تتيح للعلماء تصميم بروتينات جديدة ذات وظائف محددة، فيما اعتُرف بسياسات هسابيس وجمبر في شركة ديب مايند لصنعهما نظام AlphaFold الذي تنبأ بدقة غير مسبوقة تقريبًا بمعظم تراكيب البروتين المعروفة.
– الأدب: ذهبت الجائزة إلى هان كانغ، الروائية الكورية الجنوبية المعروفة بتناولها الكاشف والعنيف لملامح العنف والهوية والذاكرة الجماعية. واستُشهد بأعمالها، وخاصة روايتي The Vegetarian وHuman Acts، «لنثرها الشعري المكثف الذي يواجه الصدمات التاريخية ويُظهر هشاشة الحياة البشرية».
– السلام: مُنحت الجائزة لاتحاد متضرري قنابل الهيدروجين والذرية في اليابان (Nihon Hidankyo) تكريمًا لحملته الطويلة لإلغاء الأسلحة النووية والحفاظ على شهادة ناجين هيروشيما وناكازاكي.
– العلوم الاقتصادية: تقاسم دارون عجم أوغلو وسيمون جونسون وجيمس إيه. روبنسون الجائزة لأعمالهم التحليلية حول كيف تشكّل المؤسسات النمو الاقتصادي طويل الأمد وعدم المساواة. أظهر بحثهم المشترك، ومنه كتاب Why Nations Fail، أن المؤسسات السياسية والاقتصادية الشاملة — لا الجغرافيا أو الثقافة — هي الحاسمة في تقرير مصير الازدهار.