أكتوبر يأتي بمجموعة مشوّقة ومتنوّعة من الإصدارات الجديدة التي تغوص في فضاءات الفن والموضة والفلسفة والخيال، وتُعيد رسم العلاقة بين الحياة الفنية والوجود الشخصي بصوت واضح ومثير. تفاصل العناوين هذا الشهر تتراوح بين سير مفصّلة وغنية لحياتين فنيتين بارزتين تُحيلان إلى اليهودية، إلى مذكرات صريحة عن الإصرار، ورواية جريمة حقيقية تشدّ الأنفاس. تابعوا مراجعات نقّادنا طوال الشهر للاطّلاع على قراءات معمّقة لعدد من هذه الكتب.
تشايم سوتين: عبقرية، هوس، وحياة درامية في الفن
بقلم: سيليست ماركوس
في عشرينيات القرن الماضي شرع شايم سوتين برسم سلسلة لوحات لُحوم غريبة ومروعة في آن، بعد علاقات غير اعتيادية مع عمال المسالخ الباريسية. نشأ وفق تقاليد كوشير صارمة، وشاهَد يوماً جزاراً يفرّغ دم إوزة بشغف ورهبة معاً؛ وهذا التناقض هو ما يَنبُع منه عمله—لوحات ساحرة لكنها لا تُرضي معيار الجمال التقليدي، ألوانها زاهية وطينية في ذات الوقت. السيرة الجديدة تسرد نشأته المظلم بين الحربين وتُعِدُّ أن تضع هويته اليهودية في صلب الحكي، موضِّحة كيف شكّلت تلك الهوية فنه وحياته.
محرّرو الستينات: غرابة الأسلوب والسبعينيات الملونة
بقلم: أوري مكميلان
أحياناً أجد نفسي مشبوهاً أمام الآليات الرأسمالية التي تستغل هجن الفن والموضة لغرض تسويقي بحت، لكن كتاب أوري مكميلان يزعزع ذلك الفهم السطحي. المؤلف يضيء على فنانين سود وسمر في السبعينيات انتقلوا بين العالم التجاري والآوانغارد بصخب متحدٍّ، متهكّم في كثير من الأحيان تجاه نخبوية عالم الفن. فصل لا يُنسى يحكي عن صداقة شكلت مساراً: غريس جونز ومينغ سميث، اللتان تعرفتا في عالم عرض الأزياء ثم كوّنتا تحالفاً إبداعياً.
شخصيات سوداء ثانوية
بقلم: براندون تايلور
رواية براندون تايلور الثالثة تدور في صيف 2022 المتوتّر، حين كان مانهاتن لا تزال مشحونة بذكريات الاحتجاج والجائحة. في مسكن بسيط بالطابق الخامس على الجانب الشرقي العلوي، يحاول وايث—خريج ماجستير فنون من الغرب الأوسط—أن ينجز لوحة. مشاهد مستوحاة من بيرغمان ورودمير أكسبته متابعين متواضعين، لكنه الآن يكافح ليتوافق أسلوبه مع توقّعات «الرسم الأسود». أسئلة قديمة بمقاييس جديدة: ما الذي ندين به لأنفسنا؟ هل الفن ملك للحياة؟ هل يجب أن يكون كذلك؟ رواية تايلور، وربما بتشدد في الالتزام بالتفاصيل اليومية، تظل بورتريهاً صارماً لفنان شاب يحاول أن يجد مكانه في دوامة محاولة أن يكون رسّاماً أسود في عالم ما بعد جورج فلويد.
بارنيت نيومان: هنا
بقلم: إيمي نيومان
العناوين الحيّة التي اختارها بارنيت نيومان—مثل Onement I وVir Heroicus Sublimis—تُشير أحياناً إلى حالات وجدانية غامضة، لكن هذه السيرة الجديدة لتاريخيّة الفن إيمي نيومان تقترح أن تلك اللوحات الثورية ارتكزت على أمر محدد جداً: تربيته اليهودية في زمن تفشّى فيه معاداة السامية. عبر أكثر من سبعمئة صفحة، تستكشف الكاتبة علاقة نيومان المتوترة بدينه، والتي صاغت رؤيته للعالم، حتى إذا ما عُرضت بعض لوحاته لاحقاً تحت عناوين مأخوذة من نصوص مسيحية وليس من التوراة.
برايفت I: مذكرات
بقلم: لين هيرشمان-ليسون
من المعروف أن عدداً كبيراً من الفنانات في القرن العشرين وأبْلَغْ سُبُقَهُنّ قد تغاضى عنهن إهمالاً ظالماً. في مذكرتها الجديدة، تَرْوِي لين هيرشمان-ليسون ملمس العمل في الظلال، حياة يومية لفنانة تصرّ على الاستمرار رغم ندرة الاعتراف والدعم. في السنوات الأخيرة حظيت بعروض استعادية عالمية وأُعِيد تقييمها كفنانة سبق زمنها في دمج الفن والعلم والتكنولوجيا، لكنها لسنوات كانت تقاوم العوز. أعمالها المفهومية في الفيديو والأداء وُضعت في فضاءات غير متوقعة—نوافذ متاجر، فنادق، وحتى سجن سان كوينتين—بدلاً من التيّار السائد في عالم الفن. يسرد الكتاب كيف صمدت بموارد محدودة محافظةً على التزامها الفني.
جان بودريار
بقلم: إيمانويل فانتين وبران نيكول
هذه سيرة مختصرة نسبياً، إذ ترك بودريار القليل من التفاصيل عن حياته، مفضلاً أن يصف نفسه بأنه «محاكاة لذاته». لكن ما توصل إليه الكاتبان مليء بطرائف ووقائع لافتة: مثل أن كتابه الشهير Simulacra & Simulation ظهر ربما كأول كتاب فلسفي في إعلان لـGucci، حيث حملت عارضة الكتاب كدليل على فكرته. يظهر سلوك بودريار كيف مارس ما نادى به، محوّلاً الفلسفة إلى أداء فني—قيل إنه زور شهادة صوفي كالي، وأنه كان يفبرك اقتباسات من مفكرين مشهورين. مع هذا الكم من الحقائق المسلية، تستشعر رؤيته النبوية للعالم. كما قيل في مؤتمر حديث عنه: ربما لم يعد حاضراً لتحليل عالمنا، لكنه قد فعل ذلك بالفعل.
آركيغرام: المجلة
آركيغرام كانت إحدى أكثر فرق العمارة تأثيراً، رغم أنها لم تبنِ شيئاً بالمطلق—وذلك عن قصد. تصاميمهم كانت استفزازية لا عملية غالباً. من خلال منشوراتهم الملونة المستوحاة من البوب والسايكيديليّا في الستينات، تحدّوا جمود المودرنيزم منتصف القرن وألهموا مركز بومبيدو الذي صممه ريتشارد روجرز ورينزو بيانو. هذه الطبعة الأولى المعاد إصدارها تجمع نشريات أرشيفية كانت تُباع بمئات الدولارات، وتضم بوستر قابل للانفكاك ومقالات جديدة لتاداو أندو، بياتريس كولومينا، ومايك ديفيس—أكثر من مجرد كتاب طاولة قهوة، إنه قطعة فنية في حد ذاته.
أمضت الأربعة اليوم معاً
بقلم: كريس كراوس
رواية جديدة من كاتبة وفنانة معروفة برواية «آي لوف ديك» تدور في «مجتمع الميث» بولاية مينيسوتا. بطلتنا، كات جرين، تقسّم حياتها بين عالم الفن في لوس أنجلوس والغرب المتجمد بريف مينيسوتا، مثلما تفعل الكاتبة نفسها. هناك، يعمل زوجها كمعالج إدمان وهو متعافٍ أيضاً؛ التنقّل بين العالمين يترك لديها صدمة طبقية. حين تسمع عن قِصّة محلية—اتهام ثلاثة مراهقين بقتل معارفهم الأكبر سناً—تصبح مهووسة بالأمر، كما هُو الحال مع كراوس التي استحوذت عليها هذه الجريمة الحقيقية وألهمت قلب الرواية.