أعمالك تحمل طابعاً تصويرياً؛ هل تعتمد في عمليتك على طبقات من الطلاء وتقنيات التزجيج؟
لا، في الغالب هي عملية ذهنية أشبه بفكرة «البدء من النهاية». احاول أن أبدأ كل ضربة فرشاة وكأنها الضربة النهائية. إنها اقتصاد في ضربات الفرشاة، لكنها أيضاً تحفظ عنصر الغموض؛ لا أُغطّي اللوحة بعلاماتٍ نصف مُنجَزة وقراراتٍ تشتت الرؤية الأصلية. منهجية «البدء من النهاية» تساعدني في مواجهة مشكلة الإفراط في العمل—وهذا لا يعني أنني أنجح دوماً، لكنها النيّة التي أحملها أثناء العمل.
لا يسعني إلا أن ألاحظ ثيمة رجل الأعمال في معرضك الأخير… هذا ولوحة ألوانك تذكّر بأغلفة روايات الجريمة الشعبية في الخمسينيات.
هذا العمل من سلسلة «الرحّل»؛ شخصية ازدواجية تُجسّد العادي والغامض معاً. هو في آنٍ واحد إنسان يومي ورمز، وربما محقق في روحه الخاصة، يتنقّل في مناخ نواري للوجود. كلمة «نواري» تمر في ذهني كثيراً.
هل يطارده شعور بالموت أو الفناء في لوحاتك؟
لقد صاروا عندي «رحّالي»—المسافر المظلم. كتبت كتاباً بعنوان «الرحّل» أيضاً. ثيمات من نوع «يأتي غريب إلى المدينة»، ولكن في الجوهر هي ظلمةٌ، ندم، مخاوف، وكل الأثقال التي نحملها معنا. لذلك الحقائب؛ إشارة إلى سرديات قاتمة. ربما هو ظلامي الشخصي الذي أحمله، ولهذا أرسم الرجل أكثر من المرأة. بالفعل، شبح الفناء يلوح فوقه: ليس عدواً محسوساً بل تآكل الزمن الحتمي—أفكار، ذكريات، ألغاز. بهذا المعنى هو كل واحدٍ منا، مطارَد بمرور الزمن وبالأسئلة التي لا تملك إجابات عند نهاية الرحلة. أحاول.
هل اللهب الأزرق أحرّ من الأحمر؟
نعم، اللهب الأزرق أحرّ من الأحمر، وهذه الحقيقة تحمل لي شاعريّة بصرية. الأزرق، المرتبط غالباً بالبرودة والهدوء، يخفي شراسةً ملتهبة تلتهم دون عناء. تذْكِرة بأن المظاهر قد تخدع، وأن ما يشتعلُ بشدّة ليس دائماً ما يبدو أكثر وهجاً للعين.
هو كل واحدٍ منا، مطارَد بمرور الزمن والأسئلة اللامُجَيَّبَة على مشارف نهاية الرحلة.