نشوة متفجرة — جون ليف

«لم يعرف أحد ما يدور في ذهني، ولا أنا بنفسي»، قالت الفنانة الراحلة جون ليف في مقابلة عام 2010 عن يقظتها الإبداعية الطفولية في شيكاغو، مضيفة أن أمها لم تُدرك أن البيت يصنع بركانًا صغيرًا. لا عجب إذًا أن كثيرًا من رسوماتها تبدو كأنها على وشك الانفجار، بقايا فوضوية تتفجر من الداخل. على مدار حياتها كانت ليف تستحضر بوضوح وعيها الفني المتنامي، الذي كان ينبثق أحيانًا في طفرات «نشوة» حسب تعبيرها، ورأت مسارها المهني في ضوء تلك التفجّرات الإبداعية.

من ثم، لا يستغرب أن المعرض الاستعادي «طلقات من القلب» ــ الذي يضم نحو 120 عملاً مرتَّبةً موضوعيًا لا زمنياً ــ يقدم قراءة جانبية لمسيرتها بعد وفاتها عن 94 عامًا. افتتح المعرض في متحف أديسون للفن الأمريكي في فيلبس أكاديمي بأندوفر، ثم انتقل إلى جناح آلن التذكاري في كلية أوبيرلين قبل أن يعرض حاليًا في متحف جراي للفن في الحي الأدنى الشرقي في نيويورك، حيث عاشت متقطعة لسنوات. بصفته رؤية كلية، ينجح العرض في تسجيل روح التجريب المستمر لدى ليف عبر وسائط متعددة، وحس الحركة الدائم الذي يفوق عادة ما يُفهم كعمل ثابت—مع نفحات كرنفالية من اللعب والمرح. لكنه يفقد، إلى حد ما، فوضى ورشة العمل المكدسة التي كانت أكثر بيئاتها ملاءمة لفهم أعمالها.

بدأت ليف رسامةً، لكنها سرعان ما أدخلت أشياءً معثورة وموَجَّهةً إلى أعمالٍ أحيانًا كانت تحركياً حرفيًا، لكنها دائمًا ما تلميح إلى الحركة. أمضت منذ سبعينيات القرن الماضي وقتًا طويلًا في مدينة مابو في جزيرة كيب بريتون بنوفا سكوشا، وذاك المنفى البري منحها هدوءًا ومساحة لتغذية تجاربها المستعرة مع المواد والأساليب. ظل عملها تمثيليًا بصورة أساسية، متأثرًا فضفاضًا بفنانين من شبكة شيكاغو ــ مثل ليون غولوب وجناح «سجل الأشباح» في شيكاغو ــ ومستنيرًا بروح بول كلِه وجان دو بوفه. درست وعَلَّمت في الباوهاوس الجديد في شيكاغو، ولم تَرَ الفن سعيًا إلى نقاء شكلي بحت؛ أعمالها أحيانًا تقترب من التجريد، خصوصًا رسوماتها الرائعة ذات الأسطح الضبابية والمبثوثة. وكانت العين الحذرة ترى العالم وسخرياته، كما في سلسلة النظارات الهزلية التي تشبه عدسات مقلوبة للمجهر — من الأعمال التي تضم «نظارات» (2003) المعروضة في جراي.

يقرأ  جون جاكوبسماير يعود بعمل جديد: «لوكوس كولوسوس»

درست ليف الرقص في مراهقتها، ولا غرابة أن تصفها صديقتها جوان جوناس بأنها كانت تتحرك وتبدع بطريقة تحمل شيئًا من الأداء. ومن أي زاوية تنظر إليها، يُسافر بك العمل عبر المكان والزمن، متجاوزًا مقاييس متعددة، فتلتقي بشخصيات متكررة كبيرة وصغيرة، وتخرج من الجولة وأنت تشعر أنك عشت حياة إلى جانب أنك تأملت مجموعة أعمال. تتجسد هذه الروح بوضوح في جزء من المعرض بعنوان «خلق الحياة من الحياة»، حيث تتسلق الأجساد وتحلق وتبحث عن توازنها؛ أحيانًا وحيدة كما في لوحة ثلاثية الأبعاد «مشيّاة الحبل المشدود» (1968)، وأحيانًا مع شريك كما في «رجل وامرأة يصطادان على الجليد» (1976) التي تبدو فيها امرأة من الصفيح تدفع رجلاً من الصفيح عن طرف قضيب — قراءة لامعة وممازحة لسياسة الجسد والجنس تمتد كخيط في كامل أعمالها.

في لعبتها الكرنفالية — مع موتيفات متكررة كالأركادات والمسرحيات المصغرة والخيول الهواية — تبدو ليف وريثةً لتقاليد مثل ألكسندر كالدر، لكنها تغرز شخصياتها، وخصوصًا النساء، في مشاهد مشحونة نفسيًا وأحيانًا مهدِّدة. في مجموعة من الأعمال حول ثمانينيات القرن الماضي، تتورم رؤوس النساء كأنها على وشك الانفجار. يذكر الكتالوج أنها كثيرًا ما كانت تجلس عند قدمي أمها بينما كانت الأخيرة تشغّل ماكينة خياطة ذات دواسة؛ ويستحضر هذا ذاكرة منحوتات لويز بورجوا الغريبة المستوحاة من علاقة الأم بالنسج. بالفعل، منحوتتها «مسرح المرأة» (1978)، حيث تعمل امرأة مرسومة على قماش في مسرح دمى محفور في منتصفها، تذكر ب motif «المرأة-المنزل» عند بورجوا.

جمعت ليف دواسات الخياطة لتدخلها في أعمالها؛ ومن أروعها «بدون عنوان (مسرح)» (2011)، حيث يقف شكلان صغيران داخل صندوق ظل قائم يذكرنا بأحضان قاعة مهجورة أو داخل عربة مغطاة، فتشعر كأن رياح الذكريات تعيد ترديدها في الداخل. تلك القطع شخصية وتفاعلية — وتمنيتُ أن يتيح العرض فرصة لتشغيل الآلات الصغيرة أو لتجربتها في سياق عالم فوضوي شبيه باستوديوهاتها، الذي يبقى بالطبع المكان الأنسب لاكتشافها. لكن الاستعراضات الكُبرى تميل إلى ترتيب الأمور وتنقيتها أكثر من اللازم؛ نأمل أن تتضمن الفعاليات العامة المقبلة تفعيلًا انتقائيًا لبعض الأعمال. هكذا تصرّف مركز بيريلّي هانغاربكوتشا في ميلانو مع معرض لتيڭيلي العام الماضي.

يقرأ  تعيينات فنية — مركز أوباما الرئاسي يكلف تسعة فنانين جدد

لا يهمّ ذلك كثيرًا: فهذه الأعمال صمِّمت، على أقلّ التقديرات، لإثارة استجابة حركية داخلية في ذهن المشاهد — تلك الدينامية من الخارج إلى الداخل ومن الداخل إلى الخارج التي كانت في صلب مسارها الفني طوال حياتها.

صورة لترتيب المعرض: جون ليف — “إطلاق النار من القلب” (تصوير: ميخائيل ميشين، منقولة بمجاملة متحف غراي للفنون)

جون ليف، الرجل النائم، 2020. معدن، أسلاك، أكريليك على قماش، وخشب (© مجموعـة جون ليف؛ تصوير: آلان وينر، بمجاملة هايڤن، نيويورك)

تفصيل من عمل جون ليف، “تمرير الحكاية عبر ثقب الإبرة” (حوالي 1974)، أكريليك وحبر وغرافيت على ورق (© أرشيف جون ليف؛ تصوير: أليس آتي، بمجاملة هايڤن، نيويورك)

المعرض “جون ليف: إطلاق النار من القلب” مستمر في متحف غراي للفنون بجامعة نيويورك (18 سكوير كوبر، إيست فيلج، مانهاتن) حتى 13 ديسمبر. نُظِّم المعرض بالاشتراك بين معرض أديسون للفنون الأمريكية في أكاديمية فيليبس بأندفور، ماساتشوستس، ومتحف آلن التذكاري للفنون في كلية أوبيرلن بأوبيرلن، أوهايو. القيّمات على المعرض: أليسون كيمرر، غوردون ويلكنز، وسام آدامز.

أضف تعليق