جورج موريسون: صورة مختلفة للتعبيرية التجريدية

تُوسّع المعرض البارز «المدينة الساحرة: نيويورك جورج موريسون» في متحف المتروبوليتان مفاهيم الجمهور حول من كانوا الشخصيات الرئيسية في التعبيرية التجريدية. كما يقدم هذا المعرض لجمهور زائري المتحف فناناً ظل معزولاً طويلاً بسبب أصله العرقي: جورج موريسون (من فرقة غراند بورتاج من أوجيبوا بحيرة السوبيريور). وُلد موريسون في مدينة شيبوا بولاية مينيسوتا عام 1919، أحد اثني عشر طفلاً، وبدأ الرسم طفلاً حين أبقته عدة عمليات جراحية في قالب ضم كامل للجسم لعدة أشهر.

حصل على منحة السفر «إيثل موريسون فان ديرليب» أوائل الأربعينيات، فانتقل لى نيويورك ليدرس في رابطة طلاب الفن من 1943 حتى 1946 — وهي فترة خصبة للإبداع في مدينة امتلأت بفنانين مهجرين ومتشردين فكرياً — واندمج في صفوف ما عُرِف بـ«التعبيرية التجريدية». غادر نيويورك عام 1947 ليُدرّس أولاً في ماساتشوستس، ثم حصل عام 1952 على منحة فولبرايت لدراسة الفن في باريس، قبل أن يقيم لفترة وجيزة في دولوث بولاية مينيسوتا. عاد إلى نيويورك عام 1954 حيث استأنف علاقاته مع كثيرين من التعبيريين التجريديين الذين رحبوا به في الأربعينيات، والتقى ويليم دي كونينغ وجاكسون بولوك. بحلول ذلك الوقت بلغ عمله نضجاً ووجد صوته الفني، الذي شارك بعض السمات مع كليفورد ستيل وفيليب غوستون، لكنه لم يكن مديناً لهما.

يشمل معرض «المدينة الساحرة» الذي أشرفت عليه باتريشيا مارروكين نوربي (P’urhépecha)، القيم المشارك لفن الأمريكيين الأصليين في الجناح الأمريكي بالمتحف، لوحات وأعمالاً على الورق ومواد أرشيفية. من بين هذه المواد إعلان عن معرض جماعي 1954–55 في صالة تاناجر، وهي تعاونية فنية مهمة أسّسها لويس دود، تشارلز كاجوري، أنجيلو إيبوليتو، ويليام كينغ وفريد ميتشل، فضلاً عن نسخ من كاتالوجات ويتني السنوية لعامي 1947 و1956 — كل ذلك يؤكد نشاطه في المشهد الفني المتنامي في وسط مدينة نيويورك. دهشت من مدى اندماج موريسون في هذه الخلطة. بدا لي واضحاً سبب تقدير معاصريه لأعماله في الخمسينيات، وشعرت بالاستياء من السرعة التي أهملت بها الساحة الفنية في نيويورك أعماله بعد صعود فن البوب والمينيمالية والسرديات النقدية التي تدعم الاعتقاد القائل بوجوب «تقدّم» الفن.

يقرأ  سينثيا هوكينزتصوغ قواعدها الخاصة عبر أعمالها التجريدية

لم يكن موريسون الوحيد بين ضحايا الانتقال من تيار إلى آخر، لكن تجاهله في التاريخ الكانوني ترك فيّ مذاقاً مرا. لم يكن الفنان الملون الوحيد المرتبط بالتعبيرية التجريدية الذي يُستبعد بانتظام من أغلب السرديات التاريخية. إن معرضاً حائزي رؤى يجمع أعمال نورمان لويس، ماتسومي «مايك» كانيميتسو، إد كلارك، والعديد من الآخرين المرتبطين بالتعبيرية التجريدية سيساعد في تصحيح هذه الإغفالات.

برزت في المعرض ست لوحات بشكل خاص، مؤرخة بين 1953 و1958. صُنعت هذه القطع حين قيل إن التعبيرية التجريدية كانت في تراجع وفقاً للناقد الفني ذي تاثير كليمنت غرينبيرغ، ولحين تصاعدت لوحات حقل اللون التي روّج لها غرينبيرغ؛ ومع ذلك حملت القطع الستة أسطحاً سميكة ومبنّية بالإمباستو. هذا الاختلاف وحده يميز موريسون عن معاصريه في نيويورك، كثير منهم كان يستكشف الطلاء كوسيط سائل يسكب (كحال بولوك وهيلين فرانكنتالر) أو يطبّق بغسلات رقيقة لا تظهر فيها اليد (كحال أد راينهارت ومارك روثكو).

تشير عناوين قطعتين من هذه الأعمال، «السماء الحمراء» (1955) و«عامودي المذهّب» (1958)، إلى اهتمام موريسون بمناظر مينيسوتا التي نشأ فيها، في حين أن أسطحها المتنوِّعة وتغيّرات النغمة والزخارف الهندسية المتداخلة في «السماء الحمراء» قد تُرجَع إلى إلهام مستمد من حِرف الأوجيبوا. كما افتتح نورمان لويس مفردات التعبيرية التجريدية لتُلمّح إلى التجربة السوداء، فإن موريسون استحضر تجربة السكان الأصليين.

في «عامودي المذهّب» تُقاربنا التدرجات الطفيفة للنغمات وتبطئ وقع النظر، فتدفع المشاهد للتأمّل البطيء؛ لكن أحلامنا تتقطع أحياناً بخطوط حمراء وقطع من الأزرق تبرق من خلال سطح تهيمن عليه الأصفر والحنطي. في «السماء الحمراء» قد تبدو الأشكال الرمادية والبيضاء القذرة والبرتقالي المحمر وكأنها تدعم لوح السماء السميك. أم أن السماء تضغط للأسفل، مكبّسة الأشكال؟ الثقل التوتري محسوس.

يقرأ  مجلة جوكستابوز«حصان البحر الأخير يصهل داخل بيضة»فاي وي وي وإيرين وولف مومسن — نينيتو، أثينا

أثارني أن لوحات موريسون في الخمسينيات كانت قابلة للتمييز على أنها خاصة به، وفي ذلك الصدد تقف بقوة أمام التعبيريين التجريديين الذين لهم أساليب موقّعة، من أدولف غوتليب إلى بارنيت نيومان، رغم أنه لم يطور نمطاً توقيعياً ثابتا. عبر فنه يظهر واثقاً ومضطرباً في آن واحد، دائماً في بحث عن التركيبة التالية من اللون والشكل لا عن نمط واحد متكرر. ومع كل الاكتشافات والبصائر التي اكتسبتها من هذا المعرض المكثف والمركب بشكل جميل، ازداد فضولي تجاه الفنان. هذا ما يجب أن يفعله معرض متحفي: يتركك جائعاً للمزيد.

يستمر معرض «المدينة الساحرة: نيويورك جورج موريسون» في متحف المتروبوليتان للفنون (1000 الجادة الخامسة، مانهاتن) حتى 31 مايو 2026. نصّبته باتريشيا مارروكين نوربي.

أضف تعليق