في بالي، الجزيرة المزدحمة بالسياح على الشواطئ، يأمل مدرّس ركوب الأمواج عمري أنجليوس في قطار أنفاق حضري بطول ستين كيلومتراً يخفف الضغط عن متاهة الشوارع ذات الحارتين، حيث تتحرك السيارات ببطء وتنساب الدراجات النارية بينها.
مثل كثيرين من الإندونيسيين، يعتقد أنجليوس أن الصين ستكون في طليعة الجهود لتوسيع شبكة النقل عبر أرخبيل يضمّ ستة آلاف جزيرة مأهولة ويقطنها 285 مليون نسمة. ينبع هذا الثِقَة من دور الصين في بناء أول سكة حديد عالية السرعة في جنوب شرق آسيا على جزيرة جافا الأكثر اكتظاظاً بالسكان في العالم.
«تسأل الحكومة، وإذا قالوا إنها الصين فستكون الصين»، قال أنجليوس (41 عاماً) الذي عانى من ازدحام بالي طيلة ستة عشر عاماً. «أظنّ أن هذه المشاريع تصبّ في مصلحة الصين.»
هل لديك أسئلة عن أبرز القضايا والاتجاهات العالمية؟ احصل على الأجوبة من منصة SCMP Knowledge، المحتوى المُنتقى الذي يقدّم شروحات، أسئلة شائعة، تحليلات ومخططات معلوماتية من فريقنا الحائز جوائز.
تعمل شركة إنشاءات سكك الحديد الصينية حالياً على مشروع مترو بالي الحضري بتكلفة بلغت عشرين مليون دولار إلى جانب شركات محلية، مع توقع افتتاح الخط الأول عام 2031.
يأتي المشروع بعد سكة جافا عالية السرعة البالغة قيمتها 7.27 مليار دولار والتي أُنجزت قبل عامين، والمعروفة باسم «ووش»، والتي امتدحها مسؤولون صينيون وإندونيسيون كنموذج محتمل للمستقبل — رغم قلق السكان المحليين من حجم الديون المتراكمة.
سافر الملايين على الخط الرابط بين جاكرتا وباندونغ عاصمة مقاطعة غرب جافا؛ تستغرق الرحلة أربعين دقيقة بدلاً من ثلاث ساعات بالطريق البري، ولم تُسجّل حتى الآن أية أعطال تشغيلية.
استثمرت الشركات الصينية بكثافة في مشاريع السكك من آسيا الوسطى إلى أوروبا، لكن بكين صورت مشروع جافا عالي السرعة كواحد من مشروعات الشراكة على طريق الحزام والطريق — مبادرة واسعة لبناء روابط تجارية عبر عشرات البلدان.
تتميّز القطارات الحمراء والبيضاء بتبطين داخلي من الخشب ومقاعد فاخرة، وتبلغ سرعتها حتى 350 كم/س، ولها حظوة كافية في جاكرتا حتى أدّت إلى ظهور تذكارات معنونة باسم «ووش».
«من ناحية الكفاءة الزمنية للخدمة، أسلوب النقل هذا يقدّم أداءً جيداً»، قال روزينو أجي أفاندي، أستاذ بجامعة بينا نوسانتارا ومستخدم لقطار «ووش».
تستعد إندونيسيا للدخول في مفاوضات مع شركاء صينيين في أكتوبر لمناقشة توسيع شبكة السكك عالية السرعة لتشمل سورابايا في شرق جافا، ثاني أكبر مدن الأرخبيل.
لتحسين النقل العام، قال مواطنون قابلهم الصحفيون إنهم سيرحّبون بصورة عامة بمزيد من الاستثمارات الصينية.
القصة تتابع
«لا أرى مخاطرة، على حد علمي»، قال مه رافي الأيوه، مهندس كهربائي يبلغ من العمر 22 عاماً في جامعة باليكبابان في كاليمانتان، الجزء الإندونيسي من بورنيو. «أعرف أن الصينيين يبنون أشياء ذات جودة جيدة، وبقدر ما أعلم فالأمر يتعلق بالتقنية (غالباً).»
في المدينة نفسها — حيث لا يزال التنقّل يعتمد أساساً على الحافلات وتطبيقات النقل التشاركي — يرغب براس أتماجا (28 عاماً) في رؤية سكة حديد تُبنى.
دعت مشغّلة السكك الحديدية الحكومية المستثمرين للتقدّم بمشاريع لبناء قطار مطار وسكك حضرية في العاصمة الوطنية الجديدة التي يجري بناؤها جزئياً، والتي تبعد حوالي ساعتين ونصف بالسيارة.
لاحظ أتماجا، الذي يسافر كثيراً في البلاد، تزايد حضور مشاريع البنية التحتية الصينية لكنه يقلق من أن «تقارير عن الديون» قد تضعف حماس الجمهور — ليس تجاه «ووش» فحسب بل تجاه مشاريع أخرى تقودها الصين.
تكبّد مشروع «ووش» مليارات الدولارات من الديون بسبب تجاوزات في التكاليف وتأخيرات في الإنجاز، ووجود منافسة من قطار أرغو باراهيانغان الأرخص ثمناً الذي يستغرق نحو ثلاث ساعات بين جاكرتا وباندونغ، حسب اعتقاد بعض الإندونيسيين.
تنظر إندونيسيا في إعادة التفاوض على ديون «ووش» إذ أن مبيعات التذاكر وحدها لا تكفي لتغطية الالتزامات.
خسرت الشركة المشتركة المشغلة «KCIC» والاتحاد الذي يسيطر عليها نحو 280 مليون دولار في 2024 تلاها 107 ملايين دولار في النصف الأول من 2025، بحسب دراسة صادرة في 26 سبتمبر عن مركز الدراسات الاقتصادية والقانونية الإندونيسي.
مول نحو ثلاثة أرباع المشروع عبر قروض من بنك التنمية الصيني بفائدة «تنافسية» بلغت نحو 2% على رأس المال و3.4% على تكاليف التجاوز، وفق الدراسة.
«لست متأكداً من الاستدامة، لأن الفجوة بين الإيرادات والديون المستحقة ما تزال كبيرة»، قال أجي، مستخدم «ووش» من جافا.
تعمل وكالة إدارة استثمارات رأس مال نوسانتارا ذات السيادة على صياغة خطة لإعادة هيكلة الديون، بحسب موقع أخبار البورصة الإندونيسية IDN Financials في يوليو.
مع ذلك، يعتمد تخفيف الديون إلى حدّ كبير على الحفاظ على أسعار تذاكر ميسورة للمسافرين في بلد نامٍ، قال سونج سينغ ون، مستشار اقتصادي لدى شركة الخدمات المالية «CGS» ومقرها سنغافورة. تُباع تذاكر «ووش» حالياً بسعر يتراوح بين 150 ألف و600 ألف روبيَّه — أعلى من أسعار القطارات العادية التي تقلّ عادة عن 100 ألف روبيَّه.
«المسألة تتعلق بجذب مزيد من الركاب، وهذا يعتمد على مستوى السعر الذي يمكن للركاب تحمله»، أضاف سونج. غير واضح اليوم ما إذا كان «العمال العاديون» يستطيعون تحمل أسعار «ووش».
نُشر هذا المقال في الأصل في صحيفة ساوث تشاينا مورنينغ بوست، الصوت الأبرز في تغطية أخبار الصين وآسيا منذ أكثر من قرن. لمزيد من مقالات الصحيفة، استكشف تطبيق SCMP أو تابع صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي.
حقوق النشر © 2025 دار نشر ساوث تشاينا مورنينغ بوست. جميع الحقوق محفوظة.