حلّ سكونٌ ساحر دام نصف ساعة خلال تأبين أقيم في بروكلين للمبدع المسرحي الراحل روبرت ويلسون، الذي توفي هذا الصيف عن عمرٍ ناهز الثالثة والثمانين. جرت المراسم في مسرح هارفي التابع لأكاديمية بروكلين للموسيقى، ذلك الركن العتيق والذو طابع شعري في المؤسسة، الذي احتضن على مرّ السنين 22 عرضًا من عروض ويلسون، بما في ذلك مرتين من تحفته الأوبرالية لعام 1975 «اينشتاين على الشاطئ».
كان هذا أولى أربع تأبينات عامة مقررة؛ ستتبعها تجمعات في برلين وميلانو وباريس خلال الأشهر المقبلة. حضر المناسبة عدد من الشخصيات البارزة مثل فيليب غلاس (الملحن ومشارك الإنشاء في «اينشتاين»)، روفوس وينرايت، لوري أندرسون، ANOHNI، كريستوفر نولز، جوان جوناس وباولا كوبر. ولم يدُل أحدٌ بأي صوت — أو على الأقل لم يصدُر عن أحد صوت بنية متعمدة — خلال الجزء الرئيسي من البرنامج: فترة صمتٍ جعلها ويلسون عادةً متكررة في محاضراته وخطاباته ونخبِه.
مقالات ذات صلة
وُزِّع على الحضور كتيّب يحتوي اقتباسًا لجون كيج: «لا وجود لشيءٍ اسمه الصمت». وتلاه توجيه نصّه: «لطلبه في تأبينه، أراد بوب فترة صمت طويلة جداً. في هذا الوقت، ندعوكم لأن تستمعوا لما تسمعون، وأن تبصروا ما تبصرون، أن تصلّوا، تتأمّلوا، تجلسوا، تتذكّروا أو تتخيلوا. الصمت ليس فارغًا؛ هو ممتلئ ومتناغر وحيوي. وربما، داخله، رسالة أخيرة من بوب.»
كانت تلك الرسالة الأخيرة رقيقة ومؤثرة. علم الحاضرون مسبقًا بوجود فترة صمت ضمن البرنامج، لكن لم تُعطَ تفاصيل أكثر، فكان من اللافت عندما بدأ الصمت كما لو أنه نشأ من ذاته، بطريقة عضوية. لم يدرِ أحد مداها، لكنها امتدت ومنحت مساحة كبيرة للتأمل. نصف ساعة من الصمت مساحة زمنية كبيرة، وأثارت تساؤلات حول معنى التجمع كـ«جمهور» داخل فضاء مسرحي فعلي، ومشاركة الانتباه في نقطة تركيز واحدة مهما كان موضوعها. وبما يتوافق مع تصميم ويلسون — فقد وضع مخططاتٍ لتأبينه في أسابيع حياته الأخيرة — تغيّرت إضاءات المسرح تدريجيًا من الأبيض إلى الأصفر ثم عادت. وفي لحظةٍ ما، دوّى عبر مكبرات الصوت صوت رنين هاتفٍ مسجّل قبل أن يتلاشى — مكالمة أخيرة بلا جواب.
بعد انقضاء الثلاثين دقيقة، نهض ويليام كامبل، رئيس مجلس إدارة مركز واترميل متعدد التخصصات في لونغ آيلاند الذي أسسه ويلسون، ومشى إلى المنبر. قال: «شكرًا لمضيفينا وشكر خاص لكم جميعًا على صمتكم. لم يكن بالإمكان أن يكون هناك هدية أنسب لبوب ويلسون اليوم، في يوم ميلاده.»
حدّث كامبل عن أول مرة شاهد فيها أعمال ويلسون، عقب انتقاله إلى نيويورك قادمًا من سهول ساسكاتشوان الكندية. «لم تكن هناك الكثير من روح الطليعة أو ما شابه في تربيتنا على تلك السهول المسطحة، لكن عندما أتيت إلى نيويورك زُرت BAM وبعد وقت قصير شاهدت «اينشتاين على الشاطئ».»
تحدّث عن نشأة ويلسون في تكساس قائلاً: «تلطّفت لهجته مع السنين، لكنه أظهر تناقضه التكساسي الحقيقي حين قال: ‘عندما تعرف ما يجب فعله، افعل العكس.’»
عن رؤيته طوال العمر، قال كامبل: «كان هدفه أن ينفذ إلى غنى اللحظة ويشعر بعمق بما يحيط بنا، بما سبقنا، وكيف يمكن للماضي أن يكون لبنةً لبناء المستقبل.» مستشهدًا بكلمات محبة من زوجته، أضاف: «أدخل بوب كل من لمسه — سواء كان فنانًا أو نجارًا أو بستانيًا، غنيًا أو فقيرًا — إلى عالمٍ ساحر.»
تبع ذلك جهود جوزيف ميليلو، المنتج التنفيذي لـBAM بين 1999 و2018، الذي ألقى كلمة مؤثرة باسم المؤسسة، التي بدأت علاقتها بويلسون منذ عمله «حياة وأزمنة سيغموند فرويد» عام 1969 واستمرت عبر عروض أخرى من بينها «تايم روكر» مع لو ريد و«الفارس الأسود» مع توم ويتس وويليام إس. بوروز في تسعينيات القرن الماضي، إلى جانب العديد من الأعمال الأخرى.
انتهى المساء بخاتمة مبهجة مع جوزيت نيسام، المغنية التي تعاونت مع ويلسون في «زينياس: حياة كليمنتاين هنتر» (2013)، عن فنانة هاوية من مزرعة جنوبية بدأت الرسم بعد الخمسين واستمرت حتى وفاتها عام 1988 عن عمر يناهز 101 سنة. قالت نيسام عن ويلسون: «أخرَجني حقًا من قوقعتي كفتاة كنسية شديدة التحفظ؛ علّمَني كيف أُكسر جدراني، التي كانت في الحقيقة قفصًا، لأصبح الشخص الذي كان من المفترض أن أكونه.»
ثم غنّت. صفق الجمهور وغنّى معها.