لقاء مؤثر مع فن برنارد ويليامز

شيكاغو — في كل صيف تقريباً في مدينة شيكاغو وضواحيها يتوالى عرض بعض الأعمال الفنية العامة الساذجة بحق، كأن تُعرض للجمهور كنوع من التسلية للسُيّاح والسكان. أحياناً تكون أبقار فيبرغلاس بالحجم الطبيعي، وأحياناً فراشات عملاقة. والأسوأ دائماً هي مجموعات جاهزة من خردة ملونة يمكن للمدن شراؤها عبر الإنترنت لتجميل الشوارع التجارية والفراغات الخالية. أحياناً نرى أعمالاً نابغة، مثل صخور قوس قزح الغريبة لفرانس ويست، التي لا يُنصح بتسلقها في حديقة الألفية.

في بلدة المهورست، على بُعد نحو ثلاثين دقيقة غرب مركز المدينة، تجتمع أسوأ وأفضل النماذج على مسافة دقائق فقط من بعضها. قرب مركز البلدة تظهر تشكيلات مؤقتة في الهواء الطلق مثل «سقف المظلات» و«مطر الألوان» — أعمال تظهر في مدن حول العالم وتُشترى من شركة برتغالية عبر الإنترنت. تضيف هذه التركيبات القليل من اللون والحركة للمارة الذين يمرون تحتها، لكنها في نهاية المطاف خردة بلا معنى ولا علاقة محلية تُذكر، وتشي إلى حدّ يشبه مداخل مغاسل السيارات المزخرفة.

في الوقت نفسه يعرض متحف المهورست للفنون معرضاً فردياً بعنوان CROSSINGS للفنان الشيكاغوي برنارد ويليامز. يصنع ويليامز لوحات غامضة من مواد ورموز أيقونية: تراب جورجيا، ونقوش سلال السكان الأصليين، وأعلام حلبات السباق، كما يبني تماثيل كبيرة وجريئة لجرارات وطائرات. نُصبت بعض هذه الأعمال داخل المتحف والبعض الآخر في الحديقة العامة المتاحة للجميع. كثير منها يعمل كمآتم أو نصب تذكارية لشخصيات وأحداث تاريخية، ومع ذلك لو كنت طفلاً تلعب في وايلدر بارك جنوب المتحف لظننت أن «روت 27» مجرد سيارة سباق خارقة، كرتونية الزوايا وكبيرة الحجم، مُركبة من خشب منقوش ومطلي — عمل يدفعك ربما للعودة إلى البيت وبناء شيء رائع بيديك. غير أن المرء قد يبدأ سريعاً بالتساؤل عن شعارات الرعاة وأسماء الفرق الملطخة على المركبة. بعض هذه الشعارات مألوف: MIES تيمناً بميس فان دير روه، المعماري الحداثي الذي يُشكل منزله النموذجي جناحاً في المتحف؛ BOOKER T تيمنًا ببوكر تي. واشنطن؛ 1803 LP إشارة لبيع ولاية لويزيانا. أخرى أقل وضوحاً: YAZOO وKEOKUK وROSENWALD قد تستلزم بحثاً، وكذلك الرقم 27. FOX لا تعني محطة تلفزيون بل شعبًا أصليًّا في الغرب الأوسط. وعبارة JIM CROW FLOW ينبغي أن توقظ حفيظة الجميع.

يقرأ  معرض فن النحت على العظام والعاج في متحف صيد الحيتان يستعرض فن القرن التاسع عشر

وُلِد ويليامز في جنوب شيكاغو عام 1964، وهو من أعمدة المشهد الفني في المدينة لعقود. رغم كونه فناناً تحضيرياً أساساً، فقد عمل طويلاً مع مجموعة الفن العام في شيكاغو، المنظمة الأسطورية لصنع الجداريات التي تحتفي هذا الخريف بذكرى تأسيسها الخمسين، ويمكن مشاهدة أعماله التعاونية في مدارس ابتدائية وتحت الكباري في أحياء مختلفة. كما توجد له مشاريع دائمة فردية متناثرة في الحدائق والميادين، بما في ذلك أعمدة حديدية تحمل كلمات وصور مقطوعة تُجمع لتكوّن تركيبات ذات مغزى ثقافي وتاريخي أكثر منها إرشاداً جغرافياً.

ركّب المتحف مؤخراً عمودين حديديين بطول اثني عشر قدماً على العشب الشمالي، على أمل أن يبقيا هناك طويلاً. يحمل عمل «حلم الكاوبوي» ظلال ديك وخنزير ورجل يرتدي قبعة سτεςون، كلها مطلية بالسواد تكريماً للأميركيين الأفارقة الذين أسهموا في تشكيل الغرب الأميركي بعد عصر الإصلاح، قصة كثيراً ما تُغفلها كتب التاريخ وأفلام هوليوود. أما «روح بيسي كولمن» فمطليّة باللونين الأبيض والأصفر وتضم مروحة وأجنحة ووجه امرأة بنظارات طيارين؛ فقد كانت كولمن أول امرأة سوداء تحصل على رخصة طيران من الاتحاد الدولي للطيران، وهي شخصية تُحتفى بها داخل المعرض أيضاً عبر تماثيل داخلية: صدر حالم بطول ستة أقدام، وتصفيفة شعرها موجّهة بشكل جماعي يشبه ثلاثة أجنحة، وطائرة بالحجم الطبيعي مزدانة بأيقونات تذكّر بكولمن. على غطاء الطائرة يستقر علمان أميركيان مطويان بشكل مثلث، تخليداً لـ «كوين بيس» كما كانت تُلقب، التي ماتت في سقوط طائرة عام 1926، وفي ذكرى عدد لا يُحصى من الجنود والأبطال الضائعين الذين تنتمي إليهم.

على عكس «روح بيسي كولمن #2» التي اشترى ويليامز طائرة مجموعة وأعاد ترميمها فعلاً، فإن معظم مجسّمات المركبات عنده لا أمل لها في السير أو الطيران — وهذا جزؤها الساحر. تبدو «السيارة الكهربائية»، المقطوعة من خشب الأبلكاش كخط رسم لشاب مهووس، وكأنها خرجت من دفتر سكيتشات بفرح مفرط. أما «مشروع الجرار الأسود»، مركبة مزروعة بقبضة “قوة السود” مرفوعة في مقعد السائق، فتبدو حقيقية لكنها منحوتة أساساً من رغوة EPS. مطلية بالسواد مع بقع لونية تصرّفها روثكو، تخلد تسوية قضائية دفعت 1.2 مليار دولار للمزارعين السود الذين تعرضوا للتمييز من وزارة الزراعة الأميركية. وصلت بعض تلك الأموال إلى ويليامز عن طريق ميراث من عمّه، مزارع في مونتغمري، ألاباما. العلامات التجارية ذات مغزى منتشرة على الجرار: بدلاً من John Deere تكتب FANNIE LOU HAMER و68 وLAND IN وREPARATIONS وUSDA، وعلى جوانب الإطارات الأمامية تلوح تسميات PIGFORD 1 وPIGFORD 2، من أسماء القضايا القانونية الرسمية. أحياناً يتدلى قناع أفريقي فضي على الغطاء.

يقرأ  موظفو الأرض في رايان إير يضربون عن العمل في إسبانيا مع وصول موسم العطلات إلى ذروته

ينبغي حقاً أن يُكلف «مشروع الجرار الأسود» تمثالاً دائماً من البرونز. هذا بالطبع غير مرجّح تحت إدارة ترامب، التي يبدو مفهومها عن النصب العام الجدير متمثلاً في حديقة الأبطال الأميركية الوطنية المقترحة بتكلفة 34 مليون دولار، والمزمع أن تملأها تماثيل تقليدية تصويرية لميلتون فريدمان وأليكس تريبك و248 شخصاً آخرين. لكن يمكننا أن نأمل — وأن نتعلم ونلعب ونجرّب، وهي صفات تحرّك تلك المركبات التي يصنعها ويليامز من خشب ورغوة. فهي وإن لم تتحرك مكانياً، إلا أنها قادرة على تحريكنا إلى أبعد مدى.

يستمر معرض CROSSINGS لبرنارد ويليامز في متحف المهورست للفنون (150 شارع كوتيج هيل، المهورست، إلينوي) حتى 17 أغسطس. أشرفت على تنسيق المعرض ألايسون بيترز كوين، المديرة التنفيذية وكبرى القيّمين بالمتحف.