جائزة نوبل للسلام ٢٠٢٥ مؤهلات ترامب.. هل لديه فرصة للفوز؟

بينما تستعد اللجنة النرويجية لجائزة نوبيل للسلام للإعلان عن الفائز هذا العام، تبرز شخصية واحدة وتخيم على قرارها: رئيس الولايات المتحدة، دونالد ترامب.

منذ تولّيه منصبه في يناير، كرّر ترامب أنه يعتقد أنه يستحق الجائزة لأنّه — كما يقول — أنهى ما لا يقلّ عن «سبع حروب».

في يوم الأربعاء وضع نفسه في مقدمة المشهد ليُنسب إليه الفضل في احتمال إنهاء «حربٍ» ثامنة، بعد أن توصلت إسرائيل وحماس إلى المرحلة الأولى من اتفاق لوقف إطلاق النار مستند إلى خطة سلام من عشرين نقطة كشف عنها ترامب الأسبوع الماضي.

يأتي إعلان الجائزة هذا العام أيضاً في ظلّ استمرار الحرب الروسية في أوكرانيا وصراعات مسلحة في دول أخرى. وقد تَرَشّح للجائزة هذا العام 338 شخصاً أو جهة، وتختار اللجنة — وهي مجموعة من خمسة أفراد تختارهم ستورتينغ، البرلمان النرويجي — الفائز.

هل ترامب مؤهَّل للفوز؟ هذا ما نعرفه:

لماذا يقول ترامب إنه يستحق جائزة نوبل للسلام؟
في خطاب أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك في سبتمبر، قال ترامب: «الجميع يقول إنّني يجب أن أحصل على جائزة نوبل للسلام». وأضاف: «أنهيت سبع حروب. لا رئيس ولا رئيس وزراء فعل شيئاً يقترب من ذلك».

أشار ترامب إلى أن الحروب التي زعم أنه أنهى تضمّ قضايا بين كمبوديا وتايلاند؛ كوسوفو وصربيا؛ جمهورية الكونغو الديمقراطية ورواندا؛ باكستان والهند؛ إسرائيل وإيران؛ مصر وإثيوبيا؛ وأرمينيا وأذربيجان.

ما هي مؤهلات ترامب؟
بعض النزاعات التي يقول إنه أنهى شارك فيها بنفسه، ودوره في بعض اتفاقات وقف إطلاق النار محل نزاع. ومع ذلك، هناك صراعات أعطت طرفيها الفضل لوساطته الفعّالة في تهدئة التوترات.

في سبتمبر قال إنّه «يستحق» الجائزة لإمكانية إنهاء الحرب التي استمرت سنتين على غزة. وبينما كانت الأسلحة الأمريكية والدعم الدبلوماسي المتين لِإسرائيل عاملاً مهماً في استمرار الحرب، يُعتقد على نطاق واسع أن ترامب ضَغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أكثر مما فعل سلفه جو بايدن لإنهاء القتال. وكشف ترامب أخيراً عن خطته للسلام ذات العشرين نقطة، ومع إعلان اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس أصبحت الحرب أقرب من أي وقت مضى إلى نهايتها.

انتهى القتال بين إيران وإسرائيل في يونيو بوقف إطلاق نار توسط فيه ترامب، غير أن الجولة التي بدأت بضربات إسرائيلية استهدفت منشآت نووية إيرانية وتسبّبت في مقتل علماء وقصفت أحياء سكنية، شهدت مشاركة أميركية نشطة حين أصدَر ترامب أوامر بضرب ثلاث مواقع نووية إيرانية، وردّت إيران بضرب أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في الشرق الأوسط في قطر قبل إعلان وقف النار.

يقرأ  جائزة الحياة البرية لعام 2025أروع الصور حتى الآن

في مايو شنّت الهند وباكستان حرباً جوية قصفت كلّ منهما قواعد الأخرى العسكرية؛ وقالت الهند أيضاً إنها ضربت قواعد «إرهابية» في باكستان وكشمير الخاضعة لإدارتها، بينما ادعت باكستان أن عشرات المدنيين قُتلوا. وفي نهاية أربعة أيام من القتال أعلن ترامب وقف إطلاق نار، لكنْ بينما تُنسب هذه المساهمة للولايات المتحدة من قِبل باكستان، تُصرّ الهند على أنه لم يكن له دور.

شهدت حدود كمبوديا وتايلاند اشتباكات لخمسة أيام في أغسطس وتأسس وقف إطلاق نار بعد اتصالات هاتفية من ترامب، إلى جانب وساطات أخرى من رئيس وزراء ماليزيا أنور إبراهيم ووفد تفاوضي صيني؛ وحتى الآن شكرت كمبوديا ترامب فقط على دوره.

تظلّ العلاقات بين صربيا وكوسوفو متوترة منذ أوائل الألفية، وكان الاتحاد الأوروبي والناتو وسطاء رئيسيين، لكنها وقّعت اتفاقاً في 2020 خلال الولاية الأولى لترامب، وبالرغم من التوترات المتجذّرة لم تشهد المنطقة حرباً مفتوحة منذ عودته إلى البيت الأبيض.

يزعم ترامب أنه أنهى نزاعاً بين مصر وإثيوبيا، لكن رغم التوتّر المستمر خصوصاً بسبب سدّ لتوليد الطاقة الكهرمائية على أحد روافد نهر النيل، لم تكن هناك حرب فعلية بين البلدين.

في يونيو وُقّع اتفاق سلام بين رواندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية بوساطة ترامب؛ الهدنة هشة والتوترات لا تزال عالية لكن الاتفاق صامد حتى الآن.

في أغسطس أشرف ترامب على اتفاق بين أرمينيا وأذربيجان في البيت الأبيض، وهو اتفاق قد يضع حداً لصراع مستمر منذ تفكك الاتحاد السوفييتي عام 1991، لكن في مقابلة لاحقة بدا مُتحيّراً بشأن الدول التي تَوَسّط بينها وقال خطأ إنه أنهى حرباً بين أذربيجان وألبانيا.

انتقادات خبراء السلام
«سأكون متفاجئاً لو مُنح الرئيس ترامب جائزة السلام هذا العام لأنه لم يقدّم بعد مساهمة جوهرية كافية للسلام»، قالت نينا غرايغر، مديرة معهد أبحاث السلام في أوسلو، لشبكة الجزيرة. وأضافت: «بينما يستحقّ الفضل على جهوده لوقف الحرب في غزة، لا يزال من المبكّر الحكم على ما إذا كانت مقترحات السلام ستُنفَّذ وتؤدي إلى سلام دائم».

لماذا يريد ترامب الجائزة؟
يقول ترامب إنه يستحقّها وكثير من مؤيديه يتّفقون معه، لكنه كثيراً ما قارن مبادراته في السياسة الخارجية بالاعتراف الدولي الذي ناله باراك أوباما أثناء فترة ولايته. فقد نال أوباما جائزة نوبل للسلام في 2009 «لسعيه الاستثنائي إلى تعزيز الدبلوماسية الدولية والتعاون بين الشعوب» رغم أنه كان في بداية حكمه آنذاك، وقد تعرّض فوزه لانتقادات بسبب زيادة استخدام الطائرات المسيّرة وتوسيع عمليات عسكرية في الخارج.

يقرأ  تعرض الناشط اليميني تشارلي كيرك لإطلاق نار داخل جامعة أمريكية — أخبار دونالد ترامب

«لو كنتُ اسمي باراك أوباما لُنِحت لي الجائزة خلال عشر ثوانٍ»، قال ترامب العام الماضي. وذكرت صحيفة نرويجية أن ترامب اتصل في يوليو بوزير المالية النرويجي ينس ستولتنبرغ — رئيس حلف الناتو السابق — لمناقشة الرسوم الجمركية والضغط من أجل نيل جائزة نوبل للسلام.

ألم يكن ترامب طرفاً في أعمال عدائية أيضاً؟
ترى غرايغر أن اللجنة قد تنظر إلى مجموع سلوك المرشح تجاه السلام عند اختيار الفائز. «تراجع ترامب عن مؤسسات دولية، رغبته في ضم جرينلاند من مملكة الدنمارك، وكذلك التجاوزات على الحقوق الديمقراطية الأساسية داخل بلاده، لا تتوافق تماماً مع إرادة ألفريد نوبل»، قالت.

بجانب المشاركة في ضربات على إيران مع إسرائيل في يونيو، أمر ترامب أيضاً القوات الأمريكية بشن هجمات على الصومال في فبراير بذريعة استهداف قيادات تنظيم الدولة. وفي مارس شنّ ضربات واسعة على الحوثيين في اليمن رداً على هجماتهم في البحر الأحمر، وفي سبتمبر أمَر بقصف زوارق في البحر الكاريبي قال إنها قادمة من فنزويلا وتُستخدم لتهريب المخدرات.

كما هدد الرئيس الأمريكي بضمّ جرينلاند وحتى كندا وقناة بنما.

هل العنف يُستبعَد تماماً عن الفائزين بجائزة السلام؟
تُمنح جائزة نوبل للسلام، وفق وصية ألفريد نوبل، «للشخص الذي قام بأفضل عمل أو أكثره لأخوة الأمم، وإلغاء أو تخفيض الجيوش النظامية، وعقد مؤتمرات السلام ونشرها». لكن في الممارسة العملية تحيط بها جدالات مستمرة.

في 1973 مُنحت الجائزة لوزير الخارجية الأمريكي هنري كيسنجر لما اعتبر تفاوضه على وقف إطلاق النار وإنهاء الحرب الفيتنامية، رغم أن سياساته ساهمت في إطالة أمد الحرب وحملات قصف كارثية في كمبوديا. وفي 1994 نال شمعون بيريز مع رئيس الوزراء إسحاق رابين وياسر عرفات الجائزة نتيجة اتفاقات أوسلو، مع أن لبيريز سجلّاً طويلاً في السياسات العسكرية الإسرائيلية قبل ذلك. وفازت أونغ سان سو تشي بجائزة 1991 كرمز للديمقراطية في ميانمار، لكن لاحقاً طالبت منظمات بسحب الجائزة بعد اتهامات لها بالإشراف على حملات ضد الروهينغا أثناء قيادتها الفعلية للدولة بين 2016 و2021.

وعند منح الجائزة لأوباما عام 2009 اعتبر النقّاد القرار سابقاً لأوانه، لكن اللجنة بررت اختياره بناءً على رؤيته للدبلوماسية المتعددة الأطراف ونزع السلاح، ورأت أنه قد يمثل إعادة تهيئة للعلاقات الدولية.

يقرأ  أورسولا فون دير لاين تدافع عن العقوبات الأوروبية المقترحة ضد إسرائيل

تُظهر هذه الأمثلة الحدود التي قد تدفع اللجنة إلى اختراقها عند اختيار الحائز، وفق غرايغر: «اللجنة لا تسعى للجدل لكنها لا تتجنّبه إذا شعرت أن هناك مُرشّحاً مستحقاً».

هل ما زال بإمكان ترامب الفوز — ومن أيّ جهة نال تأييداً؟
أغلِق باب الترشيح لجائزة نوبل للسلام لعام 2025 في 31 يناير، بعد أيام من عودة ترامب إلى البيت الأبيض. في يوليو قال نتنياهو إنه رشّح ترامب، وتبعه في أغسطس رئيس وزراء كمبوديا هون مانات. كما أعلن رئيس وزراء أرمينيا نيكول باشينيان ورئيس أذربيجان إلهام علييف تأييدهما المشترك لترشيحه في أغسطس.

في داخل الإدارة، وصف ستيف ويتكوف، مبعوثه الخاص للشرق الأوسط، ترامب بأنه «أفضل مرشح وحيد» للجائزة. كما أرسل النائب الجمهوري في الكونغرس بادي كارتر رسالة إلى لجنة نوبل النرويجية في سبتمبر، وقال الرئيس التنفيذي لشركة فايزر، ألبرت بورلا، أيضاً إن ترامب يستحق الجائزة.

لكن الترشيحات المقدمة بعد 31 يوليو تُحتسب لدورة 2026 بموجب قواعد اللجنة؛ وقد رشّحت حكومة باكستان ترامب بالفعل لجائزة العام المقبل.

سألت الجزيرة منظمي الجائزة النرويجيين عمّا إذا كان ترشيح ترامب قيد النظر، ولم تردّ اللجنة بعد.

ماذا لو لم يفز ترامب؟
في اجتماع عسكري في فيرجينيا في سبتمبر قال ترامب إن عدم منحه الجائزة سيكون «إهانة كبيرة لأمريكا». وأضاف ساخرًا: «سيلقونها لشخص لم يفعل شيئاً… سيعطونها للرجل الذي كتب كتاباً عن عقل دونالد ترامب».

ثار تساؤل داخل النرويج حول كيفية رد فعل ترامب إذا لم يَنل الجائزة؛ فقد فرضت الولايات المتحدة بالفعل رسوماً بنسبة 15 بالمئة على صادرات النرويج. كما أعربت الإدارة الأمريكية لشبكة CNBC الشهر الماضي عن «انزعاج شديد» بعد أن أعلنت النرويج — التي تملك صندوق ثروة سيادي يقارب قيمته 2 تريليون دولار — أنها ستبيع حصصاً في شركة كاتربيلر الأمريكية بسبب صلاتها بحرب إسرائيل على غزة.

لكن وزير الخارجية إسپن بارث آيد قال في مقابلة مع بلومبرغ في 3 أكتوبر إن الحكومة النرويجية ليست طرفاً في قرارات جائزة نوبل للسلام: «الأمر ببساطة يعود للجنة نوبل. من المهم أن نذكر أنها لجنة مستقلة».

في نهاية المطاف، القرار بيد لجنة مستقلة تواجه موازنة بين الإنجازات المرحلية للمرشّح وسجله العام أمام معايير الجائزة ومشروعية السلم الدائم.

أضف تعليق