تصفيات كأس العالم 2026 لماذا لن تحظر الفيفا إسرائيل رغم اتهامات بالإبادة في غزة؟ أخبار الصراع الإسرائيلي–الفلسطيني

تستأنف إسرائل مبارياتها في التصفيات المؤهلة لكأس العالم 2026 هذا الأسبوع وسط احتجاجات شعبية واسعة وتصاعد المطالب بمساءلة الهيئات الكروية والعقاب على خلفية ما وصفته تقارير أممية بأنه إبادة جماعية في غزة.

على الرغم من الغضب العام، تستمر مواجهتا المنتخب الإسرائيلي في التصفيات — أمام النرويج يوم السبت وإيطاليا يوم الثلاثاء — بعد أن تجنّب الفيفا اتخاذ موقف واضح واعتبر القضية «قضية جيوسياسية» لا يمكنه حلها.

من جهة أخرى، اتُهِمَت الفيفا والاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) بالازدواجية، بعد فشلهما في فرض عقوبات على إسرائيل خلال عامين من الحرب على غزة، في حين فرضتا عقوبات سريعة على روسيا عقب غزوها لأوكرانيا في 2022.

من طلب حظر إسرائيل ولماذا؟
أكثر من ثلاثين خبيراً قانونياً دعوا يويفا لحظر مشاركة المنتخب الإسرائيلي وأندية الاحتلال في المسابقات، مستندين إلى تقرير لجنة تحقيق أممية خلص إلى وجود علامات إبادة جماعية في غزة. الرسالة أشارت إلى حجم الدمار الذي لحق بالرياضة هناك: قُتل ما لا يقل عن 421 لاعب كرة قدم فلسطيني منذ بدء العملية العسكرية في أكتوبر 2023، كما أن الحملة الجوية دمرت بنية غزة الكروية بشكل منهجي.

رغم اتفاق وقف إطلاق نار توصلت إليه إسرائيل وحماس في وقت مبكر من الخميس، تشير الأرقام إلى أن الحرب على غزة أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 67,183 شخصاً وإصابة 169,841 خلال أكثر من عامين، وغالبية من بين القتلى أطفال. ولا يزال آلاف يُعتقد أنهم تحت أنقاض المباني المدمرة.

شخصيات سياسية ورياضية من عدة دول طالبت بعقوبات مماثلة لتلك التي طالت روسيا؛ فقد قالت وزيرة الرياضة الإسبانية إن فرق إسرائيل يجب أن تُمنع من المشاركة كما حدث مع روسيا، مشيرة إلى عدد القتلى ودمار المستشفيات والجوع بين الأطفال. وعبّر إريك كانتونا، قائد فرنسا ومعلّم في مانشستر يونايتد سابقاً، عن استياءه من صمت المسؤولين الرياضيين ودعا إلى تعليق مشاركة إسرائيل ومقاطعتها من قبل الأندية.

يقرأ  نزوح الفلسطينيينوقصف إسرائيلي لمدينة غزة بقوة غير مسبوقة

قاعدة الجماهير أيضاً خرجت بمظاهرات وعبّرت عن احتجاجها داخل الملاعب وفي محيطها عبر لافتات ومظاهرات و«تيفو» واقتحامات أرضية ومغادرات متعمدة للمدرجات.

لماذا لم تُعلّق الفيفا إسرائيل؟
رئيس الفيفا جياني إنفانتينو تجنّب الرد المباشر واعتبر المسألة «جيوسياسية»، مؤكداً رغبة الفيفا في أن يستخدم كرة القدم وسيلة لجمع الناس في عالم منقسم. بعض المحللين يرون أن المعاملة التفضيلية لإسرائيل تعكس حالة الإفلات من العقاب التي تمتع بها خلال الحرب، وأن الهيئات الرياضية تعكس بالضرورة ديناميكيات السياسة الدولية وقوى الضغط التي تؤثر على قراراتها.

كما أشارت تحليلات إلى تدخلات سياسية كبيرة؛ فقد وُجهت ردة فعل سريعة من الولايات المتحدة لصالح إسرائيل تضمنت تهديدات بمخاطر عدة على المنظمات الرياضية إذا مضت قدماً في العقوبات. كما أن الولايات المتحدة هي إحدى الدول المضيفة لكأس العالم المقبل (إلى جانب المكسيك وكندا)، وهناك علاقات وثيقة بين الرئيس الأمريكي وبعض قيادات الفيفا، وهو ما يُنظر إليه كعامل مؤثر.

مطالب الفلسطينيين وإجراءات الفيفا
الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم قدم شكاوى رسمية يتهم فيها الاتحاد الإسرائيلي بانتهاك قوانين الفيفا، سواء عبر دور الجيش خلال الحرب أو ضم أندية من مستوطنات غير معترف بها دولياً إلى الدوري المحلي الإسرائيلي. وطالب الفلسطينيون بعقوبات مناسبة تصل إلى حظر دولي على المنتخبات والأندية الإسرائيلية. رد الفيفا كان تأجيل البت وتحويل الملف إلى لجانه التأديبية، ما اعتُبر خطوة بيروقراطية تحافظ على حركة الماكينة دون أن تحقق تقدماً ملموساً.

ضغوط داخلية وخارجية تواجه الاتحاد الفلسطيني أيضاً؛ فهو يعمل ضمن إطار السلطة الفلسطينية ويتعرض لقيود شديدة من الاحتلال، بما في ذلك منع تنقّل الرياضيين وحظر تجمعات الفريق للتدريب وإلغاء المباريات الدولية في فلسطين لعقود. كما تُوثق تقارير حالات اعتقال وإصابات واعتداءات أثرت على مسيرة كثير من اللاعبين ومهّدت لنهايات مبكرة لمسارات رياضية.

منظور أوسع
يُنظر إلى قضية تعليق أو عدم تعليق إسرائيل من منافسات كرة القدم على أنها قرار سياسي يتخذ على أعلى مستويات المنظمات الرياضية، حيث تتقاطع الاعتبارات القانونية والإنسانية مع الضغوط الدبلوماسية والمصالح الجيوسياسية. وفي ظل استمرار الاتهامات بارتكاب جرائم جسيمة في غزة وتصاعد الدعوات للمساءلة، تبقى الرياضة ساحة يتقاطع فيها النضال المدني مع الحسابات الدولية، فيما يظل مصير مشاركة إسرائيل في المحافل الكروية موضوع نقاش ساخن ومفتوح. وصفها كثيرون بأنها أشبه بمقاول فرعي للاحتلاال.

يقرأ  أستراليا تُعدُّ مشروع قانون لتشديد الرقابة على منصات الأصول الرقمية

لماذا طردت إسرائيل من الاتحاد الآسيوي لكرة القدم ولماذا انضمت إلى الاتحاد الأوروبي؟

لم تكن هذه أول مرة تثار فيها مطالبات بطرد إسرائيل من هيئات كرة القدم. كانت إسرائيل من الأعضاء المؤسسين للاتحاد الآسيوي لكرة القدم عام 1954 ولعبت تحت مظلته نحو عشرين عاماً. بعد حرب تشرين 1973، امتنعت عدة دول عربية ومسلمة – إضافة إلى كوريا الشمالية – عن خوض مباريات ضد إسرائيل. قادت الكويت حملة لإخراج إسرائيل من عضوية الاتحاد، فأفضى التصويت إلى 17 صوتاً مقابل 13 إلى قرار إقصائها عن الهيئة الإقليمية عام 1974. خلال ثمانينيات القرن الماضي خاضت إسرائيل معظم مبارياتها الدولية أمام منتخبات أوروبية وشاركت في تصفيات أوروبا لكؤوس العالم، وفي عام 1994 مُنحت العضوية الكاملة في الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا).

لماذا تلعب النرويج وإيطاليا ضد إسرائيل في تصفيات كأس العالم 2026؟

وضعت القرعة إسرائيل في المجموعة الأولى ضمن تصفيات يويفا لكأس العالم إلى جانب إيطاليا والنرويج. بينما أبدت الحكومة الإيطالية موقفاً داعماً لإسرائيل خلال الحرب على غزة، شهدت البلاد احتجاجات ضخمة تطالب بوقف النار وتنتقد حكومة رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني لرفضها إدانة إسرائيل. من جانبها دعت حكومة النرويج صندوق الثروة السيادي – الأكبر عالمياً – إلى مراجعة جميع استثماراته في إسرائيل والانسحاب من الاستثمارات المرتبطة بالحرب أو بالاحتلال غير القانوني للضفة الغربية. بالنسبة للمنتخبات الوطنية، تختلف المعادلة: الانسحاب قد يكلّف التأهل، إذ تُطبق عقوبة الهزيمة ثلاثة أهداف مقابل لا شيء في حالة الحرمان من إقامة المباراة. قال مدرب إيطاليا جينارو غاتوزو: «يجب أن نلعب هذه المباراة، لأننا إن لم نفعل سنخسرها 3-0»، مشيراً إلى قاعدة المباريات المسلَّمة. من جهة أخرى، أعلنت النرويج التبرع بالعائدات المحصلة من مبيعات التذاكر في مباراتها ضد إسرائيل للجنة الأطباء بلا حدود لدعم أعمالها الإنسانية في غزة.

يقرأ  قد تفاجئ السائحينالطريقة الأرخص لطلب القهوة في إيطاليا

هل ستشهد إيطاليا والنرويج احتجاجات ضد إسرائيل؟

تُنتظر تحقيقات جماهيرية وتجمعات احتجاجية خارج الملاعب، ورسائل مؤيدة لفلسطين داخلها. اعترف غاتوزو بأن «الجو لن يكون هادئاً»، مشيراً إلى استهداف تدريب المنتخب الإيطالي من قبل محتجين. وتوقّع أن يكون هناك نحو 10 آلاف متظاهر خارج الاستاد وخمسة إلى ستة آلاف داخل المقصورة. حمل مشجعو إيطاليا لافتات تندد بما وصفوه إبادة جماعية في غزة خلال مباراة سابقة، في مشهد يعكس امتداد الأزمة إلى الملاعب.

هل يمكن أن تؤدي الاحتجاجات الرياضية إلى فرض عقوبات؟

يرى المحللون مثل ألان العريان أن الرياضة كانت فضاءً للنضال والحراكات الشعبية، لكن تحويل كرة القدم إلى سلعة ألقى قيوداً كبيرة على قدرة الاحتجاجات على تحقيق أهدافها. تغيّر علاقة الساحرة المستديرة بالمصالح المالية والسياسية على مدى عقود جعل من الصعب اعتبارها ساحة فعّالة للتعبئة، إذ تلعب الاعتبارات الاقتصادية والسياسية دوراً كبيراً ويقلّصان مساحة تحرّك الاتحادات الرياضية. لذلك غالباً ما تخذل جمعيات الكرة توقعات التضامن. يُستشهد أحياناً بالطرد عام 1974 كمثال على وحدة عربية ومسلمة ضد ممارسات إسرائيل في فلسطين، لكن الدول نفسها لم تتمكن من دفع الفيفا لفرض عقوبات على إسرائيل. يعتقد العريان أن ذلك يعود إلى «حوافز أعمق»؛ العلاقات السياسية والاقتصادية والتجارية التي ترسّخت خلال العقود الماضية تجعل من الصعب اتخاذ إجراءات صارمة. وينضم إلى ذلك موجة تطبيع حيث طبعت بعض الدول العربية والإسلامية علاقاتها مع إسرائيل وحافظت على قنوات دبلوماسية مفتوحة طوال ما تصفه كثير من المنظمات بالجرائم المرتكبة في غزة.

أضف تعليق