أظهر مسح أجراه منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أن معلمي المرحلة الإعدادية في إسرائيل يتبوأون موقعًا متقدمًا من حيث الرضا المهني واستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، لكن البلاد تعاني في الوقت ذاته من نقصٍ في المعلمين الحاصلين على شهادات معتمدة وتفاوت كبير في تقدير المجتمع لمهنة التدريس.
أجرت السلطة الوطنية للقياس والتقويم في التعليم (راما) ترجمةً لنتائج مسح التدريس والتعلّم الدولي (TALIS)، بعد جمع آراء 3,227 معلمًا و198 مديرًا في إسرائيل بين مارس ومايو. شاركت في الدورة الحالية للمسح خمس وعشرون وخمسون دولة، من بينها ثلاثون دولة عضو في منظمة التعاون.
تشير النتائج إلى أن 93% من المعلمين في إسرائيل يعبّرون عن رضاهم عن عملهم، مقارنةً بمتوسط 89% في دول المنظمة. كما أن 78% قالوا إنهم سيختارون مهنة التدريس مجدداً، مقابل 72% في دول المنظمة. الدافع الأبرز للالتحاق بالمهنة كان القدرة على تشكيل أجيال المستقبل؛ فقد ذكر 85% هذا السبب كدافع رئيسي، وهو أعلى معدل بين دول المسح، مقابل متوسط منظّموي يبلغ 62%.
إلا أن الصورة ليست متجانسة: قرر نحو نصف مديري المدارس الإعدادية في إسرائيل أن نقص المعلمين المعتمدين يؤثر سلبًا على جودة التعليم، وهي نسبة تفوق المتوسط في دول المنظمة (23%) بأكثر من الضعف، ما يجعلها الأعلى بين الدول المشاركة. وتنبه راما إلى أن حصة المدارس التي أفادت بوجود نقص قد ارتفعت بنحو 10% منذ 2018، لكنها أكدت أن هذه الزيادة لم تصل بعد إلى مستوى دلالة إحصائية وقد تكون ناجمة عن تباين في العينات.
على صعيد التكنولوجيا، سجلت إسرائيل استخدامًا واسعًا لأدوات الذكاء الاصطناعي داخل الصفوف: أفاد 44% من المعلمين باستخدامهم تلك الأدوات في عملهم، مقابل 36% في متوسط دول المنظمة. وكان أعلى معدل استخدام في القطاع العربي حيث بلغت النسبة 53%، مع توظيف شائع للذكاء الاصطناعي في تخطيط الدروس وإعداد المواد التعليمية. ومع ذلك عبّر عدد ملحوظ من المعلمين، خصوصًا المخضرمين، عن حاجتهم إلى تدريب إضافي؛ فقد قال 41% إنهم بحاجة إلى تطوير مهاراتهم المتعلقة بالذكاء الاصطناعي مقارنةً بـ29% في دول المنظمة.
تبقى مسألة تقدير المجتمع للمهنة مصدر قلق: ذكر 30% من المعلمين الإسرائيليين أنهم يشعرون بتقدير المجتمع لهم، وهو معدل أعلى من متوسط المنظمة البالغ 22%، لكن الفجوات القطاعية كبيرة؛ ففي المدارس الحكومية العلمانية (المמלכتي) شعر 17% فقط بتقدير المجتمع، مقابل 34% في المدارس الحكومية-الدينية (المמלכتي-داتي) و55% في القطاع العربي. وحذّرت راما من أن انخفاض الإحساس بالتقدير الاجتماعي يزيد بشكل ملحوظ من احتمال ترك المعلمين مهنة التدريس.
النتائج ترسم صورة مزدوجة: مهنياً ومعنوياً يتمتع المعلمون الإسرائيليون بدرجات عالية من الرضا وبمبادرات تقنية رائدة، بينما تظل التحديات البنيوية — نقص المعلمين المعتمدين وتفاوت التقدير المجتمعي والحاجة إلى تأهيل في الذكاء الاصطناعي — قضايا مركزية تتطلب معالجة سريعة لتفادي آثار سلبية طويلة الامد. الان هذا يتطلب تخطيطًا سياسياً متمحورًا حول دعم المعلم والارتقاء بظروف العمل وإتاحة برامج تأهيل فعّالة.