ديفيد غريتن ورشدي أبو العوف، مراسلا رويترز — غزة / إسطنبول
تطالب عائلات الضحايا بتسليم حماس جميع رفات الرهائن المتوفين المتبقية في قطاع غزة.
أفادت تقارير بأن اسرائيل حدّدت هوية أربعة من جثامين الرهائن الذين أعادتهم حماس يوم الإثنين في إطار اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.
في صباح الثلاثاء، أعلنت القوات الإسرائيلية عن اسمَي اثنين من الرهائن؛ غاي إيلوز، إسرائيلي عمره 26 عاماً، وبيبِن جوشي، مواطن نيبالي عمره 23 عاماً. لاحقاً أكدت عائلات اثنين آخرين هويتيهما: يوسي شارابي، إسرائيلي عمره 53 عاماً، ودانيال بيرتز، شاب ذو جنسية مزدوجة إسرائيلية-جنوبأفريقية يبلغ من العمر 22 عاماً.
وقال مسؤولون إسرائيليون إن الحكومة ستقيّد دخول المساعدات إلى غزة وتؤجّل إعادة فتح معبر رفح مع مصر، احتجاجاً على عدم تسلّم حماس رفات الـ24 رهيناً المتوفين المتبقية يوم الإثنين.
وعلّق وزير الدفاع الإسرائيلي قائلاً: «أي تأخير أو تهرّب متعمّد سيُعتبر انتهاكاً فاضحاً للاتفاق وسيُردّ عليه وفقاً لذلك».
من جهتها، أكدت حماس أن الأمر قد يستغرق وقتاً لأن مواقع دفن بعض الرهائن غير معروفة لديها.
وقد أفرجت المجموعة الفلسطينية يوم الإثنين عن العشرين رهيناً الأحياء المتبقين مقابل إطلاق سراح نحو ألفي سجين ومحتجز فلسطيني في سجون إسرائيل.
وأفاد جيش الدفاع الإسرائيلي صباح الثلاثاء أنه، عقب فحوصات طبّية جنائية، أبلغ ممثّلوه عائلات غاي إيلوز وبيبِن جوشي واثنين آخرين بأن الجثامين أُعيدت إلى إسرائيل لمراسم الدفن.
وذكر الجيش أن إيلوز، فني صوت في صناعة الموسيقى الإسرائيلية من مدينة رعنانا في الوسط، «أُصيب وخُطف حياً» على يد مسلحي حماس بعدما فرّ من هجوم مهرجان نوفا الموسيقي في 7 أكتوبر 2023. وأضاف: «توفّي غاي متأثراً بجراحه بعد حرمانه من العلاج الطبي الملائم أثناء احتجازه لدى حماس».
نَقل منتدى العائلات للأسرى والمفقودين عن الأسيرة المفرَج عنها مايا رِيجيف قولها إن إيلوز «خُطِف وهو فاقد الوعي وبقي وحيداً لمدة أسبوع كامل، مربوطاً إلى سريره». وأضافت أن «قبل يوم ونصف من وفاته أحضروا مَن إليها إلى غرفته في المستشفى، حيث أخبرها أن والدته أقوى امرأة في العالم، وأنه عندما يعود إلى البيت سيعانقها ولا يفلتها أبداً».
كان بيبن جوشي طالباً في الزراعة ولم يمضِ على وجوده في إسرائيل سوى أسابيع قليلة عندما هاجم مسلحو حماس كيبوتس ألوميم قبل عامين. وبحسب منتدى عائلات الرهائن، «لجأ إلى مأوى في الكيبوتس مع طلاب أجانب آخرين، وتصدى بقذارة انشطارية حية بيديه العاريتين وأنقذ بأدائه الشجاع العديد من الأرواح». ورجّح جيش الدفاع الإسرائيلي أنه «قُتل أثناء الاحتجاز في الشهور الأولى من الحرب».
أوضح منتدى العائلات أن جثامين بيبن جوشي وغاي إيلوز سُلِّمتا من قبل حماس في غزة يوم الإثنين. وفي بيان مساء الثلاثاء قال المنتدى إنه يعزّي عائلتي دانيال بيرتز ويوسي شارابي بعد «عودتهما إلى إسرائيل أمس لتلقي دفن لائق».
اختُطف يوسي شارابي من منزله في كيبوتس بئيري في 7 أكتوبر برفقة شقيقه إيلي، الذي أُطلق سراح زوجته البريطانية-الإسرائيلية وابنتيه قُتلتا. وبيّنت تحقيقات الجيش العام الماضي أن يوسي قد يكون قُتل عندما انهار مبنى إثر ضربة إسرائيلية على مبنى مجاور. أمّا إيلي فُصِلَ عن الأسر وأُفرِج عنه في فبراير 2025 ضمن صفقة وقف إطلاق النار السابقة.
انتقل دانيال بيريتز من جنوب أفريقيا إلى إسرائيل عندما كان في الثالثة عشرة، وكان مقيمًا في بلدة ياد بنيامين الوسطى، وكان برتبة نقيب في اللواء المدرع السابع التابع لجيش الدفاع. وأفاد الجيش العام الماضي بأنه قُتل في هجوم على دبابته قرب ناحال عوز في 7 أكتوبر ونُقل جثمانه إلى غزة كرهينة.
وأكد الجيش أن الاستنتاجات النهائية بشأن أسباب وفاة هؤلاء الرجال ستتحدد بعد اكتمال الفحوص الجنائية.
وقال منتدى عائلات الرهائن إن عودة الجثامين «تجلب قدراً من العزاء للعائلات التي عاشت في ظل شكّ معذب لأكثر من عامين». وأضاف: «لن نهدأ حتى يعود جميع الـ24 رهينة إلى ديارهم».
وأعرب الجيش عن تعازيه لأسر الضحايا وتعهد بمواصلة بذل كل جهد لاستعادة رفات الرهائن وفقاً لاتفاق وقف إطلاق النار. وحذّر قائلاً إن «حماس مُطالبة بالوفاء بجزئها من الاتفاق وببذل الجهود اللازمة لإعادة جميع الرهائن إلى عائلاتهم وإلى دفن لائق».
في وقت لاحق أبلغ مسؤولون إسرائيليون وكالة رويترز أن السلطات قررت إبقاء معبر رفح بين غزة ومصر مغلقاً وتقليص واردات المساعدات الإنسانية إلى القطاع حتى تُعاد كل الجثامين.
من جانبه قال توم فليتشر، المسؤول الإنساني للأمم المتحدة، لهيئة الإذاعة البريطانية إن حماس عليها «إعادة الجثامين كما وعدت»، لكنه أضاف أيضاً أن على إسرائيل أن تبقي المعابر مفتوحة حتى تصل المساعدات «التي باتت في أمسّ الحاجة إليها».
لم تصدر حماس بياناً يشرح أسباب التأخير، لكن مصدراً فلسطينياً رفيع المستوى قال للبي بي سي يوم الثلاثاء إن مفاوضي الحركة يجتمعون مع وسطاء في مصر لمحاولة حل الإشكال.
وذكر مسؤولون في حماس أن بعض رفات الرهائن لا تزال محاصرة تحت أنقاض مبانٍ دُمّرت بالقصف والتفجيرات الإسرائيلية، وأن الحركة طلبت إدخال آليات ثقيلة للمساعدة في أعمال الانتشال.
وتضمن نصّ نسخة من اتفاق وقف إطلاق النار نشرتها وسائل إعلام إسرائيلية الأسبوع الماضي اعترافاً بأن حماس وفصائل فلسطينية أخرى قد لا تتمكن من تحديد مواقع كل الجثامين قبل الموعد النهائي عند الساعة 12:00 بتوقيت البلاد (09:00 بتوقيت غرينتش) يوم الإثنين. ونصّ الاتفاق على آلية بين الطرفين عبر الوسطاء والصليب الأحمر تسمح بتبادل المعلومات والاستخبارات حول مواقع رفات أي رهائن متوفين لم تُستَعاد قبل المهلة.
وحذّر الصليب الأحمر يوم الثلاثاء من أن البحث عن رفاة بشرية قد يستغرق أياماً أو أسابيع. وقال المتحدث كريستيان كاردون للصحفيين في جنيف: «البحث عن رفات بشرية يمثل تحدّياً أكبر بكثير من إيجاد أشخاص أحياء وإطلاق سراحهم. وأعتقد أن هناك خطراً واضحاً بأن ذلك سيستغرق وقتاً أطول بكثير. ما نقوله للأطراف هو أن هذا ينبغي أن يكون أولوية قصوى لديهم».
وفي وقت لاحق قال مستشفى ناصر في جنوب غزة إنه تلقى رفات 45 فلسطينياً قتلوا واحتُجزت جثامينهم لدى إسرائيل يوم الثلاثاء. ولم يصدر إعلان من السلطات الإسرائيلية، لكن نص صفقة وقف إطلاق النار نصّ على مبادلة 15 رجلاً فلسطينياً ميتين مقابل كل رهينة إسرائيلي متوفى.
وتتزايد المخاوف لدى الفلسطينيين من أن يؤدّي التأخير في إعادة الجثامين إلى إفشال وقف إطلاق النار. وصف الكاتب المعروف طيسير عبد، الذي وثّق الحرب من خيمته في خان يونس الجنوبية، الوضع بأنه «امتحان خطر». وحذّر قائلاً إنّ استمرار التأخير وامتناع إسرائيل عن الانتقال إلى المرحلة التالية من خطة السلام لقطاع غزة المقترحة من دونالد ترامب «قد تجعل قضية الجثث الشرارة التي تشعل جولة جديدة من الصراع».
وعبّر الفلسطينيون أيضاً عن قلقهم من استمرار العنف المميت في غزة. وقال مسعفون ومستجيبون أوليون يوم الثلاثاء إن طائرة مسيّرة إسرائيلية قتلت خمسة فلسطينيين أثناء توجههم لتفقّد منازل في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، كما قُتل شخص آخر في ضربة إسرائيلية شرق خان يونس.
وقال جيش الدفاع الإسرائيلي إنه فتح النار على مشتبه بهم «تم تحديدهم وهم يعبرون الخط الأصفر» — خط الانسحاب داخل غزة المتفق عليه في صفقة وقف إطلاق النار — واقتربوا من قواته بطريقة تشكل تهديداً. واتهم متحدث باسم حماس الجيش الإسرائيلي بانتهاك وقف إطلاق النار.
وانطلقت الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة رداً على هجوم حماس على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر 2023، الذي أسفر عن مقتل نحو 1,200 شخص وأُخذ 251 آخرون رهائن. ومنذ ذلك الحين، بلغ عدد القتلى جراء العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة 67,913 شخصاً، حسب وزارة الصحة التي تديرها حركة حماس.