إسر ائيل تفرض قيوداً جديدة على وصول المساعدات إلى غزة وتبقي معبر رفح مغلقاً
أبلغت إسرائيل الأمم المتحدة يوم الثلاثاء أنها ستسمح بدخول 300 شاحنة مساعدات يومياً فقط إلى قطاع غزة اعتباراً من الأربعاء — أي نصف العدد الذي كانت قد وافقت عليه سابقاً. وذكرت رسالة صادرة عن منسقية أعمال الحكومة في المناطق (COGAT) أن الوقود والغاز لن يسمح بدخولهما إلى القطاع إلا لتلبية احتياجات محددة تتعلق بالبنى التحتية الإنسانية.
أكدت أولغا تشيريفكو، ناطقة مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة في غزة، استلام الملاحظة من الجانب الإسرائيلي، فيما وصف مراسل الجزيرة في غزة هاني محمود أن 300 شاحنة يومياً «لا تكفي إطلاقاً» لمعالجة حالة المجاعة المتفشية في القطاع. وقال: «ثلاثمائة شاحنة ليست حلاً؛ لن تغيّر الوضع».
في غضون ذلك قتلت القوات الإسرائيلية ما لا يقل عن تسعة فلسطينيين في هجمات بمدينة غزة وخان يونس، وفق مصادر طبية لــ«الجزيرة». وأفادت مصادر مستشفى الأهلي العربي أن خمسة قتلى سقطوا في حي الشجائة من مدينة غزة. وأعلنت المتحدثة العسكرية الإسرائيلية أنها فتحت النار لإزالة «تهديد» تشكله مجموعات اقتربت من قواتها في شمال غزة.
تأتي هذه الاشتباكات بعد أربعة أيام على سريان وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، الذي يمهّد لبدء تبادل للأسرى وعمليات انسحاب جزئية للقوات الإسرائيلية. يمثل هذا التوقف المرحلة الأولى من مقترح طرحه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب لإنهاء الحرب في غزة. وفق بيانات السلطات الصحية الفلسطينية، أودت الحرب بحياة ما لا يقل عن 67,913 شخصاً وأصابت نحو 170,134 منذ أكتوبر 2023، فيما يُعتقد أن آلافاً آخرين ما زالوا تحت أنقاض المباني المهدمة.
على الجانب الإسرائيلي، قُتل ما لا يقل عن 1,139 شخصاً في هجوم 7 أكتوبر 2023 الذي قادته حماس، وأُختطف أكثر من 200 آخرين.
تبادلا للأسرى وجدل حول جثث القتلى
تنفيذاً لشروط وقف النار، جرى يوم الإثنين تبادل شمل الإفراج عن نحو 2,000 فلسطيني كانت موقوفة في السجون الإسرائيلية وإطلاق 20 أسيراً إسرائيلياً محتجزين في قطاع غزة، بينما نُقل 154 سجيناً فلسطينيّاً إلى المنفى في مصر. كان من المقرر أن تُسلّم حماس رفات 28 أسيراً قُتلوا، لكنها سلّمت أربع توابيت فقط في الوهلة الأولى، ثم نقلت رفات أربعة آخرين يوم الثلاثاء، وأكدت اللجنة الدولية للصليب الأحمر استلامها هذه الجثامين قبل أن تصل إلى الأراضي الإسرائيلية لإجراء فحوصات الطب الشرعي.
اتهمت إسرائيل حماس بخرق وقف النار «بشأن تسليم جثث الرهائن»، وانتقد ترامب عبر منصته «تراث صُحّة» — منشوراً نُقل عنه قوله: «لم تُعد الجثث كما وُعِدَ! المرحلة الثانية تبدأ الآن!!!» من ناحيتها، بررت حماس بطء تسليم بعض الجثث بصعوبة تحديد مواقع الاحتجاز نتيجة الدمار الواسع الذي لحق بالمناطق، وما يرتبط بذلك من تعقيدات لوجستية وأمنية.
المنظمات الدولية تحث على توسيع الممرات الإنسانية
حثّت الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر على فتح كل المعابر إلى غزة للسماح بدخول المساعدات العاجلة. وقال المتحدث باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية إن الأمم المتحدة تملك 190,000 طن متري من المساعدات جاهزة للدخول إلى غزة، فيما أفاد متحدث يونيسف بأن صندوق الطفولة يملك 1,370 شاحنة جاهزة للتحرك. وأكدت اليونيسف أن مستوى الدمار الهائل يتطلب على الأقل 600 شاحنة يومياً لتحقيق الحد الأدنى من الاحتياجات، «ونحن بعيدون جداً عن هذا الهدف».
وحذّر منظمو الصحة الدولية من أن نقص الإمدادات الطبية يضغط بقسوة على المستشفيات، وقال متحدث منظمة الصحة العالمية طارق جاساريفيتش إن «ضرورة تكثيف إرسال الإمدادات الطبية عاجلة، فالضغط على المستشفيات لن يزول بين ليلة وضحاها»، وركّز على أهمية إيصال المستلزمات الضرورية للطواقم الصحية التي ما زالت تقدم الرعاية.
خلاصة الواقع الآن أن فرض القيود على دخول المساعدات وإبقاء معبر رفح مغلقاً يفاقمان الأزمة الإنسانية في غزة، ويُزيدان من مخاطر تفاقم الكارثة الصحية والإنسانية، في حين يستمر الجدل السياسي والدبلوماسي حول تبادل الأسرى وتسليم رفات الضحايا. المنظّمات الدولية تدعو إلى فتح كل الممرات فوراً وتكثيف عمليات الإغاثة لتجنب مزيد من الخسائر في الأرواح.