ترامب يبدو مؤكداً: أذن لعمليات وكالة الاستخبارات المركزية في فنزويلا

ترامب يبدو أنه يؤكّد تقرير صحيفة نيويورك تايمز بشأن تفويض لوكالة الاستخبارات الأميركية للعمليات السرية في فنزويلا

ظهر الرئيس الأميركي دونالد ترامب وكأنّه يفصّل تأييده لتقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز يقضي بأنّ إدارته منحت وكالة الاستخبارات المركزية تفويضا لإجراء عمليات سرية على الأراضي الفنزويلية. في مؤتمر صحافي عُقد يوم الأربعاء حضره كبار المسؤولين في أجهزة إنفاذ القانون، واجه ترامب أسئلة متعلِّقة بهذا التقرير، حيث سأل أحد الصحفيين بصراحة: «لماذا فوّضت وكالة الاستخبارات للعمل في فنزويلا؟»

أجاب ترامب بأنه فوّض ذلك لسببين رئيسيين. السبب الأول، وفق قوله، أن فنزويلا «أفرغت» سجونه في اتجاه الولايات المتحدةالأمريكية. والسبب الثاني، طبقاَ لترامب، هو دور فنزويلا في شبكات تهريب المخدرات، إذ ألمح إلى أن الولايات المتحدة قد تتخذ إجراءات على أراضٍ أجنبية لقطع تدفّق المخدرات.

تصريحات ترامب من المرجّح أن تؤدي إلى تصعيد التوترات مع فنزويلا، التي ظلّ رئيسها نيكولاس مادورو هدفًا لانتقادات ترامب منذ ولايته الأولى. وكلا القائدين قد عززا قواتهما العسكرية على امتداد البحر الكاريبي في استعراض للقوة المحتملة، بيد أن تقرير نيويورك تايمز يشير إلى أن ترامب انتقل خطوة أبعد بمنح الضوء الأخضر لوجود مسؤولين استخباراتيين أميركيين على الأرض الفنزويلية لتنفيذ مهام قد تكون قاتلة.

نقلت الصحيفة، مستندة إلى مسؤولين إداريين لم تُعلن أسماءهم، أن هذا التفويض يأتي في إطار استراتيجية أوسع للإطاحة بمادورو. وعندما سأل صحفي آخر في البيت الأبيض ما إذا كانت وكالة الاستخبارات تملك صلاحية «القضاء على مادورو»، امتنع ترامب عن الإجابة المباشرة قائلاً إن هذا سؤال «سخيف» تطبيقاَ على أنه لا يريد أن يجيب، ثم اكتفى بالتعليق بأن «فنزويلا تشعر بالحرارة».

المطالبة بصلاحيات وقت الحرب

تطرّق ردُّه، وإن بدا متعرّجًا في بعض الأحيان، إلى ادعاءاته المتكرّرة بشأن فنزويلا، إذ سعى منذ توليه فترة ولاية ثانية إلى انتزاع صلاحيات تشبه سلطات وقت الحرب — مستندًا إلى قوانين قديمة مثل قانون الأعداء الأجانب لعام 1798 — بزعم أن فنزويلا تقف وراء «غزو» للاجئين وعصابات إجرامية باتّجاه الأراضي الأميركية. وقدّم القليل من الأدلة التي تدعم هذه المزاعم، كما أن تقديرات مجتمع الاستخبارات الأميركي قوّضت كثيرًا من ادعاءاته.

يقرأ  هل تحاول الولايات المتحدة الإطاحة برئيس فنزويلا نيكولاس مادورو؟برامج تلفزيونية

في مايو، على سبيل المثال، نشر تقرير أميركي مصنّف أنه غير سري كشف أن المحلّين الاستخبارية لم يجدوا أدلة مباشرة تربط مادورو بعصابات مثل «ترين دي أراجوا»، خلافًا لما زعمَه ترامب. ومع ذلك، أعاد ترامب يوم الأربعاء ترديد الادعاء الذي لا يستند إلى أساس بأن نظام مادورو أرسل سجناء وأشخاصًا يعانون من اضطرابات نفسية لإزعاج واستغلال الأوضاع داخل الولايات المتحدة.

أوامر سرية وتوسيع تعريف العدو

إذا صحّ ما ورد في تقرير نيويورك تايمز، فسيكون ذلك مؤشرا جديدًا على أن ترامب أمضى على مراسيم سرية تمهِّد لعمل قتالي خارج الحدود. ففي أغسطس، ذكرت مصادر مجهولة للإعلام أنّه وقع أمرًا يسمح للجيش الأميركي باتخاذ إجراءات ضد كارتلات تهريب المخدرات وشبكات إجرامية لاتينية أخرى. وفي أكتوبر تبين أنه أرسل مذكرة إلى الكونغرس يزعم فيها أن البلاد في «صراع مسلح غير دولي» مع تلك الكارتلات، واصفا إياها بـ«المقاتلين غير المشروعين».

أُدرجت مجموعات عدة، بما فيها «ترين دي أراجوا»، على قائمة «المنظمات الإرهابية الأجنبية» الأميركية، غير أن الخبراء يؤكدون أن مجرد التصنيف لا يمنح أساسًا قانونيًا لاستخدام القوة العسكرية.

ضربات في البحر الكاريبي

رغم ذلك، اتخذت إدارة ترامب سلسلة إجراءات عسكرية تصعيدية، شملت تنفيذ ضربات صاروخية متعددة على زوارق صغيرة قبالة السواحل الفنزويلية. منذ الثاني من سبتمبر سُجّلت على الأقل خمس غارات جوية معروفة استهدفت قوارب، أودت بحياة 27 شخصًا، وكان أحدثها تفجير ظهر في تسجيل فيديو نشره ترامب أظهر قاربا تحترق بعد إصابته بصاروخ، ما أسفر حسب التقارير عن مقتل ستة أشخاص.

يرى كثيرون من الخبراء القانونيين والمسؤولين العسكريين السابقين أن هذه الغارات تبدو خرقًا واضحًا للقانون الدولي، إذ لم تُعد مجرّد عصابات تهريب مخدرات تقليديًا أطرافًا مقاتلة بموجب تعريفات القانون المسلّح. برّرت إدارة ترامب حملات القصف بأنها من شأنها إنقاذ أرواح أميركيين مهدّدة بسبب الإدمان على المخدرات، وزعمت أن الأشخاص على متن القوارب هم «إرهابيون مخدراتيون» متجهون نحو الولايات المتحدة، لكن دون تقديم أدلة قوية تدعم هذه الادعاءات.

يقرأ  كيف تبني استراتيجية فعّالة للتعلّم والتطوير تُحدث أثرًا ملموسًا

عند مواجهة ذلك يوم الأربعاء أعاد ترامب تجاهل سؤال الأدلة ودافع عن عملياته بالقول: «عندما تكون محمّلة بالمخدرات، فهذه أهداف مشروعة»، وزعم أيضاً أن «غبار الفنتانيل» يغطي القارب بعد الضربات، وأن لدى إدارته «معلومات عميقة وقوية» عن كل قارب مستهدف.

وقال إن الحملة البحرية آتت أُكلها تقريبا: «كاد أن يتوقف التهريب عبر البحر تمامًا. الآن سنوقفه عبر البر»، وأضاف ما يشبه المزاح بأن حتى الصيادين باتوا يتجنّبون الخروج إلى المياه. وكرر أن الإدارة «تنظر الآن إلى الأراضي لأن البحر تحت السيطرة بشكل جيد».

أضف تعليق