خمسة معارض في واشنطن العاصمة تُفتح أبوابها للزيارة رغم الإغلاق الحكومي

ماء بماء، «أنقذني من ماذا؟» (2019)، مطبوعات رقمية على سترة بومبر من الحرير مع تطريز نيون — جزء من معرض «آراب بوب آرت: بين الشرق والغرب» بمعهد الشرق الأوسط (الصورة: من الفنانين)

وسط إغلاقٍ فيدرالي، وحضور كثيف للحرس الوطني، وتوسّع مُهدِّد لوكالة الهجرة والجمارك (ICE)، تبدو واشنطن العاصمة مجروحة لكن غير مهزومة. إلى جانب الاحتجاجات الكبرى، تنشط في المدينة شبكاتٌ تحت الأرض توثّق الحواجز والمداهمات وتدمر الجدران — بما في ذلك أعمال الجرافيتي والجداريات — في إطار جهود الإدارة السابقة لـ«تنظيف» العاصمة. رداً على ذلك، انتشرت الملصقات والقوالب اللاصقة واللافتات على نحوٍ مُقاتِل، شكلٌ من أشكال فنّ حرب العصابات المحلي الذي يعود وينبثق كلما جُرِّدَت الأعمال أو أُزيلت عن الجدران. ورغم هذا العنف والاضطراب — أو ربما بسببهما — تشهد ساحة الفن في دي.سي انفجاراً في الإنتاج الذي يضيء المجتمعات المستهدفة بعنف الشرطة وحرس الحدود، ويبرز الأثر الثقافي للفنانين المنبثقين من تلك التجارب. بطرق مختلفة، تُظهر المعارض الآتية الإمكانات التحررية والثورية للفن.

— — —

أنج مارشال ميني: من آثار الأجداد إلى رؤى معاصرة
متحف الجامعة الامريكية، 4400 شارع ماساتشوستس NW — حتى 7 ديسيمبر

لمعرضه الأول في متحف أمريكي داخل الولايات المتحدة، يقدم الفنان الإيفواري أنج مارشال ميني أعمالاً أكريليك تُجسِّد البُعْد الروحي. مستلهمة من مصادر تمتدّ من رسومات الكهوف القديمة إلى السوريالية، تصطحب لوحات ميني المشاهدين في رحلة نفسية بصريّة تقودها عملية حدسية وصور رمزية. العمل الذي لفت انتباهي بعنوان «التكوين» (Genesis)، حيث تتقاطع فيه أشكال خضراء وزرقاء تجريدية استحضرت عالم البحار — كالرأسيات الخيالية وشرائح المانتا — مع شكل بشري ذي زوايا حادة. كما يشير كاتالوج المعرض، فإن هذه الأعمال تستحضر إحساساً بالأصول وتُذكّر بالدور الأساسي للطبيعة في ولادة الكون.

يقرأ  تمبل ووتر في هونغ كونغ تتطلع إلى فرص الشرق الأوسط لتوسيع قطاع الطاقة النظيفة

— — —

فنانات الـDMV: معرض مسح شامل
متحف الجامعة الامريكية، 4400 شارع ماساتشوستس NW — حتى 7 ديسمبر

يحتضن متحف الجامعة الامريكية أيضاً مقرّاً مركزياً لمسح واسع لفنانات يعملن في منطقة واشنطن، دي سي، ماريلاند وفيرجينيا (المعروفة اختصاراً بـDMV). يضم المعرض الكامل أكثر من 400 فنانة موزَّعات على 16 موقعاً في المنطقة، مع عرض 60 عملاً في المتحف نفسه. رغم ادعاءات اللوحات التوضيحية بأن المعرض يبرز «القوى العظمى» المتنوّعة والمبدعة للمنظورات المعروضة، إلّا أن العرض يلامس سطح إنتاج فنانات مؤثرات مثل ليغ موقسلي (Leigh Mosley) — المصوِّرة المثليّة المناصرة التي وثّقت الحركات المبكّرة لنشاط مجتمع الميم في واشنطن — دون أن يغرف بالكامل من عمق إرثهن. ومع ذلك، يقدم المعرض، بتنسيق المنسق لوريسيو لينّو كامبيلو، لمحات غنيّة عمّا أضافته الفنانات للمشهد الفنّي الوطني عبر أعمال متألقة لديورا باتين وسارة بنتلي وجوي ب. مانلاباز وغيرهن. كاتالوج المعرض متاح للتحميل مجاناً.

— — —

ملاحظات حول الشكل (هياكل حميمة)
قاعة ماريا وألبيرتو دي لا كروز، جامعة جورجتاون، 3535 شارع بروسبكت NW — حتى 7 ديسمبر

يُقدم معرض مكا آر ثور باينون «ملاحظات حول الشكل (هياكل حميمة)» مفاجأة لمن يجدون الفن التجريدي بارداً أو بُعيداً عن الذات. يسمي الفنان أعماله صوراً ذاتيّة، غير أن لوحاته ذات الشبكات لا تشبه الوجوه البشرية تقليدياً؛ بل يرصّ باينون عِصيّ الزيت والحبر فوق مستندات شخصية — صور فوتوغرافية، صفحات دفاتر عناوين، شهادات ميلاد — ليمنح الصبغة ذاتها معاني حميمة. يضع المتحف أعماله ضمن تاريخٍ مُلهِم للتجريد الذي سجّلته أيقونات السود في هذه المدينة، من ألما توماس إلى سام جيليام. كما يُعرض في جامعة جورجتاون حتى السابع من ديسمبر معرض لورين أُغرادي بعنوان «ألبوم عائلة مختلط النسب» في قاعة لوسيل إم. وريتشارد إف. إكس. سبانيولّو.

يقرأ  محاولة مؤرخ فنون فرنسي لإحباط نقل سجادة بايو إلى لندن

— — —

تقاليد متواصلة: احتفاء بعالم النسيج
متحف وغو ومتحف النسيج بجامعة جورج واشنطن، 701 شارع 21 NW — حتى 20 ديسمبر

يتميّز مشهد واشنطن الفرعي بثقافة نابضة بالثورة النسيجية؛ فقد احتوت احتجاجات No Kings على لافتات مصنوعة من الورق والنسيج مطالبة بالتمثيل والتحرّر. من ثمّ، يفحص معرض الخريف في متحف النسيج، احتفالاً بمرور مئة عام على تأسيسه، الأدوار المتعدّدة التي يلعبها النسيج في الميادين الدينية والسياسية والاجتماعية. من سجاد الصلاة إلى أردية ملكية مطرّزة ببراعة، يشكّل النسيج جزءاً لا يتجزأ من حياتنا. يغوص المعرض في مجموعات المتحف ليعرض بعضاً من أكثر قطع الملابس الملونة والمعقّدة وذات الدلالات الثقافية.

— — —

آراب بوب آرت: بين الشرق والغرب
صالة فنون MEI، معهد الشرق الأوسط، 1763 شارع N NW — حتى 23 يناير 2026

أخرجت ليلى عبد الهادي جد الله ولين سنيج هذا المعرض الذي يجمع أعمال 14 فناناً وفنانة يعيشون في العالم العربي والمهاجرية العربية. يُقدّم المعرض غوصة بصرية في الطرق التي مزجت فيها هذه الفنون الرموز التقليدية وموضوعاتها مع جماليات البوب آرت الأمريكي، متتبّعاً كيف استخدم الفنانون منذ ستينيات القرن الماضي وحتى اليوم السخرية كأداة احتجاج سياسي وثقافي. وبعرض أعمال لفنانين مثل رشا إيليان، حسن حجاج وهيلين زغيب، يتحدّى المعرض الصور الغربية المبسّطة عن الشعوب والثقافات العربية، ويحتفي بتعقيد الهوية العربية وتعدّدها. من الأعمال اللافتة في المعرض: ياسمين ناصر دياز، «عيب» (2019)، مزيج نيوني وطباعة أرشيفية على خشب — مثال على التقاء التراث والحداثة في صوتٍ بصري حاد.

— — —

تتسم العروض القائمة في واشنطن هذه الفترة بشهية نقدية حادة ورغبة في إعادة قراءة القصص المهيمنة، مُظهرةً كيف يمكن للفن أن يكون فضاءً للمقاومة، للذاكرة، ولإعادة تكوين المجتمع.

يقرأ  داخل مجلة أمستردام المطبوعة — احتفاء بالإبداع الخالد