يحكم الرئيس يوويري موسيفني أوغندا منذ عام 1986، حين دخلت قواته المتمرّدة مدينة كمبالا، وصعد بها إلى السلطة. منذ ذلك الحين فاز بما لا يقل عن أربع انتخابات، طغت عليها اتهامات بالعنف والتلاعب، وما تزال تلوح في الأفق انتخابات مقبلة يسعى فيها للتجديد، ما يثير مخاوف المعارضة من أن تُستعمل وحدة القوات الخاصة (SFC) كأداة لإقصائها ومنعها من ممارسة نشاطها السياسي، كما جرى في 2021 بحسب مزاعمها.
على الطرقات الأوغندية يراها الناس كقوة شبه خاصة: جنود مسلّحون ببنادق رشاشة صغيرة، يحيطون بالمواكب رُغم ارتداء بعضهم أقنعة، ما يعكس صورة جيش ظلّ داخل الجيش لا يُجيب إلا أمام الرئيس وابنه. هذه الوحدة التي ظل يقودها لسنوات جنرال محمدووزي كاينيروجابا – ابن الرئيس فيما بعد – تُتهم من قبل منتقدين حكوميين بالاختطاف والتعذيب والقتل ضد نشطاء معارضين طوال العام، وليس فقط في سياق الاستحقاقات الانتخابية؛ والـSFC بدورها تنفي هذه الاتهامات.
مصادر عسكرية تحدثت عن استياء متصاعد بين قادة كبار في المؤسسة المسلحة، لأن نفوذ الوحدة بات يوازي نفوذ الجيـش النظامي الذي لا يزال يقوده ضباط شاركوا في حرب العصابات التي أوصلت الحركة الوطنية للمقاومة (NRM) إلى السلطة. وترصد تحليلات متزايدة احتمال تصادم بين القوة النظامية ووحدة النخبة ذات النفوذ المتنامي، على غرار الصراع الذي اندلع في السودان بين الجيش وقوة شبه عسكرية كانت حليفة له سابقاً، وأدّى إلى نزاع مسلّح واسع.
نشأت قوات SFC منذ تولي موسيفني الحكم وتحمل شعاره المعلن بأن “الولاء لا يُستبدل”. يصفها أكاديميون من أصل أوغندي، أمثال الدكتور جيرالد باريبي، بأنها “أقوى تشكيل داخل المؤسسة العسكرية الأوغندية، تضم نخبة الضباط الأكثر تدريباً وتجهيزاً وتمويلاً في البلاد”. وعندما حاولت الـSFC أو الجيش الرسمي الرد على استفسارات وسائل الإعلام، امتنع الطرفان عن الإدلاء بتعليقات.
صعود الجنرال كاينيروجابا (51 عاماً)، الذي صار لاحقاً رئيس الأركان، وعلَن رغبته في أن يخلف والده رتب المشهد بصورة جديدة: استقدَم ابنه إلى المؤسسة العسكرية، وأتلفظ بتعليقات ازدرائية تجاه بعض الجنرالات المخضرمين، إذ وصف أحدهم بأنه “مهرج”، ما أثار ردود فعل داخل الأوساط العسكرية والسياسية، لكن الحكومة حاولت التقليل من الحدث واعتبرته مزاحاً على مواقع التواصل الاجتماعي — نمط سلوكي صار ملازماً لاسم كاينيروجابا. قبل سنوات حتى أنّه أطلق نكاتاً مستفزة عن غزو كينيا المجاورة، مما أغضب قيادات عسكرية.
تُعزى للـSFC قدرة تنظيمة وتدريبية عالية: يقدّر محلّلون أنّ عدد أفرادها تجاوز عشرة آلاف عنصر، مقابل نحو أربعين ألفاً في الجش النظامي، وما يميّزها هو تدريب متخصّص وتسليح متقدّم لا يتوفر على نطاق واسع في بقية الوحدات. وبينما رُقّي كاينيروجابا إلى منصب رئيس قُوّات الدفاع في مارس من العام الماضي، إلا أن تقارير تفيد بأنه حافظ عملياً على سلطة نافذة على الـSFC، وأن القائد الحالي للوحدة يرفع تقاريره إليه. ويُدير معظم شؤون الوحدة من مقرّها في إنتيبي، في مبنى يحمل اسم والده، يبعد نحو 34 كيلومتراً جنوب كمبالا.
تفتخر الوحدة على مواقعها الإلكترونية بقدرتها على القيام بمهام متخصّصة “في أي لحظة”، وتُكلّف بتأمين منشآت حيوية مثل المطار الرئيسي وحقول النفط. واتُّهمت، وفق تقارير وتحقيقات، بعبور الحدود إلى كينيا في نوفمبر الماضي للاعتقال خارج نطاق الدولة لمعارض بارز كان طبيباً سابقاً للرئيس، ثم اقتياده إلى أوغندا لمواجهة تهم بالخيانة لم تبدأ محاكمتها بعد، وقد أقرّ مدّعٍ عسكري بمشاركة أجهزة أمنية أوغندية.
يرى بعض المحللين، من أمثال الدكتور باريبي، أن الدور الأساسي للوحدة بات الحفاظ على بقاء النظام الحاكم: صدّ التهديدات سواء من المعارضة أو من خصوم داخل المؤسسة العسكرية نفسها. وهذا الدور يشمل قمع تعبؤات مناوئة للنظام وحماية الحركة الوطنية للمقاومة من انقسامات داخلية ومن مخاطر خارجية.
رغم نفي الـSFC لكل المزاعم المتعلقة بموجة الاختطافات والتعذيب، فقد دانت محاكم عسكرية بعض ضباطها بتجاوزات ولاأنكر إلى حدٍ ما حالات سوء استعمال السلطة؛ أبرزها محاكمة جندي في الثانية والثلاثين أُدين بإطلاق النار على ثلاثة أشخاص وإصابة آخرين بينهم رضيع، وحكم عليه بالإعدام في نوفمبر الماضي. كذلك فتح قصر الرئاسة تحقيقاً في أنباء عن تعذيب سائق دراجة أجرة محلية (بودة بودا) بعدما اصطدم بموكب رئاسي وهو في طريقه إلى مساعدة زوجته الحامل.
في المقابل، يدافع مؤيدو الرئيس عن وجود قوة خاصة قادرة على حماية البلاد، ويصفون أي نقد لها بأنه من قبيل العداء لأوغندا. أما خصومه فيؤكدون أن سنوات حكمه الطويلة صبغت مؤسسات الدولة بطابع شبه إقطاعي، وأن مواقع نفوذ عائلته — من زوجة تتولى حقيبة التعليم إلى نجلٍ يقود الجيش — تُسهم في ترسيخ سلطة العائلة على مؤسسات الدولة ومفاصلها. أحداث وتداعيات حول وحدة الحماية الخاصة في أوغندا
في الشهر نفسه أثار الجنرال كاينيروجابا غضباً واسعاً بعد أن أعلن احتجاز حارس شخصي لزعيم معارض كان مفقوداً لعدة أيام. وقال إنّ “رجالي” يحتجزون إدوارد سيبووفو، المعروف باسم «إدي موتوي»، «في قبو منزلي»، وأرفق منشوراً على مواقع التواصل الاجتماعي بصورة للحارس وقد حُلق لحيته بالكامل.
سخر كاينيروجابا من سيبووفو قائلاً إنه «يبدو أنيقاً هذه الأيام» لأن لحيته حُلت بيد أحد جنوده الصغار. هذا التصرف أثار استنكار جمعيات حقوقية ومحامين؛ فجمعية القانون في أوغندا وصفَت ما حدث بأنه ليس حالة معزولة بل «جزء من حملة ممنهجة لقمع المعارضة وخنق طموحات شعب يتوق إلى الحرية»، مشددة على وجود «حلقة خطرة من التجاوزات العسكرية والاضطهاد السياسي».
طبيعة الوحدة الغامضة وعملياتها المتسلسلة أدت إلى اتهامات متكررة بعدم قانونية وجودها، لكن البرلمان أقر في يونيو تعديلًا مثيرًا للجدل اعتبر الوحدة إحدى القوى العسكرية الرسمية الأربع، إلى جانب القوات البرية والقوات الجوية والاحتياط. وانتقد نواب المعارضة الخطوة، مطالبين بحلّ الوحدة بدلاً من إعطائها شرعية رسمية.
«القانون الجديد يعطي صكّ شرعية لكيان كان يعمل خارج القانون»، قال النائب المعارض إبراهيم سِموجّو نغاندا. وأكد الدكتور باريبي أن ترقية وضع الوحدة قانونياً «تعكس فقط موقعها المهيمن داخل هيكل القوة العسكري في أوغندا وتعزز دورها كركيزة لأمن النظام».
حذر المحلل المرموق جودبر توموشابي من أن استقرار البلاد الظاهري لا يعني أكثر من «غياب الحرب»، أي أنه استقرار هش. وقال ضابط رفيع في الجيش رفض ذكر اسمه خوفاً من تبعات، إن استياءً متنامياً يسود داخل المؤسسة العسكرية بسبب أسلوب تجنيد الوحدة الذي يبدو أنه قائم على أسس عرقية. وأفادت مصادر متعددة، بينها داخل الجيش، أن الوحدة يهيمن عليها ضباط من جماعة بانيانكور والأطراف المرتبطة بها لضمان الولاء.
«إذا نظرت إلى جميع قادة الوحدة منذ نشأتها، فهم ينتمون إلى جماعة موسيفيني»، قال نغاندا. ومن بين ستة قادة تولوا المنصب منذ 2007، هناك واحد فقط لا ينحدر من إقليم الغرب حيث تعيش بانيانكور.
في ظل هذه المصالح المتضاربة يخشى المحللون من احتمال اندلاع صراع على السلطة بين فصائل عسكرية متنافسة بعد رحيل موسيفيني. «أكبر مخاوفي أننا لا نعرف ماذا سيحصل عندما يرحل موسيفيني ويظهر انقسام داخل الجيش»، هكذا عبّر نغاندا. وكرر الدكتور باريبي المخاوف نفسها محذراً من أن «مواجهة بين وحدة الحماية الخاصة والجيش النظامي — كلٌّ منهما ذو ولاءات وهياكل قيادة مختلفة — قد تثير انهياراً سياسياً كبيراً وربما عنفاً، لا سيما في غياب خطة واضحة للخلافة».
في المقابل، يرى آخرون أن الجنرال كاينيروجابا، بخبرته الطويلة في الجيش ووحدة الحماية الخاصة، قادر على جمع الأطراف المتنافرة والحفاظ على استمرار سلالة موسيفيني وبالتالي ضمان استقرار البلاد. هذا السيناريو سيُعتبر طبعاً من قبل المعارضة إجراءً غير ديمقراطي.
روبرت كياجولاني، المعروف باسم بوبي واين، المرشح المعارض الذي سيواجه موسيفيني مجدداً العام المقبل، وصف الوحدة بأنها «فرقة تعذيب». وفي وقت سابق من هذا العام هدّد الجنرال كاينيروجابا بذبح زعيم معارض، ثم حذف تغريدته واعتذر لاحقاً. وقال بوبي واين للصحافة إنّه وزملاءه يتعرضون كثيراً للاستهداف والاعتداء من ضباط الوحدة وأنه يطالب بحلها.
«يُنظر إلى هذه الوحدة على أنها جزء من المؤسسة العسكرية المسؤول عن بقاء النظام عبر القسوة»، قال. «هم يعملون بإفلات من العقاب وتحت حماية الجنرال موسيفيني وابنه.»
المشهد العام يعكس توتّراً متواصلاً بين من يعتبرون أن حسم الوضع عسكرياً هو وسيلة الحفاظ على النظام، ومن يرون في ذلك خطراً على التحول الديمقراطي والاستقرار طويل الأمد. في المقابل، تبقى أسئلة التمثيل العرقي والشرعية القانونية ودور البرلمان محور نقاشات حامية قد تحدد مستقبل أوغندا السياسي. هيئة الإذاعة البريطانية مؤسسة إعلامية عامة وطنية بريطانية، تأسَّست لتقديم الأخبار والبرامج الثقافية والتعليمية والترفيهية عبر وسائل متعددة.
تتميز بنهج مهني رصن في تغطية الأحداث، وبشبكة بث وااسع تصل إلى جمهور عالمي.
تلعب دوراً محورياً في تشكيل الرأي العام وتقديم محتوى موثوق ومتنوع.