كينيا تُشيّع زعيم المعارضة أودينغا في جنازة رسمية — إثر فوضى مراسم الحداد

أقيمت في كينيا جنازة رسمية تكريماً لزعيم المعارضة الراحل رايلا أودينغا، بعد يوم من إطلاق قوات الأمن النار لتفريق الحشود التي كانت تقف بجوار تابوته في استاد عام، ما أدى إلى مقتل عدد من الأشخاص.

تجمع آلاف المعزين في استاد نيايو الوطني بنيروبي وسط تواجد أمني كثيف؛ لوحوا بالمناشف البيضاء ورقصوا أمام المنصة المزينة بصور كبيرة لوجه أودينغا، فيما صدحت أصوات الصفارات والـ”فوفوزيلا” الملونة لتُضفي جواً من الحزن والاحتفاء معاً.

حضر الحفل الرئيس ويليام روتو ورؤساء البرلمان والقضاء، وكان من بين الضيوف الأفارقة الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود.

توفي أودنغا (80 عاماً) يوم الأربعاء، إثر جلطة قلبية يُشتبه بأنها أصابته أثناء تواجده في مستشفي بجنوب الهند، ما أثار موجة عميقة من الحزن في أنحاء البلاد.

عُرف بمحبة الناس بلقب «بابا»؛ فقد كان، بلا مبالغة، أحد أبرز الوجوه السياسية في جيلِه داخل كينيا، وصاحب تأثير واسع في المشهد العام.

رغم أنه ارتبط في الذاكرة بدور المعارض، تولى رئاسة الوزراء عام 2008 وأبرم لاحقاً تحالفات سياسية مع الرئيس الأسبق أوهورو كينياتا عام 2018، ومع روتو في العام الماضي، وهو ما يعكس مسيرة شهدت تقلبات تحالفية عديدة.

لم ينجح أودينغا في الوصول إلى رئاسة الدولة رغم خمسة محاولات، لكنه كان لاعباً محورياً في إعادة البلاد إلى الديمقراطية التعددية خلال تسعينيات القرن الماضي، ويُنسب إليه الفضل كقوة دافعة وراء الدستور الجديد الذي أقرّ عام 2010 وحظي بقدر كبير من التقدير.

أدى المعزون الذين حضروا مراسم الجمعة تحياتهم لإسهاماته الطويلة في العمل المدني والنضال السياسي.

قالت جان جيري أبيكا (24 عاماً) لوكالة رويترز: «رايلا أودينغا، أبو الديمقراطية في كينيا، كان زعيماً مخلصاً يضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار، حتى لو كلفه ذلك حياته».

يقرأ  قُتِلَت أسرة أوكرانية بأكملها في غارة بطائرة مُسَيَّرة روسية، بحسب مسؤولين

إلا أنّه في الفترة الأخيرة حفلت سمعته بجدل، حسبما أفادت مراسلة الجزيرة كاثرين سوي من موقع الجنازة؛ ففي ظل احتجاجات شبابية واسعة ضد الحكومة خلال العام الماضي، اتُهم حزبه بالتقارب مع السلطة، فاتهمه البعض بالخيانة السياسية.

لكن سوي أضافت أن الأجواء الآن تميل إلى تذكّر إنجازاته؛ فبينما تعتري البعض مشاعر الغضب، يصر كثيرون على أن يظل تراثه محور الذكرى.

شهدت مراسم إعادة الجثمان من الهند إلى كينيا مشاهد فوضوية الخميس، حين تدافع الحشد صوب بوابة الشخصيات المهمة في الاستاد، ففتحت قوات الأمن النار ما أدى إلى سقوط قتلى — وقالت منظمة حقوقية بارزة إن ثلاثة على الأقل لقوا حتفهم.

أعلنت المنظمة عبر منصة التواصل أنها تأكدت من وصول «ثلاثة جثث من استاد كاساراني إلى مشرحة المدينة»، فيما قدّرت وسائل إعلام محلية العدد أحياناً بأربعة قتلى مع وقوع عشرات الجرحى.

سيُنقل جثمان أودينغا لاحقاً إلى غرب كينيا، مسقط رأس أسرته، حيث يتوقع أن تتجمع حشود كبيرة يوم السبت، تليها مراسم دفن خاصة الأحد.

تُشكل وفاته فراغاً في قيادة المعارضة مع اقتراب البلاد من انتخابات قد تحمل في طياتها مخاطر تقلبات سياسية قبل موعدها في 2027.