تقرير: مذبحة فرنسية لجنود أفارقة خلال الحرب العالمية الثانية — عمل مُتعمد وتغطية مُمنهجة

نتائج جديدة تكشف أن حصيلة ضحايا مذبحة ثياروي كانت أعلى بكثير مما أُعلن — بين 300 و400 قتيل

قدمت لجنة بحثية برئاسة المؤرخ ممدو ديوف تقريرًا مفصلاً من 301 صفحة إلى رئيس السنغال باسيرو ديوماي فاي، وفق ما اطلعت عليه وكالة الصحافة الفرنسية. يخلص التقرير إلى أن مذبحة راشميين أفارقة خاضوا الحرب العالمية الثانية مطالبين بمستحقاتهم سنة 1944 لم تكن حادثة عفوية، بل محاولة ممنهجة للتغطية والطمس، وأن عدد القتلى تَناقص في الروايات الرسمية إلى نحو 35 بينما الأدلّة تشير إلى مئات الضحايا.

ملخص النقاط الرئيسة للتقرير:
– التقرير يستعيد حقائق «طُمِرت» عمداً داخل ثنايا الأرشيفات الإدارية والعسكرية وأُفرج عنها بقطعٍ وبَين، ما استلزم إعادة بناء زمن الأحداث من مصادر متفرقة.
– من الصعب اليوم تحديد الحصيلة النهائية للقتلى والجرحى بدقة، لكن التقارير المبكرة التي ذهبت إلى نحو 35 أو 70 قتيلاً وُصفت بأنها «متناقضة وزائفة بشكل صارخ»، بينما أشار الباحثون إلى أن «أكثر من 400 راشمي اختفوا كما لو لم يكونوا موجودين». ورجّحوا أن الرقم الأكثر مصداقية يقع بين 300 و400 قتيلاً.
– المذبحة «استُهدفت بها رسالة تفيد بأن النظام الاستعماري لا يمكن أن يهتز بتأثيرات الحرب العالمية الثانية المنطلقة نحو التحرر»، وبناءً عليه «خططت لها بشكل متعمّد ونُفذت بتنسيق واضح». ولو كان لدى الرشميين أسلحة لما تركوا أنفسهم، لكن التقرير يذكر أنه «لم يرد ذكر أي فعل مقاوم» من جانبهم.
– القتل لم يقتصر على معسكر ثياروي بل يُعتقد أن بعض القتلى سقطوا أيضاً بمحطة القطار.

خلفية تاريخية وسياق:
نُقل نحو 1300 جندي من بلدان غرب أفريقيا في نوفمبر 1944 إلى معسكر ثياروي بعد أن أُسروا على يد القوات الألمانية أثناء قتالهم في صفوف فرنسا. تصاعد السخط سريعاً بسبب الأجور المتأخرة والمطالبة بالمساواة في المعاملة مع الجنود البيض. في الأول من ديسمبر من تلك السنة فتحت القوات الفرنسية النار عليهم.

يقرأ  ما الدوافع التي تجعل روسيا تسعى للسيطرة على دونباس الأوكراني؟أخبار الحرب الروسية‑الأوكرانية

التلاعب بالأدلّة والتغطية:
– في الأيام التالية للمذبحة بَذلت السلطات الفرنسية جهوداً مكثفة للتستر، شملت تعديل سجلات مغادرة الرشميين من فرنسا ووصولهم إلى دكار، وتزوير أعداد الجنود في ثياروي، وتغيير وقائع أخرى.
– خلص التقرير إلى أن «بعض الأرشيفات الإدارية والعسكرية لا يمكن الوصول إليها أو تحمل تناقضات، بينما اختفت أخرى أو زُورت».
– نقل الوثائق إلى فرنسا خلق غياباً كبيراً للمواد المصدرية المتعلقة بالمذبحة في دكار، حيث تتركز أرشيفات المستعمرات الفرنسية السابقة في غرب أفريقيا، ما أعاق توفّر الوثائق المحلية.

تعاون محدود وامتناع عن الإفصاح:
أفاد الفريق أن أبحاثه انتفعت من تعاون معيّن داخل الأرشيفات الفرنسية، لكن «العديد من تساؤلاتنا وطلباتنا اصطدمت بجدار من الدخان والمرايا»، وفق نص التقرير.

التوصيات:
– التماس إعلان من المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان يقرّ بأن مذبحة ثياروي تشكل انتهاكاً واسعاً وواضحاً لحقوق بشر الرشميين.
– دعوة فرنسا إلى أن تبادر بطلب اعتذار رسمي موجّه إلى عائلات الضحايا والمجتمعات والسكان في البلدان التي جاء منها الرشميون.

هذا التقرير يعيد فتح صفحة مؤلمة من تاريخ المواجهات بين المطالب بالعدالة ومصالح النظام الاستعمارية، ويضع حجر أساس لمساءلات قانونية ودبلوماسية قد تليها خطوات نحو الاعتراف والتعويض.