جون لاندو، جامع الأعمال الفنية، استوحى إلهامًا كبيرًا من معرض «سيينا» في متحف المتروبوليتان

بالنسبة لي ولزوجتي باربرا، كانت أفضل معرض شاهدناه خلال العام الماضي هو ذلك الذي يتقاطع أكثر مع اهتماماتنا الجمعيّة: «سيينا — نهضة التصوير، 1300–1350»، الذي افتتح في متحف متربوليتان للفنون في نيويورك قبل أن ينتقل إلى المعرض الوطني في لندن. لقد زرناه في نيويورك خريف العام الماضي، حيث كان تحت إشراف ستيفان وولوهويان، كبير أمناء قسم اللوحات الأوروبية في المتحف، وقد شكّل عرض المتحف تحفة في فن تقديم المعارض. جودة اللوحات ومستوى إعاراتها كانا غير مسبوقين في الولايات المتحدة، وأكثر من مئة عمل فني معروض — كل واحدٍ مختار بعناية تامة — تكامل مع تصميم مذهل وإضاءة مدروسة وتنظيم مكاني دقيق واختيار ألوان الجدران. كل تفصيل كان درسًا ملكيًا في فن إقامة معرض متحفي من الطراز الأوّل.

مقالات ذات صلة

مستوحًى من احتفال هذا المعرض بأربعة فنانين سينيين محوريين — دوتشّو دي بويونيسنّا، سيموني مارتيني، بيترو لورينزتي، وأمبروجيو لورينزيتي — قررت أن أجدّد اطلاعي على هؤلاء الفنانين ومعاصريهم، وخططت لزيارة عائدة لمدة أسبوع إلى بيروجيا وآسيزي وفلورنسا وبالطبع سيينا. في بيروجيا وآسيزي، راجعت الرواد من القرن الثالث عشر، مثل «سيد القديس فرنسيس» بلوحته الصليبية البديعة (1272) في بيروجيا ولوحاته الجدارية التي لا تُنسى في الكنيسة السفلية بكنيسة القديس فرنسيس في آسيزي. وعلى بضع خطوات فقط توجد الفريسكو الرائع الذي أعُيد ترميمه مؤخرًا لسيما بايكي («مادونا على العرش مع الطفل والقديس فرنسيس والقديس دومينيك وملاكان» حوالَي 1285–88). وعلى مقربة من تلك مادونا المجيدة تبرز مساهمات بيترو لورينزتي وسيموني مارتيني الفسيفسائية بالجمال ذاته. معًا، تُصنّف مساهمات سيد القديس فرنسيس وسيما بايكي وبييترو لورينزتي وسيموني مارتيني، إلى جانب أعمال كثيرين آخرين، الكنيسة السفلية كواحدة من أعظم وجهات الفن في إيطاليا بأسرها.

يقرأ  وزارة العدل الأمريكية تطلب من المحكمة حكماً طارئاً لإزالة كوك من عضوية مجلس الاحتياطي الفدرالي — أخبار البنوك

وطبعًا، فإن الكنيسة العلوية للبازيليكا تُعدّ أيضًا من أهم المعالم الفنية الإيطالية، ولا يتطلب الوصول إليها سوى صعود سلم قصير. الجذب الرئيسي هناك هو تلك الـ28 لوحة جدارية ضخمة التي تروي حياة القديس فرنسيس، مرتّبة على ثلاثة مستويات سردية يتدرّج فيها الحدث من الأعلى إلى الأسفل. ظلّت نسبة إضافة هذا العمل المهيب موضوع نقاش طويل؛ إذ أطلقت بعض اللوحات الجدارية تساؤلات بشأن نسبتها الأصلية إلى جيوتّو نتيجة اختلافات أسلوبية واضحة.

في زيارتي تلك، وبفضل مساعدة أصدقاء، استطاع مجموعة صغيرة منا أن نسهر على مشاهدة البازيليكا ليلاً بضوء الشموع — تجربة ستبقى محفورة في ذهني مدى الحياة. ومع وجود مؤرخين مختصين رافقونا، تطلّعنا إلى النقاشات الجادة التي أوضحت أن حضور جيوتّو، وإن كان محط جدل طويل، فقد تُثبت وجوده بأدلة مُقنعة. الرؤية السائدة الآن أنها بدأ كواحد من العديد من الفنانين الذين عملوا في الطبقة العليا من الجداريات، وربما تحت توجيه سيما بايكي، لكنه برز لاحقًا كأعظم مساهم في السلسلة. وبحلول المستوى السفلي الأكثر سهولة في المشاهدة، ثمة اتفاق واسع على أننا أمام جيوتّو المبكّر. حقيقة أننا نُدرك بوضوح تَأسيس الفن الفلورنسي في الكنيسة العلوية، وتَأسيس الفن السينيي على بعد خطوات قليلة أسفلًا — وفي توقيت يقارب الدقة الزمنية — تُعدّ من أغرب وأعظم الوقائع في تاريخ الفن كله.

فرّقنا كذلك كرم الإخوة الفرنسيسكانيين الناشطين الذين يعيشون ويَدرّسون ويعملون في البازيليكا، إذ دعونا إلى تناول وجبة جماعية معهم في سكنهم المجاور للكنيسة العلوية. كانت لحظة مؤثرّة وممتعة أظهرت أن روح القديس فرنسيس من آسيزي ما زالت حيّة بقوّة.

في فلورنسا راجعت مرة أخرى التداخلات نفسها بين الرسم السينيي والفلورنسي. يظل مكتب أوفيتسي يعرض «مادونا روتشيلّا» لدوتشّو بارتفاع يقارب خمسة أمتار (حوالي 1285)، بجانب أعمال رائعة ومقابلة لزملائه الفلورنسيين مثل جيوتّو وسيما بايكي، ما يمنحنا أوضح صورة ممكنة عن تفاعل فنون المدرستين العظمتين. ومع ذلك، كانت سيينا — محطتي الأخيرة في الرحلة — المكان الذي عشت فيه أقوى الانطباعات.

يقرأ  ريان روث يبدأ الدفاع عن نفسه في محاكمة محاولة اغتيال دونالد ترامب

في كاتدرائية سيينا ومتحف الأوبرا المرافق لها، اطلعنا على دور النحت في تطور الفن هناك. من بين المعالم البارزة أُعمال دوناتيلّو من اللوحات البرونزية — ونحن محظوظان أنا وباربرا بامتلاكنا تمثالتين لهذا الفنان الشهير — ومنحوتات الرخام لآرنولفو دي كامبيو. وقد اقتنينا مؤخرًا بورتريهًا لآرنولفو نُحِت بالحجر ويعود إلى نهايات القرن الثالث عشر. مشاهدة هذه الأعمال بوفرة وتفصيل كانت متعة أخرى تضاف إلى روعة الرحلة.

عدنا إلى سيينا قبل سنوات لمعاينة معرض مخلّد لأعمال أمبروجيو لورينزيتي، وقد عُرض حصريًا في متحف سانتا ماريا ديلا سكالا في المدينة، وكان من أرقّ العروض المعروضة لفنّ العبادة الذي شهدناه على الإطلاق. وفي زيارتي الأخيرة رتب لي أصدقاء أن أعتلي السقالات حيث تُجرى أعمال صيانة تحفته «تمثيل الخير والشر في الحكم» (1338–39). عادةً ما يراقب الجمهور العمل من مسافة معقولة، لكن هذه كانت فرصة نادرة لمعاينة التفاصيل الاستثنائية في الوجوه ولغة الأجساد لكل شخصية، رغم أن الفنان بلا شك كان يعلم أن القليلين فقط سيقتربون إلى هذا الحدّ ليدركوا تلك الدقائق.

أعظم كشف بالنسبة إليّ كان عند مشاهدة المشهد الطبيعي الكبير في أقصى اليمين من مشهد «آثار الحكم الصالح في الريف». رؤية ذلك عن قرب والتمكّن من متابعة كل ضربة فرشاة شعرتني وكأنني أشهد ولادة اللوحة الطبيعية الحديثة. اختفت الشجيرات الكرتونية التي تنبت فوق تلة صخرية — سمة مألوفة في مناظر الخلفية المذهّبة في تلك الحقبة — وحلّ مكانها أفق حقيقي، وتصوير حي لأنواع متعدّدة من النباتات والحيوانات، وصيادو الصقور موضوعون في منظور صحيح أمام الأرض والسماء. المشهد موحَّد زمنًا ومكانًا، وعلى مقياس جليل وملحمي.

نحن — باربرا وأنا — نجمع لوحات القرن التاسع عشر الفرنسية إضافةً إلى لوحات وتماثيل عصر النهضة، وفنانونا المفضلان في القرن التاسع عشر هما كوربيه וקورُو (Corot). بعودتي من رحلتي الإيطالية، نظرت مجددًا إلى مناظرهما الثورية في القرن التاسع عشر، وشعرت بلا ريب بخطّ مستقيم يربطني مباشرةً بالإبداع الفريد والأبدي لأمبروجيو لورينزيتي. من بين أربعة روّاد الرسم السينيي، أميل إلى اعتبار هذا المشهد علامةً على أن أمبروجيو كان أكثرهم رؤيةً وفطنة.

يقرأ  الأمير أندرو يتخلى عن لقبه الملكي في خضم مزاعم مرتبطة بإبستين — أخبار الاعتداء الجنسي

أضف تعليق