جين لومبارد تستعرض ثلاثين عاماً من الفن والسياسة

عندما بدأت جين لومبارد مسيرتها في عالم الفن في تسعينيات القرن الماضي، كانت ضمن وفد سافر الى بولندا لمساعدة فنانين من شرق أوروبا على عرض أعمالهم في الولايات المتحدة قبل نهاية الحرب الباردة بثوانٍ، أو بالأحرى قبل لحظات تحوّل التاريخ.

بعد ثلاثة عقود، جلست لومبارد خلف مكتبها في صالة العرض التي تديرها في حي تريبيكا بنيويورك، تتحدث عن نيتها الانضمام إلى مئات الآلاف من الأمريكيين للاحتجاج ضد تآكل الحريات وصعود النزعات السلطوية في البلاد، في موكب No Kings Day يوم السبت المقبل، 18 أكتوبر.

«لا تراجع هنا عن مثل هذه القضايا، لكنها قادمة. انظروا إلى شيكاغو، هناك من يقاوم»، قالت لومبارد لـ Hyperallergic، مشيرة إلى محاولات الرئيس ترامب نشر الحرس الوطني في إلينوي.

في وقت يبدو فيه عالم الفن المعاصر وكأنه يبتعد عن السياسة، مع مؤسسات عدة تتراجع بهدوء عن عروض تتحدى سياسات الإدارة الحالية، تؤمن لومبارد أن كل سياسات العصر تصبح شخصية. معرضها الحالي 30 X 30: مجموعة من ثلاثين فنانًا على مدى ثلاثين عامًا، الذي افتتح في الخامس من سبتمبر، هو انعكاس للفن الذي أحبته أكثر من غيره: أعمال حادة، وأحيانًا صادمة، تحمل رسائل اجتماعية وسياسية واضحة.

كما يمثل المعرض عودة لبيت الفنانين العديدة الذين مثّلتهم وعرَضت أعمالهم في صالاتها في سوهو وتشيلسي وتريبيكا، حيث انتقلت إلى 58 شارع وايت في 2020. هؤلاء الفنانون يأتون من أكثر من اثنتي عشرة دولة — الصين وتايوان والمغرب وتركيا وميانمار بينهما — وبعضهم فرّ من أوطانهم لاجئًا أو منفيًا، لكنهم يتقاسمون سمات مشتركة.

«الكثير من الفنانين يستكشفون هوياتهم وبلدانهم في أعمالهم»، تقول مآنا تايلور، منسقة العلاقات الصحفية في المعرض. «بعض الأعمال تتعمق في عناصر معمارية ومناظر طبيعية، بينما ينظر آخرون إلى الجسد بطريقة أكثر دقة ورقّة».

يقرأ  صعودأحجيات الفن المعاصر

يتضمن المعرض منحوتة متلألئة من زجاج الكريستال متعدد الألوان على شكل فاصلة عُلوية (أبوستروف) لفيَا ليفاندوفسكي، تعود إلى 2023؛ كان هذا الفنان أحد الذين عرضتهم لومبارد في أول معرض نظمته عام 1995. سمّاها «بريق الحذف» لأن الفاصلة تُستخدم كحشو لتفادي كتابة كلمة «الله» في نصوص عبرية.

قريبًا منها تقبع منشأة من عام 2016 للفنان منير الفاتمي، تتألف من 14 لوح تزلج مفروش بسجاد صلاة إسلامي، بعنوان «أقصى إحساس». رتب الفاتمي هذه الألواح المخملية على شكل منحنى جرس ليصور ما قد يبدو عليه حيلتهكّ (kick-flip) ببطء شديد، تعبيرًا عن التفاني الشبه ديني لبعض متسلقي الألواح وتلاقح الثقافة الشعبية بين أمريكا والعالم الإسلامي.

أما العمل الأكثر طابعًا سياسيًا في المعرض فقد يكون تماثيل مارجريتا كابريرا القماشية لصبار مزروَع داخل أوانٍ متجمعة في مركز القاعة. نظمت كابريرا ورش عمل في إل باسو عام 2016 مع مهاجرين دخلوا البلاد حديثًا بدون أوراق رسمية، حيث تطريهم النجوم ورموزًا أخرى على أوراق الصبار المزيفة التي جمعتها من مخلفات وعُيارات من زي دوريات الحدود. لم تُذكر أسماء مساعدينها في ملصق المعرض حفاظًا على هوياتهم. ولا تقتصر سياسة كابريرا على أعمالها فحسب: فقد انسحبت هي والفنان نيكولاس جالانين مؤخرًا من ندوة في مؤسسة سميثسونيان أُجريت خلف أبواب مغلقة وبالدعوة فقط، وهو ما وصفتْه كابريرا بـ«الرقابة الصامتة».

في مؤخرة الصالة، يقف تمثال خزفي أصفر بطول 12 بوصة لريتشارد إبغي وماريلوا ليمينس، يشبه زوجًا من الجينز المقلوب على قاعدة عرض. العمل (2022) بعنوان «المدبر» جسّد تمزقات وخدوشًا استراتيجية على القماش تمثل شفرة مورس، التي استخدمها معارضون للرئيس التركي رجب طيب أردوغان لتبادل رسائل سرية.

في الطابق السفلي، سيجد الزائرون عملين بارزين لفنانين صينيين من القرن الحادي والعشرين يوازنان بين العالم الواقعي والافتراضي. تُظهر الطبعة الرقمية للفنانة بكين كاو في «RMB CITY 1» (2007) أفق مدينة صينية خيالية أنشئت داخل لعبة العالم الافتراضي Second Life، محاطة ببحار متصاعدة؛ ومن يدقق سيجد استاد بكين الوطني بين ناطحات السحاب.

يقرأ  متحف ألماتي الجديد للفنون في كازاخستان يحتفي بفنون آسيا الوسطى

لو يانغ، المقيم في طوكيو، يستكشف أيضًا تداخل الإيمان وشخصيات ألعاب الفيديو. تحتوي صورة صندوق ضوئي من 2022 بعنوان «DOKU – The Matrix #2» على عدة نماذج من الفنان مرتدية أزياء ترمز إلى العوالم البوذية المختلفة للوجود. وتقول صالة جين لومبارد إنها كانت من أوائل من عرضوا أعماله في الولايات المتحدة.

لبعض الأعمال صِلات شخصية خاصة مع لومبارد كذلك. يتضمن عمل مارك برادفورد المزيج الوسائطي من 2002 «حمائم نتنة» عدداً كبيرًا من الأوراق المقاومة للحرارة المُلصقة على القماش في إشارة إلى عمل والدته كحلاق/ة. في ذلك العام أنشأ برادفورد أيضًا تركيبًا لمحل تجميل عامل في آرت بازل ميامي بيتش بعنوان «فوكسيه هير»، حيث كان هو وفريقه يقومون بتصفيف شعر الزوار.

«هناك قامت جين بتمييز خصلتها الحمراء التي مازالت تحتفظ بها حتى اليوم»، قالت تايلور.

أضف تعليق